ما هو متوقع فيما يخص المبادرة الجديدة لرأب صدع الحوار الذي تعطل هو أن «الطرف المعطل» سيسعى بسبب قلة خبرته السياسية إلى رفع سقف المطالب والإصرار على ما لا ينبغي الإصرار عليه، وسيستسلم لضغوطات أولئك القابعين في الخارج ممن يعيشون وعيالهم في مأمن ولكنهم يسيطرون على مساحة غير قليلة من عواطف العامة الذين يغريهم الصراخ، ويعتقدون أن الحق معهم وبهم ولهم، وأنهم منتصرون لا محالة طالما أنهم لا يزالون قادرين على «زراعة» إطارات السيارات وزجاجات المولوتوف وتتوفر لديهم الأقنعة التي يغطون بها وجوههم أثناء تنفيذ العمليات الشيطانية.
شخصياً لن أستغرب إن سمعت أن هذا الطرف يصر على ما يسميه عدالة انتقالية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، أو سمعت أنه يطالب بإشراف دولي على الحوار، وكلها أمور تؤدي تلقائياً إلى ضياع الفرصة التي وفرها جلالة الملك وسعت الدولة إلى توفير كل الظروف الملائمة لها. وإذا كان بالإمكان التوافق على مخارج لبعض المطالب بشكل أو بآخر فإن الأكيد هو أن مطلب الإشراف الدولي على الحوار -وهو ما أتوقع طرحه والإصرار عليه قريباً- لن يجد القبول من الأطراف الأخرى لأنه سيفتح الباب على مصراعيه لتدخل الأجنبي الذي سيصير بعد قليل جزءاً أساساً من المشكلة وسيصير من حقه إبداء الرأي والموافقة على أي قرار.
لست متشائماً بطبعي؛ لكني لا أستبعد مثل هذا الطرح خصوصاً إن ضعفت الجمعيات السياسية أمام ضغوطات أولئك المرتاحين في الخارج وتبنت طلباتهم كي لا تخسر الشارع الذي لم يعد بيدها التحكم فيه مثلهم.
أيام قليلة تفصلنا عن اليوم الموعود للعصيان المدني الذي يريدون تنفيذه في ذكرى تلك القفزة المجنونة في الهواء، والتي ستحل في الرابع عشر من فبراير المقبل. محك مهم سيتبين معه مقدار قدرة الجمعيات السياسية على الانخراط في العمل السياسي ومدى تحكمها في الشارع، فليس مقبولاً تورطها في مثل هذا الأمر في وقت قررت فيه مواصلة السير في طريق الحوار.
منتصف فبراير المقبل هو الاختبار الحقيقي للجمعيات السياسية التي تقول إنها ترفع شعار السلمية وتريد التوصل إلى حل مرضي للجميع. أتمنى بالتأكيد أن تنجح في هذا الاختبار لكن المؤشرات تقول غير هذا، فالجمعيات السياسية ضعيفة مقارنة بما يسمى ائتلاف فبراير الذي لا يزال قادراً على التحكم في الشارع وإدارة العمليات التي تقول الجمعيات السياسية إنها لا ترضى بها. ترى هل تستطيع الجمعيات السياسية أن تقرر إلغاء العصيان الذي يعتزم ائتلاف فبراير تنفيذه وروج له على مدى أكثر من شهرين؟ ما الذي يمكن أن يحصل لو أن الجمعيات السياسية أعلنت أنها ضد العصيان وطلبت من أعضائها ومناصريها عدم المشاركة فيه؟ هل سيستجيبون لها أم سينفضون من حولها؟
قراءتي للساحة تقول إنها لا تستطيع أن تقول ذلك أو تفعله، وإنها لو قالت أو فعلت فإنها ستخسر الشارع الذي تستقوي به وترفع شعار الدفاع عنه وعن حقوقه ومطالبه. أما السبب فهو أنها مقارنة بائتلاف فبراير ضعيفة وليس لها صوت مسموع، بل أن من هم في الخارج يقولون عنها إنها خائنة لـ «الثورة» وإنها تتعاون مع السلطة لضرب «الثورة» وإضعاف «الثوار» وتحقيق مآربها وضمان حصول قيادييها على مقاعد في الانتخابات المقبلة.
