بحسب مصادر خاصة، فإن اجتماعات تعقد هذه الأيام في وزارة التنمية الاجتماعية تضم عدة جهات حكومية لوضع تصورات تطبيق رفع الدعم عن بعض السلع، والحديث يبدو بشكل خاص عن اللحوم المدعومة حكومياً منذ فترة طويلة.
من ضمن ما يطرح في الاجتماعات بوزارة التنمية هو تهيئة الرأي العام بحملات إعلامية قوية عبر كل الوسائل الرسمية وغير الرسمية حتى يتقبل الناس خبر رفع الدعم عن اللحوم واستبداله بوضع بضعة دنانير في حساب الأسرة تعويضاً عن رفع الدعم.
في تقديري تعتبر هذه أفضل فرصة للدولة لتمرير مشروعات رفع الدعم من حيث ضعف البرلمان، وليس أفضل فترة من حيث «التوقيت السياسي» للبلاد.
البرلمان كما ترون وتشاهدون، مع احترامي للشخصيات المحترمة التي ضاع صوتها وسط حالة من الجدال العقيم، والبحث عن الهوامش، وترك صلب القضايا المصيرية، رفع الدعم في هذا التوقيت هو ذكاء حكومي، فالبرلمان في نهاية دورته، والنواب يبدو أنهم لن يحركوا ساكناً، فقد صرح أغلبهم أنهم مع إعادة توجيه الدعم، لكن النواب لم يقولوا لنا عن الآليات وقيمة التعويض الذي سيحصل عليه المواطن.
غالبية أهل البحرين يريدون أن يصل الدعم للمواطن فقط، خاصة بعد أن صرح الوزير الهندي أن هناك 300 ألف هندي يعمل بالبحرين، وهذا جنسية واحدة فقط، فما بالكم بالجنسيات الأخرى، لذلك فإن اللحوم تذهب إلى غير المواطن، وإلى الشركات وإلى الفنادق والمطاعم، وهذا يجعل نسبة كبيرة من الدعم تذهب إلى أطراف ليست معنية بالدعم.
السؤال هنا هو كيف أوجه الدعم ليصل للمواطن دون أن يتأثر المواطن، ولا ترتفع الأسعار بشكل فجائي فتحدث هزة كبيرة في الأسواق وفي جيوب المواطنين، هذا هو السؤال.
نتفق مع أن الدعم يجب أن يوجه ليصل إلى المستحق الحقيقي المقصود بالدعم، لكن إذا تم إعادة توجيه الدعم فهل سيحصل رب الأسرة على الدعم الذي يوازي ارتفاع الأسعار في الأسواق؟
نقول مخلصين للدولة؛ إن التوقيت السياسي ليس مناسباً لفعل هزات في المجتمع تتعلق بالغذاء، من يقرأ التاريخ يعرف أن التوقيت السياسي (توقيت القرارات المصيرية) في عمر الحكومات يعتبر عامل حسم إما لصالح الحكومة وإما أن يكون ضدها، من هنا يجب أن تعرف الدولة متى تذهب إلى تطبيق إعادة توجيه الدعم مع التركيز على أن تكون القيمة التي تعطيها الدولة للمواطن توازي ارتفاع الأسعار.
من يغفل التوقيت السياسي لتغيير بعض الأمور التي تتعلق بالمجتمع وقوت أهل البلد هو لا يرى الصورة الحقيقية، إنما يرى جزءاً من الصورة، هذا ما نقوله اليوم، فقط للتنبيه وللذكرى، عل ما نطرح أن يكون حقيقياً وواقعياً.
تدحرج كرة رفع الدعم عن الديزل واللحوم، ولا أعلم هل الطحين أيضاً، كل ذلك يتعلق بقوت الناس فلا ينبغي اللعب في هذه الموضوع دون دراسات حقيقية ودون أن تتأكد الدولة من أن القيمة الحقيقية التي سيعوض عنها المواطن جراء ارتفاع الدعم ستكون موازية لارتفاع الأسعار في كل مكان، وبالتالي ستصبح لدينا مشكلة تضخم يصعب السيطرة عليها.
في تقديري الشخصي فإن هناك مسألة يجب أن تعالجها الدولة بشكل أساس وكبير وبصورة قانونية وصارمة، فنحن دولة ضعيفة الرقابة على الأسواق والسلع وعلى التلاعب بالأسعار، وزارة الصناعة لا تلبث تذكرنا أن لديها خمسة موظفين، وبقية المعزوفة، فكيف ستراقبون التلاعب بالأسعار، والدولة لا تمتلك جهازاً رقابياً قوياً وصارماً ويحيل بشكل نافذ أي متلاعب للنيابة العامة ويغلق محله فترة طويلة من أجل أن يرتدع البعض.
