طيلة الرحلة الجوية على متن الطائرة المتجهة إلى لندن خلال أيام الأزمة الأمنية المؤسفة؛ ظل يتحدث عن استيائه الشديد من موقف مقاطعة المواطنين لمحلاته التجارية وعن تضرره من حملات المقاطعة والخسائر الاقتصادية التي حصدها من مهاجمة محلاته وإصدار قوائم بمقاطعتها وتنظيم حملات شرسة ضده، زاعماً أنه موقف يضر بالموظفين الذين يعملون بمحلاته ويقطع أرزاقهم، منطقياً يعني موقفه في دعم وتمويل عمليات الإرهاب على دوار العار لم يضر الدولة ككل بما فيها من مواطنين ويؤثر على التنمية الاقتصادية ومقاطعة محلاته فقط هي التي تضر المواطنين مثلاً.
المهم أن هذا التاجر لم يهدأ له بال ولم يسكت رغم تشبع من يجاوره ويستمع إليه من كلامه المكرر وعدم تقبله لجملة تبريراته، أنه حتى لو دعمهم فلم يكن القصد إسقاط النظام والإساءة للرموز و.. و..، وهو ما يعكس أن مقاطعة التجار الذين سخروا أموال تجارتهم لدعم بقاء المتظاهرين والإرهابيين في الدوار ووفروا كافة احتياجاتهم، بحيث لا تكون هناك حاجة لمغادرة المكان فعلاً تؤثر وتلوي ذراعهم بشكل أو بآخر حتى لو لم يكن بشكل كلي لكنها تؤثر بشكل كبير، وهذا هو المهم، فكلامه واستياؤه يعكس أحد الأدلة الدامغة على ذلك.
عندما نأتي إلى الوضع العام في البحرين نجده اتجه في فترة ما إلى تكثيف حملات المقاطعة، لدرجة اضطر بعض هؤلاء التجار إلى التراجع عن موقفهم العلني الذي كشفوه خلال أيام الأزمة في دعم المخربين والإرهابيين، ومحاولة إبداء الولاء للقيادة، كما كانت من النتائج الإيجابية التي جاءت كثمرة هذه الضغوطات اضطرارهم إلى إغلاق بعض محلاتهم وإفلاسها وتقليص حجم تجارتهم والتراجع عن افتتاح فروع جديدة، وهو دليل آخر بأن اتحاد الموقف العام يؤثر بشكل كبير في تجارتهم التي تدعم الإرهاب ويقطع الطريق عليها، سواء كانت الدولة تقاطع أو لا تقاطع.
الاتجاه العام أيضاً أحبط في الفترة التي تلت هذه المرحلة لكونه أخذ يسقط مسألة استمرار المقاطعة على الدولة والأطراف الحكومية من مؤسسات وجهات وجد أنها لا تقاطع، بل أنها حتى في حال وجود عدة خيارات في اختيار الشركة أوالمؤسسة المراد التعامل معها لتوفير مستلزمات مشروع معين أو فعالية فإن هؤلاء المسؤولين يتعاقدون مع «تجار الإرهاب»، وكأن الأمر انتقائي ومتعمد، وهو ما استفز هذه الشرائح أكثر وفك تلاحمها بشأن الموقف العام الموحد ضد المقاطعة بدعوى «طالما الدولة لا تقاطع التجار الذين وقفوا ضدها ودعموا حراك إسقاطها فلم نحن نضغط على أنفسنا ونقاطع»، وهو موقف سلبي وخاطىء، لأن هذا يعني ترك المسؤولية الوطنية والمجتمعية والدينية تجاه مقاطعة من يدعمون إهدار دم رجال الأمن وقتل الأبرياء، فحتى وإن كانت الدولة لا تقاطع فالمفروض على كل إنسان يرفض الإرهاب والإجرام أن يقاطع، وألا يساهم في هذا الإثم، وأن يفهم أن هذا لا يأتي من مسؤولية وطنية ومجتمعية فحسب؛ بل من مسؤولية دينية أيضاً، فديننا يرفض الإرهاب والقتل وإيذاء المسلمين، فمن يمنح المال لمن يدرك أنه سيستخدمه لقتل المواطنين لا يختلف عمن يقتل إلا في تفاوت درجة الجرم، كما أن دستورنا البحريني يقوم على الشريعة الإسلامية.
