«قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسول» هذا المقطع من قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي تعلمناه عندما كنا طلاباً في المرحلة الابتدائية وبقي راسخاً في أذهاننا يعبر لنا عن المكانة المرموقة للمعلم كما يعبر لنا عن احترام كل من سبقونا في العلم والمعرفة واستفدنا من علمهم في تسيير مشوار حياتنا ولم نفكر في لحظة أن نتمرد عليهم أو نصفهم بصفات دنيا تقلل من مكانتهم، ومن يجرؤ على فعل هذا التجاوز فإنه يدخل في خانة الجاحد المغرور الذي سرعان ما يسقط ولا يبلغ مبتغاه.
هذه المقدمة أسوقها تعقيباً على موقف أحد المشاركين في دورة القوالب الصحافية التي نظمتها اللجنة الإعلامية بالاتحاد البحريني لكرة القدم مطلع هذا الأسبوع حين علل تسرع بعض الزملاء الشباب في كتابة العمود الصحافي بالتمرد على جيل الرواد الذين وصفهم بالمطبلين والمزمرين بدلاً من أن يثني على جهودهم الكبيرة التي بذلوها متحدين أحلك الظروف ليؤسسوا لصحافة رياضية مثالية!
ما كنت أتمنى أن تصدر هذه العبارة من صحافي شاب يدعي العلم والمعرفة وينشد المستقبل المشرق لمسيرته الصحافية، خصوصاً وأن مداخلته تمت خلال محاضرة متخصصة في مجال كتابة العمود الصحافي والأسس التي من المفترض أن تتوافر في كاتب العمود وهي أسس يعرفها كل ضليع في مجال الصحافة!
ما كان يستوجب على هذا الصحافي أن يذهب إلى مثل هذه العبارة المسيئة ليبرر بها تسرعه في كتابة العمود وهو لايزال في بداية الطريق وأن عليه أن يقطع العديد من المحطات لكي يصل إلى مرحلة كتابة الرأي الصحافي!
ثم إنه ما كان يستوجب عليه أن يتهم جيلاً بأكمله بعبارة التطبيل والتزمير علماً بأن هذا الجيل المتهم بهذه الأوصاف المسيئة هو من وضع اللبنات الأولى للصحافة الرياضية البحرينية وهو الجيل الذي ساهم في حل قضايا رياضية شائكة وكانت له طروحات غاية في الجرأة والمصداقية.
لا أدري لماذا يحاول بعض الشباب أن ينسفوا تاريخ من سبقوهم ويصفوهم بصفات مسيئة كالحرس القديم، في الوقت الذي نجد الدول المتقدمة تقدر روادها في شتى المجالات وتفخر بعطائهم وتجعل منهم رموزاً للأوطان .
أنا كواحد من رواد العمل الصحافي الرياضي في البحرين حز في نفسي كثيراً ما أثير في تلك المحاضرة من عبارات مسيئة لي ولرفقاء دربي الذين تحملوا الكثير من المتاعب من أجل أن يؤسسوا قاعدة الصحافة الرياضية البحرينية وهذا ما دفعني للتعقيب على تلك العبارات التي لا تتفق مع مبادئ وقيم المهنة.
نحن نريد أن نؤسس لعلاقة تكاملية بين جيل الرواد وجيل الشباب إيماناً منا بأن كل جيل يتعلم من الجيل الذي سبقه ويسعى لتحقيق المزيد من التطوير للجيل القادم وهكذا تسير الحياة إلى الأفضل دون الإساءة للغير.
أتمنى أن تصل هذه الرسالة إلى من يعنيه الأمر وأن يجعل منها منطلقاً لمشواره الصحافي وأن يؤمن بأن الإنسان يبقى يتعلم حتى آخر رمق في حياته.