الحديث أخذ يتصاعد من قبل الصحافة ومن قبل النواب حول رفع الدعم عن بعض السلع، والكرة أخذت تتدحرج بعد أن بدأت بالديزل، حتى وإن كان إجراء الديزل صحيحاً، إلا أن صوت رجال الأعمال أخذ بالمقابل يتصاعد حول كلفة المشروعات التي سترتفع جراء ارتفاع كلفة النقل، وبالنهاية كل ذلك سيسدده المواطن بشكل أو بآخر.
وأنا أسمع وأقرأ الكلام حول الدعم بين تأكيد ونفي من جهات رسمية متقاربة وربما متناقضة، وقد حذرنا بالأمس من المساس بالطحين، فمن يأتي للدولة يقترح عليها رفع الدعم عن الطحين فهو ليس من المخلصين، بل يبدو أنه يريد أن تتصاعد أصوات الناس ضد الدولة.
والحديث عن الطحين تذكرت بعض الأطباء الذين ما إن تذهب إليهم حتى يشعرك بأنك (إنسان هامة) تأكل ولا تتوقف، بل يشعرك أنك تخطيت كل الخطوط الحمراء في الوزن، ومن ثم يأخذ وقتاً وهو يسرد إليك أضرار (السموم الثلاثة: الطحين، الملح، السكر) ويقول لك إياك والخبز الأبيض، عليك بالخبز الأسمر (حتى في الخبز تمييز عنصري) وهكذا حتى تشعر أن كل شيء تفعله خطأ.
لكن هذا الطبيب الذي يسرد لك أضرار السمنة (ويعقدك في حياتك) ما إن يقوم من كرسيه ويقف، وتشاهد (كرشه) حتى تشعر أنه ابتلع مجسم الكرة الأرضية الذي كنا نشاهده عند مدرس الجغرافيا..!!
ما علينا، في موضوع رفع الدعم الذي تلقفه أعضاء مجلس النواب بعضهم بالوعيد والآخر بالتأييد، فإنني مع كل هذه الجعجعة لا أستطيع أن أعول على إنجاز يقوم به المجلس تجاه الرقابة والمحاسبة، وفي موضوع وضع ضوابط معينة لرفع الدعم.
أحد الإخوة سألني بالأمس قائلاً: أريد أن أعرف هل إذا رفع الدعم عن اللحوم سوف تزيد أسعار «الكراعين والباجة؟».
وإذا ارتفع سعر اللحم كم «سيخ سيعطينا راعي التكة بخمس ربيات؟».
فقلت: له سؤالك وجيه يا أخي، لكن من الواضح أن أسعار «الباجة» سترتفع لأن «الكراعين» جزء من «الذبيحة»..!
لكني قلت له: إذا أردت أن تعوض أكل اللحم وارتفاع سعر اللحم، ما لك إلا أن تأكل «ساطر.. هبابك تشم ريحة اللحم»..!!
الأخ يسأل عن «الكراعين»، والله حالة.. كل واحد شايل هم روحه..!
بعيداً عن كل ذلك، فقد طرحت ذات مرة هنا تساؤلات حول هل هناك من الجهاز الحكومي من يحاول تشويه صورة العمل والإنجاز الحكومي؟
هل هناك من يتأخر في إنجاز المشاريع الحيوية حتى يؤلب الناس على الدولة؟
هل هناك من لا يستجيب لتوجيهات رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء وبالتالي يتعطل العمل، ويضعف الإنجاز، وتتأخر المشاريع؟
في تقديري أن هناك اليوم من يحاول أن يقترح اقتراحات (ظاهرها الرحمة، وباطنها من قبلها العذاب) بمعنى أن هناك من يأتي للدولة من باب توفير مبالغ للميزانية، ومن باب أنه لن يحدث شيء إذا ما رفع الدعم عن هذه السلعة أو تلك، سيجعجعون قليلاً وسيصمتون، هكذا يقولون لكبار المسؤولين حتى يقنعوهم بمشروعهم.