فإن كانت الدولة بمؤسساتها الرسمية لا تقاطع فالمفترض أن يضغط الرأي العام المحلي على هذا الملف كونه يعد توأماً وشريكاً أساسياً لملف مطالبات الدولة بتنفيذ القصاص وتطبيق عقوبات الإعدام بحق قتلة رجال الأمن والأبرياء، وان لا يتخلى عن هذه القضية الوطنية الهامة، كما أن المقاطعة تعد جزءاً كبيراً من الحل الذي يقطع الطريق أمام عصابات الإرهاب وتسللها إلى داخل مملكة البحرين، فمشروع تفجير المرفأ المالي خلال أيام الأزمة إلى جانب مطار البحرين الدولي أُحضر من لبنان على يد أحد عناصر حزب الله اللبناني، االذي دخل إلى البحرين بتأشيرة مهنية تتبع شركة أحد المتنفذين بالمجلس العلمائي غير المرخص، وهذا ما يعني ويفسر أن مقاطعة شركات هؤلاء التجار الداعمين للحراك الإرهابي وإغلاقها مطلب ذو أولوية وأهمية تفرض نفسها أكثر من مطلب تنفيذ القصاص، الذي يأتي وفق علاقة طردية، فعدم المقاطعة سبب يؤدي إلى نتيجة إدخال قادة الإرهاب للبحرين وتفجير القنابل التي تؤدي إلى القتل.
لذا فالرأي العام البحريني اليوم بحاجة إلى الضغط أكثرعلى هذا الملف لمنع تسريب المزيد من عصابات حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني إلى البحرين من خلال شركات المتنفذين والتجار، فهذه الشركات تُدرج ضمن أحد أبواب الخلايا الانقلابية الإرهابية التي تعد عصب التمويل الأساس لعمليات تفجير القنابل، فهي إلى جانب تسريبها لهذه الخلايا وأعضاء العصابات الإرهابية فإنها تمول الإرهاب والتخريب، وتمويلها للأسف يأتي من جيوب مؤسسات ووزارات الدولة ومن المواطنين أنفسهم، وكأن الدولة والمواطن «يطز عينيه بيده».
يجدر القول إن هذا الملف الشائك بحاجة إلى اهتمام الرأي العام البحريني إلى جانب الخليجي، وزيادة الوعي والتثقيف بشأنه، كما أنه بحاجة إلى تنظيم أهلي مرتب ومنسق تتبناه إحدى الجهات، بحيث تتولى إصدار قوائم المقاطعة الرسمية وتعميمها على الجمهور الداخلي أو الجمهور الخليجي الخارجي، فالمقاطعة تقطع الطريق أمام حرب الإرهاب الجارية على البحرين، ومن الممكن لها أن تؤثر وتقلل من إنشاء هذه الشركات التي هي في تزايد جراء تمويل المواطنين لها دون وعي، فقادة العصابات الإرهابية الذين دخلوا إلى البحرين يقودون تدريب الشباب على صنع القنابل وتفخيخ المناطق، وإن كانت الدولة لم تتخذ موقفاً صريحاً ورسمياً تجاه هؤلاء فأعتقد أن الوطن وقضيتنا البحرينية -عندنا كمواطنين- أهم بكثير من مجرد الوقوف والتخاذل وانتظار موقف الدولة الرسمي منهم، وهناك حاجة تفرض نفسها اليوم أكثر من أي وقت مضى بسبب تزايد عمليات الإرهاب وتفخيخ السيارات بالمتفجرات في المناطق بتوحيد الموقف العام تجاه هؤلاء، فكما أن هؤلاء التجار يحاولون لي ذراع الدولة اقتصادياً وإرهابياً، على الشارع اليوم الانتباه وترك التصرفات الفردية والأنانية والسلبية، وجعل هذه القضية من أولوياته بالفعل، فمن زهقت أرواحهم هم بشر لا دمى، ومعيب جداً أن يدعم المواطن ويمنح أمواله لهؤلاء التجار الذين يدعمون قتل الأبرياء ونثر العصابات في مناطقنا.