ما قامت به الدولة أخيراً يعبر عن قدرتها وخبرتها في ممارسة العمل السياسي، فما حدث باختصار هو أنها وضعت الجمعيات السياسية وخصوصاً الوفاق في موقف لا تحسد عليه، هو بمثابة اختبار لقدراتها ولما ترفعه من شعارات، فصار عليها اختيار أحد طريقين ووضع حد لمحاولاتها إمساك العصا من الوسط.
هذا عمل سياسي «ما يدور» عند حديثي العهد بالسياسة وفقرائها.
{{ article.visit_count }}
شخصياً لن أستغرب إن سمعت أن هذا الطرف يصر على ما يسميه عدالة انتقالية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، أو سمعت أنه يطالب بإشراف دولي على الحوار، وكلها أمور تؤدي تلقائياً إلى ضياع الفرصة التي وفرها جلالة الملك وسعت الدولة إلى توفير كل الظروف الملائمة لها. وإذا كان بالإمكان التوافق على مخارج لبعض المطالب بشكل أو بآخر فإن الأكيد هو أن مطلب الإشراف الدولي على الحوار -وهو ما أتوقع طرحه والإصرار عليه قريباً- لن يجد القبول من الأطراف الأخرى لأنه سيفتح الباب على مصراعيه لتدخل الأجنبي الذي سيصير بعد قليل جزءاً أساساً من المشكلة وسيصير من حقه إبداء الرأي والموافقة على أي قرار.
لست متشائماً بطبعي؛ لكني لا أستبعد مثل هذا الطرح خصوصاً إن ضعفت الجمعيات السياسية أمام ضغوطات أولئك المرتاحين في الخارج وتبنت طلباتهم كي لا تخسر الشارع الذي لم يعد بيدها التحكم فيه مثلهم.
أيام قليلة تفصلنا عن اليوم الموعود للعصيان المدني الذي يريدون تنفيذه في ذكرى تلك القفزة المجنونة في الهواء، والتي ستحل في الرابع عشر من فبراير المقبل. محك مهم سيتبين معه مقدار قدرة الجمعيات السياسية على الانخراط في العمل السياسي ومدى تحكمها في الشارع، فليس مقبولاً تورطها في مثل هذا الأمر في وقت قررت فيه مواصلة السير في طريق الحوار.
منتصف فبراير المقبل هو الاختبار الحقيقي للجمعيات السياسية التي تقول إنها ترفع شعار السلمية وتريد التوصل إلى حل مرضي للجميع. أتمنى بالتأكيد أن تنجح في هذا الاختبار لكن المؤشرات تقول غير هذا، فالجمعيات السياسية ضعيفة مقارنة بما يسمى ائتلاف فبراير الذي لا يزال قادراً على التحكم في الشارع وإدارة العمليات التي تقول الجمعيات السياسية إنها لا ترضى بها. ترى هل تستطيع الجمعيات السياسية أن تقرر إلغاء العصيان الذي يعتزم ائتلاف فبراير تنفيذه وروج له على مدى أكثر من شهرين؟ ما الذي يمكن أن يحصل لو أن الجمعيات السياسية أعلنت أنها ضد العصيان وطلبت من أعضائها ومناصريها عدم المشاركة فيه؟ هل سيستجيبون لها أم سينفضون من حولها؟
قراءتي للساحة تقول إنها لا تستطيع أن تقول ذلك أو تفعله، وإنها لو قالت أو فعلت فإنها ستخسر الشارع الذي تستقوي به وترفع شعار الدفاع عنه وعن حقوقه ومطالبه. أما السبب فهو أنها مقارنة بائتلاف فبراير ضعيفة وليس لها صوت مسموع، بل أن من هم في الخارج يقولون عنها إنها خائنة لـ «الثورة» وإنها تتعاون مع السلطة لضرب «الثورة» وإضعاف «الثوار» وتحقيق مآربها وضمان حصول قيادييها على مقاعد في الانتخابات المقبلة.
ما قامت به الدولة أخيراً يعبر عن قدرتها وخبرتها في ممارسة العمل السياسي، فما حدث باختصار هو أنها وضعت الجمعيات السياسية وخصوصاً الوفاق في موقف لا تحسد عليه، هو بمثابة اختبار لقدراتها ولما ترفعه من شعارات، فصار عليها اختيار أحد طريقين ووضع حد لمحاولاتها إمساك العصا من الوسط.
هذا عمل سياسي «ما يدور» عند حديثي العهد بالسياسة وفقرائها.