هل هم قادمون من الفضاء أم من الجن أو الأشباح؟ نعم؛ كم نتمنى أن يعلن عمن يسمونهم الوسطاء الذين كما نعرف بأنهم شخصيات تمون على المعارضة وتمون على بعض المسؤولين في الدولة، وأنهم يحاولون بزعمهم أن يوجدوا التقارب بين السلطة وبين ما يسمى بالمعارضة، ففي كل دولة تعلن أسماء الوسطاء أو الجهات التي تتوسط بين جهتين، إلا في البحرين، تبقى الوساطة غير معروفة شخصياتها ولا صفاتها، ويبقى مفهوم الوسطاء عند الجماهير البحرينية معلقاً بأشخاص بذاتهم يعرفهم الشعب، خصوصاً عندما يكون لهؤلاء الوسطاء مكانة عند ما يسمى بـ «المعارضة»، وشخصية واعتبار عند السلطة، ولكن الأكيد أنه طالما ظلت الأسماء مخفية عن الجماهير، فهي قد تكون شخصيات غير محببة، خصوصاً عند أهل الفاتح، لأنهم يعرفون هذه الشخصيات، فهي شخصيات لا يتفاءلون بها ويعرفون مواقفهم السابقة، والتي مازالت كما هي؛ بل قد يكون الوسيط يميل إلى ما تسمى المعارضة أو أنها وقفت مع انقلاب 14 فبراير، ولذلك نرى التصريحات عن هذه الوساطة دائماً من طرف الوفاق، وذلك ما ذكر على لسان أمينها العام عن وجود وساطة تتحدث عن محاصصة وفق معادلة 50% - 50% في توزيع الدوائر الانتخابية، والذي، كما هو متداول، أن هذا الاقتراح أيضاً غير مقبول منهم، ثم نسمع بعد فترة أنه لا صحة لوجود هذا الاقتراح، وهكذا تعيش الجماهير بترقب ما يأتي به الوسيط الذي لا نعلم اسمه ولا عنوان داره، ولا ندري ما سبب هذا التخفي والتستر في قضية تهم شعب البحرين بأكمله، الأمر الذي يدعو إلى التخوف عما يأتي من هذا الوسيط.
إن كلمة الوساطة والوسيط أصبحت كلمة تشمئز منها الجماهير، وذلك من كثر الإشاعات التي يتناولها الشارع عن شخصية هذا الوسيط، وما يشعر به المواطن من أسى حين يكون مصير الوطن معلقاً بين وسطاء لا نعلم هل هم من الأنس أم قد يكونوا أشباحاً.
والأغرب من هذا أن هؤلاء الوسطاء يتحركون رغم انطلاق الحوار، وهو ما الذي يثير التساؤل بين متحاورين وبين وسطاء، وبين ما تسمى معارضة التي تقول إنها ستستمر في حراكها بالشارع، وها هو الغريفي يصرح في خطاب تحت عنوان «بعد 1000 يوم.. كيف يقرأ الحراك» بتاريخ 19 ديسمبر، حيث أكد أنه حتى لا فائدة من الحوار الجاد بقوله «وحتى إن بدأ حواراً جاداً وحقيقياً وصادقاً وفق كل الشروط والضوابط الصحيحة، فهذا لا يعني أن يتوقف حراك الشارع، بل يجب أن يستمر حتى تتحقق المطالب المشروعة، ولا قيمة لكل منتجات الحوار ما لم يقل الشعب كلمته، وبصوت بـ (نعم) لهذه المنتجات».
هذا بالنسبة لنتائج الحوار، وإن كان جاداً فهو يطالب أيضاً أن يقول الشعب كلمته، فكيف باقتراحات الوسطاء الذي يتكتم عليهم ولا يعرف منتجاتهم، إنما هو فقط تعاطٍ بين مسؤولين وبين ما يسمى الوفاق، وها هي إحدى الاقتراحات «خمسين مقابل خمسين» تكشف عنها الوفاق بعد رفضها لهذا الاقتراح، والذي بالأصل لا تتفق الجماهير المخلصة على مثل هذا الاقتراح أو الحل.
من هنا نعرف كيف يتحول موقف ما يسمى بالمعارضة التي تزداد تمادياً يوماً بعد يوم، وذلك بعدما عرفنا أن الوسيط أو المطراش أو الساعي الذي يلعب على الحبلين، هو من يحاول أن يقنع السلطة، ثم يذهب إلى ما تسمى بالمعارضة، وإن كان يتفق معها في الرفض، لأنه كما نشعر أنه قد يكون الشخصية ذاتها التي يشك فيها جماهير الفاتح، ولذلك تزيد جرعة الاقتراحات أي قد تكون في المستقبل أكثر من 50 مقابل 50، وخاصة عندما نقرأ تصريحات مثل الغريفي وغيره، بأن حراكهم مستمر حتى تتحقق مطالبهم.
ولكن شخصية الوسطاء والوسيط غير مقبولة بالنسبة للجماهير، لأن المصير هو مصير وطن ومستقبل شعب ووجود أمة على هذه الأرض، فلذلك لا يمكن أن تكون القضايا المصيرية تترك وفق تقدير أو تفكير الوسطاء، ولا يمكن أن يكون مستقبل الشعب وقفاً على قبول أو رفض ما يسمى بالمعارضة، فالأمور لا بد أن تؤخذ بجدية ووضوح ومشاركة الجميع وعلى الهواء مباشرة وهي طاولة الحوار، فلا يعقل أن يكون هناك حوار وهناك غرفة أخرى يؤخذ فيها قرارات تتداول بين شخصيات يمثلها الوسطاء وبين مسؤولين في السلطة، الأمر الذي يضاعف من قوة الإرهاب، الذي نعتقد أنه قد تكون وصية من الوسيط أن يظل الحراك بل الخراب، كي يتمكن من خلاله زيادة جرعة 50 مقابل 50، لأنه يعرف أن المسؤولين في الدولة يسعون إلى التهدئة وإن كان مقابل أن تحصل ما يسمى بالمعارضة على موقع متقدم في السلطة وإن كلف الدولة مستقبلاً حكمها.