إن الاهتمام والتركيز على هذا الملف لا يخدم مملكة البحرين فحسب؛ بل له بعد إقليمي وعالمي من الممكن استغلاله مع الاتجاه العالمي في بعض الدول التي تسعى لفرض عقوبات على عصابات الإرهاب وتجميد تمويلاتهم الخارجية، ففي أمريكا الديمقراطية قامت وزارة الخزانة الأمريكية بإضافة ثلاثين شخصاً وشركة في لائحتها السوداء «مشتبه» (ركزوا) في سعيهم لدعم شبكات إرهابية في إيران وأفغانستان، وفي يوليو 2013 أقر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي إدراج الجناح العسكري لحزب الله اللبناني على القائمة السوداء بوصفه منظمة إرهابية، حيث يترتب على ذلك تجميد الأصول المالية للحزب في دول الاتحاد الأوروبي ووضع عقوبات سياسية على الشخصيات التي تمثل الحزب، كما قامت وزارة الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات على الأمين العام لحزب الله كون نشاط الحزب يقوض استقرار منطقة الشرق الأوسط ويشكل تهديداً مباشراً لأمن لبنان.
وفي ألمانيا، وبعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر نيويورك، أقر البرلمان مجموعة من القوانين لمحاربة الإرهاب منها إطلاع أجهزة المخابرات على تفاصيل حسابات البنوك والجامعات والمكتبات، كما سهلت القوانين القبض على من يشك في ضلوعه في عمليات إرهابية وترحيله خارج ألمانيا، في حين أقر مجلس الوزراء الألماني إنشاء قاعدة بيانات مكافحة الإرهاب التي تتضمن تسجيل معلومات عن أشخاص من مجال الإرهاب الدولي ومن يدعمهم، والاطلاع على المعاملات والحسابات البنكية، علماً أن القضاء الألماني لم يكشف عن تعريف مباشر للإرهاب والعمليات الإرهابية، بل اتجه لإصدار القرارات والعقوبات الرادعة للإرهاب التي تصب في مجال معاقبة الإرهابيين على جرائمهم.
حتى على المستوى العربي؛ دعمت اليمن خطوات الولايات المتحدة في إصدار قرارات لفرض عقوبات مالية على مواطنين يمنيين بتهم تمويل المنظمات الإرهابية، وأبدت استعدادها لتبني رفع دعاوى قضائية ضد كل من يثبت تورطه بتلك التهم ومحاكمته أمام المحاكم اليمنية.
وإن كان وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون مكافحة الإرهاب والمخابرات المالية، دافيد كوهين، قد بدأ جولة خارجية لمكافحة تمويل الإرهاب في فبراير 2013 لعدد من الدول بغرض تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران وسوريا؛ فالمطلوب اليوم في البحرين استغلال هذا الحراك في تأكيد أن الإرهاب البحريني له علاقة بهذه المنظمات الإرهابية في إيران ولبنان، وإنشاء قاعدة بيانات مكافحة الإرهاب أسوة بألمانيا، وتسليم كافة ما يثبت تورط العصابات الإرهابية في البحرين بعناصر حزب الله اللبناني والحرس الإيراني ودعم تمويلهم، خاصة أن وزير الداخلية البحريني قد أكد في مؤتمر صحافي سابق أن الاعترافات محفوظة ومسجلة لديهم، كما أن هناك وثائق ومستندات وأدلة على تورط هذه الدول في تدريب الشباب وفي إدخال القنابل والمتفجرات المصنوعة في العراق وسوريا وإيران. وطالما كان هناك توجه دولي في تجفيف منابع الإرهاب؛ فعلى الجهات المعنية بالدولة إلى جانب الرأي العام البحريني إعادة حملات المقاطعة الفعلية وقطع الطريق أمام تمويل تجار الإرهاب من خلال تسخير مشاريع الدولة ومناقصاتها لهم، وبذل الجهود خلال الفترة القادمة في الضغط تجاه وقف التعامل مع التجار الداعمين للإرهابيين في البحرين ومعاقبتهم وسحب الجنسيات منهم وترحيلهم، أسوة بالقانون الألماني، لأن ذلك يشكل ضربة قاسمة تقطع رأس الأفعى الإرهابية، إلى جانب إدراجهم في قائمة سوداء يتم على أساسها تجميد حساباتهم حتى تلك الخارجية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي ووزارة الخزانة الأمريكية، وإن كان المثل يقول «ضرب الأعناق ولا قطع الأرزاق» فالأولى اليوم قطع أرزاقهم الإرهابية في البحرين حتى يقطع العنق الإرهابي ويموت.
