ورد فيما تناقلته بعض وسائل الإعلام المحلية أن وزارة الداخلية «مهتمة بتطوير قطاع تعليم السياقة من خلال السعي إلى إسناده لشركات متخصصة في هذا المجال وذلك لعدة غايات منها الارتقاء بمستوى وجودة الخدمة في هذا المجال الذي سينعكس إيجابياً على مستوى السلامة المرورية في شوارع المملكة». وذكرت الوزارة في تعقيبها على مقترح برغبة نيابي؛ أن تلك الشركات «ستوفر فرص عمل ميدانية لمدربي السياقة مشمولة بالضمان الاجتماعي اللازم في حالة العجز عن العمل مما سيكون له مردود إيجابي على العاملين في هذا القطاع».
حتى وإن جاء هذا القرار أو حتى التفكير فيه بصوت عالٍ متأخر جداً من طرف وزارة الداخلية، إلا أنه سوف يحل أزمة كبيرة يتعرض لها الكثير من المواطنين حالياً، ممن يبحثون لهم عن مدرب يعلمهم قواعد السياقة، والذي غالباً ما يمتد هذا البحث لأشهر ولربما لسنوات أيضاً!
إن إخفاق الجهات المسؤولة طيلة الفترة المنصرمة عن توفير مدربي سياقة لمن أراد ذلك، يعتبر عجزاً منها أو تهاوناً في خلق فرص للحل، ولهذا حدث الكثير من التلاعب بين مدربي السياقة، حتى وصل الحال ببعضهم أن يقوم بتفضيل وتقديم وتدريب الأجنبي على المواطن البحريني، لأن الأول سيدفع أضعاف ما يدفعه الثاني في سبيل الحصول على رخصة قيادة.
الجميل في الخبر المتداول هو رفض الداخلية توريث مهنة السياقة، وهذا لو حدث يكون أمراً شجاعاً وفي ذات الوقت، يكون عادلاً ومتوازناً للغاية، فالخبر أكد أن الوزارة تحفظت على مقترح برغبة نيابي بشأن «السماح لمعلمي السياقة الذين وصلت أعمارهم خمسة وخمسين سنة التنازل عن رخصهم لأبنائهم التي تنطبق عليهم الاشتراطات». واعتبرت أن مضمون الاقتراح برغبة يتعارض والمفهوم القانوني للترخيص «حيث إن الترخيص إجازة من السلطة المختصة لممارسة نشاط أو مهنة معينة وفقاً للشروط اللازم توافرها في طالب الترخيص، حيث يكون شخص طالب الترخيص محل اعتبار عند منح الطلب، إضافةً إلى حرية الإدارة في اختيار أفضل المتقدمين وأنسبهم، وفي جميع الأحوال فإن التنازل لا يتم قانوناً إلا عن الحقوق العينية الكائنة للشخص الطبيعي أو الاعتباري على العين وبإحدى صورها الثلاث الاستغلال والاستعمال والتصرف، وهو ما لسنا بمجاله»، كما اعتبرت الوزارة أن الموافقة على المقترح يعني القبول بمبدأ «توريث المهنة»، وهو أمر غير مقبول.
نتمنى أن يكون هذا الأمر معمولاً به على أرض الواقع، في أسرع وقت ممكن، وأن نتخلص عبر هذا القرار من العقليات القديمة المتوارثة التي كانت تدير ساحات تدريب السياقة والنظر إليها كمصدر للثروات الشخصية عند غالبيتهم، فالعالم كل العالم لا يعمل بالطريقة التي نشاهدها أو يعمل بها في البحرين، فكل الدول لديها شركات لتدريب وتعليم السياقة، وبأسعار تنافسية معقولة، دون وجود واسطات أو غش أو تدليس أو تلاعب بمشاعر المواطنين من أجل حفنة دنانير، أو أن يظل الشاب البحريني تائهاً لأجل الحصول على «ليسن» سيارة وليس «طيارة»، لكنه التهاون مع بعض من مدربي السياقة الذين بنوا مجدهم ومنازلهم الفخمة من «فلوس الناس» وهم لا يستحقون ذلك، فهل سنشهد مرحلة جديدة تدشن من خلالها وزارة الداخلية معاهد أو شركات نزيهة نتخلص عبرها من بعض الحرامية؟ كلنا يتمنى هذا الأمر، لنفتك من عقدة المدربين الجشعين.