لا تقتصر التربية وبناء الإنسان على النشء الجديد وحسب بل تشمل جميع أفراد المجتمع، فهي عملية يقصد من ورائها تنمية وتطوير قدرات الإنسان وبنائه بناءً شاملاً ليتمكن من التعامل مع كل ما يحيط به، وكيفما ربي هذا الإنسان كان سلوكه ونشاطه.
ولعل في قصة سور الصين مثال عكسي على ذلك؛ فقد بدأ العمل ببنائه على عهد عائلة «تشانغو» حكام الصين، وتم بناء الجزء الأكبر منه على عهد الحاكم «تشي هوانغي» وقد أنهي العمل فيه عام «204 ق.م»، وكان السبب في ذلك البناء الذي أصبح فيما بعد على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، هو حماية البلاد والممتلكات من الهجمات التي تتعرض لها الصين بشكل مستمر، فجعلوا ارتفاعه بين 3-8 أمتار بحيث يستحيل تسلقه من قبل الأعداء، كما إنهم بنوا أبراج حراسة يبلغ طولها 12 متراً، وبلغ امتداد السور 6700 كيلو متر، واستخدم لبنائه 300 ألف عامل.
لكن رغم كل الجهود التي بذلت لم يفلح السور بمهمته في حفظ البلاد وحمايتها من الأعداء، فيحكى أنه في خلال السنة الأولى من بنائه تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات، وفي كل مرة من هذه المرات كان الأعداء يدخلون من الباب بعد رشوة الحارس؛ لقد انشغل الصينيون ببناء السور وأهملوا بناء الحارس وتربيته.
وهذا ما نحتاج إليه اليوم بالضبط بناء الإنسان وتربيته وتنمية قدراته ومهاراته، ولنا في دول نهضت ودخلت السباق مع كبرى دول العالم أمثلة شاهدة، فاليابان بعد تدميرها وجهت إمكاناتها وقدراتها إلى التربية والتعليم، وماليزيا انطلقت من التعليم، وتركيا التي أصبحت رقماً صعباً في المعادلة العالمية أولت التربية والتعليم غالب اهتمامها حتى أني زرت إحدى مدارس إسطنبول التي تضم 5000 طالب من الروضة وحتى الثانوية فوجدت فيها إمكانات لم تتوفر لجامعات ففي مختبر الكيمياء وحده تتوفر تحليلات «DNA». إننا اليوم نعيش مشكلة مركبة فجزء من المجتمع يعاني تربية عكسية تغرس فيه روح الانتقام والعنف والتخريب والخيانة، وهي تربية مقصودة وممنهجة يراد بها هدم القيم والأخلاق وتضييع البلاد، هذه التربية هي التي أخرجت لنا من يرمي قنابل المولوتوف في الشوارع ويفجر السيارات بإسطوانات الغاز، فهذا ما يجيد صنعه في الحياة ولهذا يربى، والمفارقة أن من يغذي فيه هذه التربية يتوجه للتعليم ويعمل على صناعة جيل يتعامل مع الصناعات الذرية.
هنا يكون العبء على الدولة أكبر فمواجهة هذه التربية تتطلب جهداً استثنائياً والتركيز على التربية بات أمراً ملحاً، على الأقل للحفاظ على ما تبقى ممن لم يتأثر من المجتمع بهؤلاء، فصناعة جيل يشابه ما وصلت إليه دول نهضت بأبنائها يستحق الاهتمام والبذل.
مشكلتنا ليست مشكلة بسيطة فالصين كانت تعاني من مجتمع يفتقر إلى التعليم فقط، ونحن نعاني من طابور خامس متعلم.. ولكن بشكل عكسي.
{{ article.visit_count }}
ولعل في قصة سور الصين مثال عكسي على ذلك؛ فقد بدأ العمل ببنائه على عهد عائلة «تشانغو» حكام الصين، وتم بناء الجزء الأكبر منه على عهد الحاكم «تشي هوانغي» وقد أنهي العمل فيه عام «204 ق.م»، وكان السبب في ذلك البناء الذي أصبح فيما بعد على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، هو حماية البلاد والممتلكات من الهجمات التي تتعرض لها الصين بشكل مستمر، فجعلوا ارتفاعه بين 3-8 أمتار بحيث يستحيل تسلقه من قبل الأعداء، كما إنهم بنوا أبراج حراسة يبلغ طولها 12 متراً، وبلغ امتداد السور 6700 كيلو متر، واستخدم لبنائه 300 ألف عامل.
لكن رغم كل الجهود التي بذلت لم يفلح السور بمهمته في حفظ البلاد وحمايتها من الأعداء، فيحكى أنه في خلال السنة الأولى من بنائه تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات، وفي كل مرة من هذه المرات كان الأعداء يدخلون من الباب بعد رشوة الحارس؛ لقد انشغل الصينيون ببناء السور وأهملوا بناء الحارس وتربيته.
وهذا ما نحتاج إليه اليوم بالضبط بناء الإنسان وتربيته وتنمية قدراته ومهاراته، ولنا في دول نهضت ودخلت السباق مع كبرى دول العالم أمثلة شاهدة، فاليابان بعد تدميرها وجهت إمكاناتها وقدراتها إلى التربية والتعليم، وماليزيا انطلقت من التعليم، وتركيا التي أصبحت رقماً صعباً في المعادلة العالمية أولت التربية والتعليم غالب اهتمامها حتى أني زرت إحدى مدارس إسطنبول التي تضم 5000 طالب من الروضة وحتى الثانوية فوجدت فيها إمكانات لم تتوفر لجامعات ففي مختبر الكيمياء وحده تتوفر تحليلات «DNA». إننا اليوم نعيش مشكلة مركبة فجزء من المجتمع يعاني تربية عكسية تغرس فيه روح الانتقام والعنف والتخريب والخيانة، وهي تربية مقصودة وممنهجة يراد بها هدم القيم والأخلاق وتضييع البلاد، هذه التربية هي التي أخرجت لنا من يرمي قنابل المولوتوف في الشوارع ويفجر السيارات بإسطوانات الغاز، فهذا ما يجيد صنعه في الحياة ولهذا يربى، والمفارقة أن من يغذي فيه هذه التربية يتوجه للتعليم ويعمل على صناعة جيل يتعامل مع الصناعات الذرية.
هنا يكون العبء على الدولة أكبر فمواجهة هذه التربية تتطلب جهداً استثنائياً والتركيز على التربية بات أمراً ملحاً، على الأقل للحفاظ على ما تبقى ممن لم يتأثر من المجتمع بهؤلاء، فصناعة جيل يشابه ما وصلت إليه دول نهضت بأبنائها يستحق الاهتمام والبذل.
مشكلتنا ليست مشكلة بسيطة فالصين كانت تعاني من مجتمع يفتقر إلى التعليم فقط، ونحن نعاني من طابور خامس متعلم.. ولكن بشكل عكسي.