المهم أن هذا التاجر لم يهدأ له بال ولم يسكت رغم تشبع من يجاوره ويستمع إليه من كلامه المكرر وعدم تقبله لجملة تبريراته، أنه حتى لو دعمهم فلم يكن القصد إسقاط النظام والإساءة للرموز و.. و..، وهو ما يعكس أن مقاطعة التجار الذين سخروا أموال تجارتهم لدعم بقاء المتظاهرين والإرهابيين في الدوار ووفروا كافة احتياجاتهم، بحيث لا تكون هناك حاجة لمغادرة المكان فعلاً تؤثر وتلوي ذراعهم بشكل أو بآخر حتى لو لم يكن بشكل كلي لكنها تؤثر بشكل كبير، وهذا هو المهم، فكلامه واستياؤه يعكس أحد الأدلة الدامغة على ذلك.
عندما نأتي إلى الوضع العام في البحرين نجده اتجه في فترة ما إلى تكثيف حملات المقاطعة، لدرجة اضطر بعض هؤلاء التجار إلى التراجع عن موقفهم العلني الذي كشفوه خلال أيام الأزمة في دعم المخربين والإرهابيين، ومحاولة إبداء الولاء للقيادة، كما كانت من النتائج الإيجابية التي جاءت كثمرة هذه الضغوطات اضطرارهم إلى إغلاق بعض محلاتهم وإفلاسها وتقليص حجم تجارتهم والتراجع عن افتتاح فروع جديدة، وهو دليل آخر بأن اتحاد الموقف العام يؤثر بشكل كبير في تجارتهم التي تدعم الإرهاب ويقطع الطريق عليها، سواء كانت الدولة تقاطع أو لا تقاطع.
الاتجاه العام أيضاً أحبط في الفترة التي تلت هذه المرحلة لكونه أخذ يسقط مسألة استمرار المقاطعة على الدولة والأطراف الحكومية من مؤسسات وجهات وجد أنها لا تقاطع، بل أنها حتى في حال وجود عدة خيارات في اختيار الشركة أوالمؤسسة المراد التعامل معها لتوفير مستلزمات مشروع معين أو فعالية فإن هؤلاء المسؤولين يتعاقدون مع «تجار الإرهاب»، وكأن الأمر انتقائي ومتعمد، وهو ما استفز هذه الشرائح أكثر وفك تلاحمها بشأن الموقف العام الموحد ضد المقاطعة بدعوى «طالما الدولة لا تقاطع التجار الذين وقفوا ضدها ودعموا حراك إسقاطها فلم نحن نضغط على أنفسنا ونقاطع»، وهو موقف سلبي وخاطىء، لأن هذا يعني ترك المسؤولية الوطنية والمجتمعية والدينية تجاه مقاطعة من يدعمون إهدار دم رجال الأمن وقتل الأبرياء، فحتى وإن كانت الدولة لا تقاطع فالمفروض على كل إنسان يرفض الإرهاب والإجرام أن يقاطع، وألا يساهم في هذا الإثم، وأن يفهم أن هذا لا يأتي من مسؤولية وطنية ومجتمعية فحسب؛ بل من مسؤولية دينية أيضاً، فديننا يرفض الإرهاب والقتل وإيذاء المسلمين، فمن يمنح المال لمن يدرك أنه سيستخدمه لقتل المواطنين لا يختلف عمن يقتل إلا في تفاوت درجة الجرم، كما أن دستورنا البحريني يقوم على الشريعة الإسلامية.