قبل التفكير في إعادة توجيه الدعم يجب أن تطبق الدولة سياسات صارمة على مراقبة الأسعار والتلاعب فيها، بل يجب أن توضع الدولة هامش ربح يتعلق بالسلعة قياساً ببلد المنتج، وبكلفة الشحن، وإلا فإن هناك من يضع هامش ربح خيالي، ولا أحد يعاقبه أو يحيله للجهات القانونية.
هناك أزمة حقيقية في الرقابة على الأسواق، قبل أن نعالج موضوع إيصال الدعم لمستحقيه علينا أن نحكم الرقابة على كل من يتلاعب بالأسعار.
التذرع بالدّين العام لرفع الدعم عن السلع لا يتقبله المواطن، فالمواطن حتى وإن كان صامتاً إلا أنه يعلم حقيقة الدين العام، ولماذا تفاقم، ليس من دعم السلع، وإنما من أخطاء وفساد يضرب وزارات بعينها لكن الدولة لا تعالجه، ولا تحيل المتلاعبين بالمال العام للنيابة، ناهيك ما يضخ من ملايين من الدنانير في شركة طيران الخليج.
فما يضخ في طيران الخليج سنوياً أكبر من قيمة دعم السلع ربما بثلاث مرات، وهذا الأمر يجب التوقف عنده، كما أن فساد السنوات الطويلة في طيران الخليج لا يتحمله المواطن.
الناس صامتون نعم، لكن لا تظنون أنهم لا يعلمون، رجل الشارع يخبرك ربما عن أمور أكثر مما تتوقع، كما أن جيل الشباب اليوم أصبح لديه فكر واطلاع ويعلم ماذا يجري، استغفال كل هؤلاء لن يكون جيداً.
موضوع إعادة توجيه الدعم ليس موضوعاً عادياً، ولا يجب أن يترك لموظفين حكوميين ربما لا يحسبون الأمور الكبيرة في الدولة بشكل دقيق، هذا الموضوع يحتاج إلى اقتصاديين وإلى سياسيين، وإلى أناس يعرفون حساب تبعات هذا الرفع بشكل دقيق، وهذا مع كامل احترامي لمن يعمل على وضع تصورات رفع الدعم غير متوفر.
الحساب الاقتصادي لا يجب أن يبتعد عن الحساب السياسي والاجتماعي، فقد تصحح بعض الأمور الاقتصادية لبعض الوقت لكن الأمور السياسية والاجتماعية قد تنسف في لحظة فارقة كل الحسابات، وهذا ما نعنيه ويجب تقديره.
الذي عرفته أن قيمة «بدل اللحوم» الذي سيدخل حساب المواطن يعتبر زهيداً جداً، وهذا الأمر مقلق للجميع، ذلك أن الأسعار ستقفز عن وضعها الحالي، إذا كانت الدولة تريد أن تقارن بيننا وبين دول أخرى مجاورة، فيجب أن يوضع معيار الراتب أولاً، فحين ترتفع الأسعار في الإمارات أو قطر أو الكويت، فإن الراتب كبير ويعوض الفارق، فهل هذا متحقق هنا؟
أطرح ما أطرح وأنا مع إيصال الدعم للمواطن فقط، لكني أناقش الكيفية لذلك، أناقش قيمة التعويض في حساب المواطن والآلية التي تضمن عدم ارتفاع الأسعار.
تحدث قبل فترة مسؤولون عن أن هناك فكرة بطاقة تموينية للمواطن، بتصورات معينة تأخذ تجارب عدة دول حتى لا يحدث تلاعب، وأن هناك مراكز تخصص للمواطنين فقط لأخذ السلع المدعومة، لا أعرف هل هذه الفكرة قائمة، أم أنها استبعدت؟
في موضوع اللحوم قد يستطيع المواطن أن يصبح نباتياً بفعل وجع جيبه، لكن هل أسعار الخضروات مستقرة أيضاً؟
أعتقد لا حتى مع كل تطمينات وزارة الصناعة، فما نشاهده من ارتفاع في أسعار الخضروات والفواكه يجعلنا نقول إن هذا البلد يتلاعب به أباطرة وتجار الأسواق، والضحية هو المواطن.
مع كل تقديري لموضوع إيصال الدعم للمواطن فقط، وهو توجه صحيح، إلا أن تبعات هذا الإجراء تجعلنا نحذر من التوقيت السياسي لهذا الفعل، فقد يوحد هذا الفعل المتخاصمين سياسياً، وجعل أياديهم في أيادي بعض لخدمة قضية شعبية تتعلق بقوت يومهم.. الحساب السياسي لا يغيب عن أصحاب النظرة البعيدة، والفكر الكبير..!!