لكن الأخطر في الأمر هو أن تأتي ردات فعل قوية من قبل الناس، وتكون ساخطة على الدولة، ويأخذ سخطهم منحنى آخر، فيكون ما اقترحه بعض الوزراء لرفع الدعم عن السلع وكأنه شرارة أيقظت الذي كان نائماً..!
لا تحتاج الدولة لأبواب تفتح عليها، فقد كنا نسمع دوماً أن الدولة لا تزيد الرواتب كما يتمنى الناس، لكن بالمقابل فإن أسعار اللحوم والطحين (والدواجن برغم أنها مرتفعة، والمدعوم لا تشاهده إلا في أسواق معينة ومناطق معينة) وأن البنزين في البحرين أرخص من الإمارات، وأن الخبز في البحرين أرخص من قطر، وهكذا.
وهذا الأمر فيه من الصحة ما فيه، إلا أن مقارنة الأسعار لا يمكن أن تستثني مقارنة الرواتب على الجانب الآخر، لذلك فقد كان ضعف الرواتب، يقابله أسعار رخيصة، والحياة ماشية.
أما الآن فما يقترحه بعض الوزراء أخشى أنه يظهر أن اقتراحه مفيد للدولة، ويوفر كذا مليون بالعام، إلا أن هذه الملايين لن تعني شيئاً، إذا ما حدثت ردات فعل على المستوى الشعبي.
لتعرف الدولة أن هناك من يتحين الفرصة لاستثمار إجراءات الدولة، ضد الدولة، وسوف يسعى لتأليب الناس على الدولة، ولكن هذه المرة من الجانب المعيشي، وليس من الجانب السياسي، وهنا تكمن الخطورة، خاصة أن هناك من يشعر أنه مهمش، وأن موقفه السابق مع البلد ليس له حساب ووزن، وتعقد الصفقات بعيداً عنه وعلى حسابه، فلا يجب إغفال كل ذلك.
بعض ما نطرح إنما هو لتقريب الصورة، أو مشاهدة أجزاء من الصورة قد تكون غير مرئية للبعض، ليس إلا..!
{{ article.visit_count }}
وأنا أسمع وأقرأ الكلام حول الدعم بين تأكيد ونفي من جهات رسمية متقاربة وربما متناقضة، وقد حذرنا بالأمس من المساس بالطحين، فمن يأتي للدولة يقترح عليها رفع الدعم عن الطحين فهو ليس من المخلصين، بل يبدو أنه يريد أن تتصاعد أصوات الناس ضد الدولة.
والحديث عن الطحين تذكرت بعض الأطباء الذين ما إن تذهب إليهم حتى يشعرك بأنك (إنسان هامة) تأكل ولا تتوقف، بل يشعرك أنك تخطيت كل الخطوط الحمراء في الوزن، ومن ثم يأخذ وقتاً وهو يسرد إليك أضرار (السموم الثلاثة: الطحين، الملح، السكر) ويقول لك إياك والخبز الأبيض، عليك بالخبز الأسمر (حتى في الخبز تمييز عنصري) وهكذا حتى تشعر أن كل شيء تفعله خطأ.
لكن هذا الطبيب الذي يسرد لك أضرار السمنة (ويعقدك في حياتك) ما إن يقوم من كرسيه ويقف، وتشاهد (كرشه) حتى تشعر أنه ابتلع مجسم الكرة الأرضية الذي كنا نشاهده عند مدرس الجغرافيا..!!
ما علينا، في موضوع رفع الدعم الذي تلقفه أعضاء مجلس النواب بعضهم بالوعيد والآخر بالتأييد، فإنني مع كل هذه الجعجعة لا أستطيع أن أعول على إنجاز يقوم به المجلس تجاه الرقابة والمحاسبة، وفي موضوع وضع ضوابط معينة لرفع الدعم.