فإن كانت الدولة بمؤسساتها الرسمية لا تقاطع فالمفترض أن يضغط الرأي العام المحلي على هذا الملف كونه يعد توأماً وشريكاً أساسياً لملف مطالبات الدولة بتنفيذ القصاص وتطبيق عقوبات الإعدام بحق قتلة رجال الأمن والأبرياء، وان لا يتخلى عن هذه القضية الوطنية الهامة، كما أن المقاطعة تعد جزءاً كبيراً من الحل الذي يقطع الطريق أمام عصابات الإرهاب وتسللها إلى داخل مملكة البحرين، فمشروع تفجير المرفأ المالي خلال أيام الأزمة إلى جانب مطار البحرين الدولي أُحضر من لبنان على يد أحد عناصر حزب الله اللبناني، االذي دخل إلى البحرين بتأشيرة مهنية تتبع شركة أحد المتنفذين بالمجلس العلمائي غير المرخص، وهذا ما يعني ويفسر أن مقاطعة شركات هؤلاء التجار الداعمين للحراك الإرهابي وإغلاقها مطلب ذو أولوية وأهمية تفرض نفسها أكثر من مطلب تنفيذ القصاص، الذي يأتي وفق علاقة طردية، فعدم المقاطعة سبب يؤدي إلى نتيجة إدخال قادة الإرهاب للبحرين وتفجير القنابل التي تؤدي إلى القتل.
لذا فالرأي العام البحريني اليوم بحاجة إلى الضغط أكثرعلى هذا الملف لمنع تسريب المزيد من عصابات حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني إلى البحرين من خلال شركات المتنفذين والتجار، فهذه الشركات تُدرج ضمن أحد أبواب الخلايا الانقلابية الإرهابية التي تعد عصب التمويل الأساس لعمليات تفجير القنابل، فهي إلى جانب تسريبها لهذه الخلايا وأعضاء العصابات الإرهابية فإنها تمول الإرهاب والتخريب، وتمويلها للأسف يأتي من جيوب مؤسسات ووزارات الدولة ومن المواطنين أنفسهم، وكأن الدولة والمواطن «يطز عينيه بيده».
يجدر القول إن هذا الملف الشائك بحاجة إلى اهتمام الرأي العام البحريني إلى جانب الخليجي، وزيادة الوعي والتثقيف بشأنه، كما أنه بحاجة إلى تنظيم أهلي مرتب ومنسق تتبناه إحدى الجهات، بحيث تتولى إصدار قوائم المقاطعة الرسمية وتعميمها على الجمهور الداخلي أو الجمهور الخليجي الخارجي، فالمقاطعة تقطع الطريق أمام حرب الإرهاب الجارية على البحرين، ومن الممكن لها أن تؤثر وتقلل من إنشاء هذه الشركات التي هي في تزايد جراء تمويل المواطنين لها دون وعي، فقادة العصابات الإرهابية الذين دخلوا إلى البحرين يقودون تدريب الشباب على صنع القنابل وتفخيخ المناطق، وإن كانت الدولة لم تتخذ موقفاً صريحاً ورسمياً تجاه هؤلاء فأعتقد أن الوطن وقضيتنا البحرينية -عندنا كمواطنين- أهم بكثير من مجرد الوقوف والتخاذل وانتظار موقف الدولة الرسمي منهم، وهناك حاجة تفرض نفسها اليوم أكثر من أي وقت مضى بسبب تزايد عمليات الإرهاب وتفخيخ السيارات بالمتفجرات في المناطق بتوحيد الموقف العام تجاه هؤلاء، فكما أن هؤلاء التجار يحاولون لي ذراع الدولة اقتصادياً وإرهابياً، على الشارع اليوم الانتباه وترك التصرفات الفردية والأنانية والسلبية، وجعل هذه القضية من أولوياته بالفعل، فمن زهقت أرواحهم هم بشر لا دمى، ومعيب جداً أن يدعم المواطن ويمنح أمواله لهؤلاء التجار الذين يدعمون قتل الأبرياء ونثر العصابات في مناطقنا.
