منذ الإعلان عن بدء حوار جديد، ومنذ تلك الصورة التي ضايقت عشرات الآلاف من أبناء البحرين بالأخص لوجود من قال لقيادة البلاد والمخلصين من أبنائها «ارحلوا» و«باقون حتى إسقاط النظام» ووجود من تطاول على الحكومة ويلعب اليوم دور حمامة سلام «حقيقتها» معروفة لدى كل الأطراف، منذ تلك اللحظة ونحن نرصد ردة فعل المخلصين تجاه كل ما يصدر عن هؤلاء، وكيف أن الاستغراب لم يعد يعتري الشارع البحريني حينما يرى كلام النهار يمحوه الليل، وحينما يرون تبدل الكلام من ديمقراطية وتعايش في مجالس الحكم إلى توصيفات دكتاتورية وشعارات تسقيط في فعالياتهم ومناطقهم.
المثير أن هناك من يستغرب إقدامهم على ذلك خاصة بعد جلوسهم في القصر وإعلانهم التعاطي الإيجابي مع الحوار، أقول مثيراً لأنه بالفعل يستغرب موقف من يظن أنه سيصدر عمن انقلب مرات على البلد ومنى نفسه باختطافها خلاف ذلك؟!
بالبحريني نسأل هؤلاء «من صجكم يا جماعة؟!»، أتظنون بأن خطابهم سيتغير لمجرد أنهم جلسوا مع أحد قادة البلد؟! أتظنون بأنهم لن يعاودوا رفع الأسقف وطرح الشروط تلو الشروط؟!
والله ما كانت سوى ساعات إلا والإساءات تتالت، ما كانت سوى سويعات بعد إصدارهم بياناً خجولاً قالت فيه الوفاق «ولية أمر» الجمعيات التابعة، سويعات فقط ليحول فيها علي سلمان ويحرف أهم كلمة وهي «الحوار» إلى «تفاوض». أهناك أكثر وضوحاً من ذلك؟!
ألا تلاحظون ما نقوله؟! ألا تسمعون ما يقولون؟! ألا تقرؤون ما يكتبون؟!
حتى اليوم لو حصرت تصريحاتهم في المواقع والقنوات لن تخرج عن فرض إملاءات وشروط، لن تخلصوا إلا إلى تطاول على النظام والمشروع الإصلاحي ودس للسم في مضمون الكلام بغرض الإساءة. إن كُنتم نسيتم أو تناسيتم فكثير من المخلصين لم ولن ينسوا!
وهنا للأسف نلفت الانتباه لظاهرة باتت ملحوظة ومخجلة من أشخاص يحسبون على جهات يتحدثون باتجاه واحد ويسعون لفرض رؤية واحدة على الناس، مستسهلين حجم المعاناة التي تكبدها الناس نفسياً ومعنوياً حينما هددوا في بلادهم ووجودهم. هذه المسألة مرفوضة، اذ مثلما يقول الطرف الشاتم للدولة ما يريد إلى درجة اللا معقول وإلى مستوى قلة الأدب، فمن حق المخلصين أن يقولوا رأيهم بكل صراحة ووضوح.
أعود للنقطة الأولى بالأخص المعنية بالمصدومين مما تفعله جمعيات الانقلاب والتحريض وتصريحاتهم التي تحولت لذات نبرة استقواء واستعلاء، وأكرر هل تتوقعون خلافاً لما كانوا يفعلون ويقولون؟!
القاعدة تقول بأن الإرهابي والمحرض حينما يرى صرامة القانون فإن لسانه يقصر وإرهابه يخفت ويتقهقر مختبئاً في مخبئه، وتذكروا حالة السلامة الوطنية، لكن على النقيض حينما يستمر في غيه وتجاوزاته ويرى في المقابل مداً أكثر للبساط ومساحة أكثر رحابة لغض الطرف فإنه يتمادى ويطغى ويصل لمستوى «الاكستريم» خاصة في خطابه المختلط بنشوة هتاف الجمهور والاستفراد بالمايكرفون دون مواجهة.
باختصار لا تظنن بأن السارق لن يعاود السرقة إن رأى باب البيت مشرعاً على مصراعيه مراراً وتكراراً.