أحد الإخوة سألني بالأمس قائلاً: أريد أن أعرف هل إذا رفع الدعم عن اللحوم سوف تزيد أسعار «الكراعين والباجة؟».
وإذا ارتفع سعر اللحم كم «سيخ سيعطينا راعي التكة بخمس ربيات؟».
فقلت: له سؤالك وجيه يا أخي، لكن من الواضح أن أسعار «الباجة» سترتفع لأن «الكراعين» جزء من «الذبيحة»..!
لكني قلت له: إذا أردت أن تعوض أكل اللحم وارتفاع سعر اللحم، ما لك إلا أن تأكل «ساطر.. هبابك تشم ريحة اللحم»..!!
الأخ يسأل عن «الكراعين»، والله حالة.. كل واحد شايل هم روحه..!
بعيداً عن كل ذلك، فقد طرحت ذات مرة هنا تساؤلات حول هل هناك من الجهاز الحكومي من يحاول تشويه صورة العمل والإنجاز الحكومي؟
هل هناك من يتأخر في إنجاز المشاريع الحيوية حتى يؤلب الناس على الدولة؟
هل هناك من لا يستجيب لتوجيهات رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء وبالتالي يتعطل العمل، ويضعف الإنجاز، وتتأخر المشاريع؟
في تقديري أن هناك اليوم من يحاول أن يقترح اقتراحات (ظاهرها الرحمة، وباطنها من قبلها العذاب) بمعنى أن هناك من يأتي للدولة من باب توفير مبالغ للميزانية، ومن باب أنه لن يحدث شيء إذا ما رفع الدعم عن هذه السلعة أو تلك، سيجعجعون قليلاً وسيصمتون، هكذا يقولون لكبار المسؤولين حتى يقنعوهم بمشروعهم.
لكن الأخطر في الأمر هو أن تأتي ردات فعل قوية من قبل الناس، وتكون ساخطة على الدولة، ويأخذ سخطهم منحنى آخر، فيكون ما اقترحه بعض الوزراء لرفع الدعم عن السلع وكأنه شرارة أيقظت الذي كان نائماً..!
لا تحتاج الدولة لأبواب تفتح عليها، فقد كنا نسمع دوماً أن الدولة لا تزيد الرواتب كما يتمنى الناس، لكن بالمقابل فإن أسعار اللحوم والطحين (والدواجن برغم أنها مرتفعة، والمدعوم لا تشاهده إلا في أسواق معينة ومناطق معينة) وأن البنزين في البحرين أرخص من الإمارات، وأن الخبز في البحرين أرخص من قطر، وهكذا.
وهذا الأمر فيه من الصحة ما فيه، إلا أن مقارنة الأسعار لا يمكن أن تستثني مقارنة الرواتب على الجانب الآخر، لذلك فقد كان ضعف الرواتب، يقابله أسعار رخيصة، والحياة ماشية.
أما الآن فما يقترحه بعض الوزراء أخشى أنه يظهر أن اقتراحه مفيد للدولة، ويوفر كذا مليون بالعام، إلا أن هذه الملايين لن تعني شيئاً، إذا ما حدثت ردات فعل على المستوى الشعبي.
لتعرف الدولة أن هناك من يتحين الفرصة لاستثمار إجراءات الدولة، ضد الدولة، وسوف يسعى لتأليب الناس على الدولة، ولكن هذه المرة من الجانب المعيشي، وليس من الجانب السياسي، وهنا تكمن الخطورة، خاصة أن هناك من يشعر أنه مهمش، وأن موقفه السابق مع البلد ليس له حساب ووزن، وتعقد الصفقات بعيداً عنه وعلى حسابه، فلا يجب إغفال كل ذلك.
بعض ما نطرح إنما هو لتقريب الصورة، أو مشاهدة أجزاء من الصورة قد تكون غير مرئية للبعض، ليس إلا..!