إن الاهتمام والتركيز على هذا الملف لا يخدم مملكة البحرين فحسب؛ بل له بعد إقليمي وعالمي من الممكن استغلاله مع الاتجاه العالمي في بعض الدول التي تسعى لفرض عقوبات على عصابات الإرهاب وتجميد تمويلاتهم الخارجية، ففي أمريكا الديمقراطية قامت وزارة الخزانة الأمريكية بإضافة ثلاثين شخصاً وشركة في لائحتها السوداء «مشتبه» (ركزوا) في سعيهم لدعم شبكات إرهابية في إيران وأفغانستان، وفي يوليو 2013 أقر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي إدراج الجناح العسكري لحزب الله اللبناني على القائمة السوداء بوصفه منظمة إرهابية، حيث يترتب على ذلك تجميد الأصول المالية للحزب في دول الاتحاد الأوروبي ووضع عقوبات سياسية على الشخصيات التي تمثل الحزب، كما قامت وزارة الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات على الأمين العام لحزب الله كون نشاط الحزب يقوض استقرار منطقة الشرق الأوسط ويشكل تهديداً مباشراً لأمن لبنان.
وفي ألمانيا، وبعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر نيويورك، أقر البرلمان مجموعة من القوانين لمحاربة الإرهاب منها إطلاع أجهزة المخابرات على تفاصيل حسابات البنوك والجامعات والمكتبات، كما سهلت القوانين القبض على من يشك في ضلوعه في عمليات إرهابية وترحيله خارج ألمانيا، في حين أقر مجلس الوزراء الألماني إنشاء قاعدة بيانات مكافحة الإرهاب التي تتضمن تسجيل معلومات عن أشخاص من مجال الإرهاب الدولي ومن يدعمهم، والاطلاع على المعاملات والحسابات البنكية، علماً أن القضاء الألماني لم يكشف عن تعريف مباشر للإرهاب والعمليات الإرهابية، بل اتجه لإصدار القرارات والعقوبات الرادعة للإرهاب التي تصب في مجال معاقبة الإرهابيين على جرائمهم.
حتى على المستوى العربي؛ دعمت اليمن خطوات الولايات المتحدة في إصدار قرارات لفرض عقوبات مالية على مواطنين يمنيين بتهم تمويل المنظمات الإرهابية، وأبدت استعدادها لتبني رفع دعاوى قضائية ضد كل من يثبت تورطه بتلك التهم ومحاكمته أمام المحاكم اليمنية.
وإن كان وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون مكافحة الإرهاب والمخابرات المالية، دافيد كوهين، قد بدأ جولة خارجية لمكافحة تمويل الإرهاب في فبراير 2013 لعدد من الدول بغرض تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران وسوريا؛ فالمطلوب اليوم في البحرين استغلال هذا الحراك في تأكيد أن الإرهاب البحريني له علاقة بهذه المنظمات الإرهابية في إيران ولبنان، وإنشاء قاعدة بيانات مكافحة الإرهاب أسوة بألمانيا، وتسليم كافة ما يثبت تورط العصابات الإرهابية في البحرين بعناصر حزب الله اللبناني والحرس الإيراني ودعم تمويلهم، خاصة أن وزير الداخلية البحريني قد أكد في مؤتمر صحافي سابق أن الاعترافات محفوظة ومسجلة لديهم، كما أن هناك وثائق ومستندات وأدلة على تورط هذه الدول في تدريب الشباب وفي إدخال القنابل والمتفجرات المصنوعة في العراق وسوريا وإيران. وطالما كان هناك توجه دولي في تجفيف منابع الإرهاب؛ فعلى الجهات المعنية بالدولة إلى جانب الرأي العام البحريني إعادة حملات المقاطعة الفعلية وقطع الطريق أمام تمويل تجار الإرهاب من خلال تسخير مشاريع الدولة ومناقصاتها لهم، وبذل الجهود خلال الفترة القادمة في الضغط تجاه وقف التعامل مع التجار الداعمين للإرهابيين في البحرين ومعاقبتهم وسحب الجنسيات منهم وترحيلهم، أسوة بالقانون الألماني، لأن ذلك يشكل ضربة قاسمة تقطع رأس الأفعى الإرهابية، إلى جانب إدراجهم في قائمة سوداء يتم على أساسها تجميد حساباتهم حتى تلك الخارجية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي ووزارة الخزانة الأمريكية، وإن كان المثل يقول «ضرب الأعناق ولا قطع الأرزاق» فالأولى اليوم قطع أرزاقهم الإرهابية في البحرين حتى يقطع العنق الإرهابي ويموت.