{{ article.visit_count }}
من ضمن ما يطرح في الاجتماعات بوزارة التنمية هو تهيئة الرأي العام بحملات إعلامية قوية عبر كل الوسائل الرسمية وغير الرسمية حتى يتقبل الناس خبر رفع الدعم عن اللحوم واستبداله بوضع بضعة دنانير في حساب الأسرة تعويضاً عن رفع الدعم.
في تقديري تعتبر هذه أفضل فرصة للدولة لتمرير مشروعات رفع الدعم من حيث ضعف البرلمان، وليس أفضل فترة من حيث «التوقيت السياسي» للبلاد.
البرلمان كما ترون وتشاهدون، مع احترامي للشخصيات المحترمة التي ضاع صوتها وسط حالة من الجدال العقيم، والبحث عن الهوامش، وترك صلب القضايا المصيرية، رفع الدعم في هذا التوقيت هو ذكاء حكومي، فالبرلمان في نهاية دورته، والنواب يبدو أنهم لن يحركوا ساكناً، فقد صرح أغلبهم أنهم مع إعادة توجيه الدعم، لكن النواب لم يقولوا لنا عن الآليات وقيمة التعويض الذي سيحصل عليه المواطن.
غالبية أهل البحرين يريدون أن يصل الدعم للمواطن فقط، خاصة بعد أن صرح الوزير الهندي أن هناك 300 ألف هندي يعمل بالبحرين، وهذا جنسية واحدة فقط، فما بالكم بالجنسيات الأخرى، لذلك فإن اللحوم تذهب إلى غير المواطن، وإلى الشركات وإلى الفنادق والمطاعم، وهذا يجعل نسبة كبيرة من الدعم تذهب إلى أطراف ليست معنية بالدعم.
السؤال هنا هو كيف أوجه الدعم ليصل للمواطن دون أن يتأثر المواطن، ولا ترتفع الأسعار بشكل فجائي فتحدث هزة كبيرة في الأسواق وفي جيوب المواطنين، هذا هو السؤال.
نتفق مع أن الدعم يجب أن يوجه ليصل إلى المستحق الحقيقي المقصود بالدعم، لكن إذا تم إعادة توجيه الدعم فهل سيحصل رب الأسرة على الدعم الذي يوازي ارتفاع الأسعار في الأسواق؟
نقول مخلصين للدولة؛ إن التوقيت السياسي ليس مناسباً لفعل هزات في المجتمع تتعلق بالغذاء، من يقرأ التاريخ يعرف أن التوقيت السياسي (توقيت القرارات المصيرية) في عمر الحكومات يعتبر عامل حسم إما لصالح الحكومة وإما أن يكون ضدها، من هنا يجب أن تعرف الدولة متى تذهب إلى تطبيق إعادة توجيه الدعم مع التركيز على أن تكون القيمة التي تعطيها الدولة للمواطن توازي ارتفاع الأسعار.
من يغفل التوقيت السياسي لتغيير بعض الأمور التي تتعلق بالمجتمع وقوت أهل البلد هو لا يرى الصورة الحقيقية، إنما يرى جزءاً من الصورة، هذا ما نقوله اليوم، فقط للتنبيه وللذكرى، عل ما نطرح أن يكون حقيقياً وواقعياً.
تدحرج كرة رفع الدعم عن الديزل واللحوم، ولا أعلم هل الطحين أيضاً، كل ذلك يتعلق بقوت الناس فلا ينبغي اللعب في هذه الموضوع دون دراسات حقيقية ودون أن تتأكد الدولة من أن القيمة الحقيقية التي سيعوض عنها المواطن جراء ارتفاع الدعم ستكون موازية لارتفاع الأسعار في كل مكان، وبالتالي ستصبح لدينا مشكلة تضخم يصعب السيطرة عليها.
في تقديري الشخصي فإن هناك مسألة يجب أن تعالجها الدولة بشكل أساس وكبير وبصورة قانونية وصارمة، فنحن دولة ضعيفة الرقابة على الأسواق والسلع وعلى التلاعب بالأسعار، وزارة الصناعة لا تلبث تذكرنا أن لديها خمسة موظفين، وبقية المعزوفة، فكيف ستراقبون التلاعب بالأسعار، والدولة لا تمتلك جهازاً رقابياً قوياً وصارماً ويحيل بشكل نافذ أي متلاعب للنيابة العامة ويغلق محله فترة طويلة من أجل أن يرتدع البعض.
