لا نعرف حقيقة ما يتعرض له أطفالنا الصغار من إهمال متعمد وغير متعمد من طرف جهات يُفترض لها أن تكون الحامي الحقيقي لوجودهم في مؤسسات تربوية وتعليمية مرخصة، فالأسر البحرينية التي تودع صغارها كأمانات في حاضنات أو روضات أو مدارس للأطفال، تتفاجأ بعد فترة من الزمن، وبالمصادفة، أن هؤلاء الصغار يتعرضون للتعذيب والإهمال وسوء المعاملة، أما الجهات المختصة فيبدو كغيرها آخر من يعلم!
بعد الحوادث المؤسفة الأخيرة التي شهدتها مجموعة من الحاضنات والمدارس الخاصة في البحرين، والتي راح ضحيتها طفل برئ وأطفال تعرضوا لأقسى أنواع المعاملة الوحشية، أصبح الشارع البحريني قلق للغاية من أن تكون هنالك روضات تمارس ذات الدور غير المسؤول حيال الصغار، وبدا أن هنالك أصوات بدأت بالفعل ترتفع تطالب بالكشف عن طبيعة عمل كل الحضانات والروضات في البحرين، كما يطالبون -وهذا من كامل حقهم- أن يدخلوا إلى هذه المؤسسات التربوية والتعليمية وقتما يشاؤون للاطلاع عن قرب ما يحدث لصغارهم من أجل الاطمئنان عليهم، منعاً لكل أشكال التكتم على أوضاعهم، بل يذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك، وهو أن تكون هنالك كاميرات مراقبة في كل الحاضنات والروضات لمعرفة ما يجري فيها.
إن الأحداث الأخيرة التي كشفتها المصادفة أو الإهمال غير المخفي، جعل أولياء الأمور يطالبون بإعادة النظر في طبيعة عمل وزارة التربية والتعليم ووزارة التنمية الاجتماعية فيما يخص التفتيش الدوري على رياض الأطفال والمدارس والحاضنات، فكمية الإهمال وتعذيب الأطفال في صفوف مُحكمة الإغلاق يعطي مؤشراً واضحاً أن ليس هنالك متابعة جادة من طرف الجهات المعنية، ولو كان الأمر كذلك لما حدث ما حدث.
المطلوب اليوم أن تجري كل من وزارتي التربية والتنمية حملات صارمة على كل رياض الأطفال والحاضنات في البحرين، وكذلك على كل المدارس الابتدائية، للوقوف على كل المخالفات التي تقع في حق الأطفال، ممن لا يستطيعون التعبير عن مستوى الأذى الذي يلحق بهم من طرف شخصيات تربوية، من المفترض أن تكون راعية لهم في كل الأحوال.
هذه القصص التي انكشفت مؤخراً، ربما تكون غيض من فيض، ولعل هنالك خلف أسوار الروضات والحاضنات الكثير من الإهمال والتعذيب والإيذاء «النفسي والجسدي»، فحين تصدر هذه الوحشية وهذا الإهمال من مؤسسة تربوية؛ فماذا يمكن لنا أن نقول؟
على الجهات المسؤولة عن الطفولة اليوم أن تباشر ومن الآن عملها الصارم في التفتيش على الحاضنات والمؤسسات التعليمية الأخرى، من أجل إعادة ما انحرف من عمل تلك المؤسسات إلى سكتها الطبيعية، ومن يصر على مخالفة القوانين ويصر على تعذيب الأطفال، فيجب أن يقدم للمحاكمة، ولا شيء له يمكن أن يعلو على قداسة الطفولة والعدالة.