قبل التفكير في إعادة توجيه الدعم يجب أن تطبق الدولة سياسات صارمة على مراقبة الأسعار والتلاعب فيها، بل يجب أن توضع الدولة هامش ربح يتعلق بالسلعة قياساً ببلد المنتج، وبكلفة الشحن، وإلا فإن هناك من يضع هامش ربح خيالي، ولا أحد يعاقبه أو يحيله للجهات القانونية.
هناك أزمة حقيقية في الرقابة على الأسواق، قبل أن نعالج موضوع إيصال الدعم لمستحقيه علينا أن نحكم الرقابة على كل من يتلاعب بالأسعار.
التذرع بالدّين العام لرفع الدعم عن السلع لا يتقبله المواطن، فالمواطن حتى وإن كان صامتاً إلا أنه يعلم حقيقة الدين العام، ولماذا تفاقم، ليس من دعم السلع، وإنما من أخطاء وفساد يضرب وزارات بعينها لكن الدولة لا تعالجه، ولا تحيل المتلاعبين بالمال العام للنيابة، ناهيك ما يضخ من ملايين من الدنانير في شركة طيران الخليج.
فما يضخ في طيران الخليج سنوياً أكبر من قيمة دعم السلع ربما بثلاث مرات، وهذا الأمر يجب التوقف عنده، كما أن فساد السنوات الطويلة في طيران الخليج لا يتحمله المواطن.
الناس صامتون نعم، لكن لا تظنون أنهم لا يعلمون، رجل الشارع يخبرك ربما عن أمور أكثر مما تتوقع، كما أن جيل الشباب اليوم أصبح لديه فكر واطلاع ويعلم ماذا يجري، استغفال كل هؤلاء لن يكون جيداً.
موضوع إعادة توجيه الدعم ليس موضوعاً عادياً، ولا يجب أن يترك لموظفين حكوميين ربما لا يحسبون الأمور الكبيرة في الدولة بشكل دقيق، هذا الموضوع يحتاج إلى اقتصاديين وإلى سياسيين، وإلى أناس يعرفون حساب تبعات هذا الرفع بشكل دقيق، وهذا مع كامل احترامي لمن يعمل على وضع تصورات رفع الدعم غير متوفر.
الحساب الاقتصادي لا يجب أن يبتعد عن الحساب السياسي والاجتماعي، فقد تصحح بعض الأمور الاقتصادية لبعض الوقت لكن الأمور السياسية والاجتماعية قد تنسف في لحظة فارقة كل الحسابات، وهذا ما نعنيه ويجب تقديره.
الذي عرفته أن قيمة «بدل اللحوم» الذي سيدخل حساب المواطن يعتبر زهيداً جداً، وهذا الأمر مقلق للجميع، ذلك أن الأسعار ستقفز عن وضعها الحالي، إذا كانت الدولة تريد أن تقارن بيننا وبين دول أخرى مجاورة، فيجب أن يوضع معيار الراتب أولاً، فحين ترتفع الأسعار في الإمارات أو قطر أو الكويت، فإن الراتب كبير ويعوض الفارق، فهل هذا متحقق هنا؟
أطرح ما أطرح وأنا مع إيصال الدعم للمواطن فقط، لكني أناقش الكيفية لذلك، أناقش قيمة التعويض في حساب المواطن والآلية التي تضمن عدم ارتفاع الأسعار.
تحدث قبل فترة مسؤولون عن أن هناك فكرة بطاقة تموينية للمواطن، بتصورات معينة تأخذ تجارب عدة دول حتى لا يحدث تلاعب، وأن هناك مراكز تخصص للمواطنين فقط لأخذ السلع المدعومة، لا أعرف هل هذه الفكرة قائمة، أم أنها استبعدت؟
في موضوع اللحوم قد يستطيع المواطن أن يصبح نباتياً بفعل وجع جيبه، لكن هل أسعار الخضروات مستقرة أيضاً؟
أعتقد لا حتى مع كل تطمينات وزارة الصناعة، فما نشاهده من ارتفاع في أسعار الخضروات والفواكه يجعلنا نقول إن هذا البلد يتلاعب به أباطرة وتجار الأسواق، والضحية هو المواطن.
مع كل تقديري لموضوع إيصال الدعم للمواطن فقط، وهو توجه صحيح، إلا أن تبعات هذا الإجراء تجعلنا نحذر من التوقيت السياسي لهذا الفعل، فقد يوحد هذا الفعل المتخاصمين سياسياً، وجعل أياديهم في أيادي بعض لخدمة قضية شعبية تتعلق بقوت يومهم.. الحساب السياسي لا يغيب عن أصحاب النظرة البعيدة، والفكر الكبير..!!