لا يمكن فصل موضوع الدين العام عما يجري من تجاوزات في مؤسسات الدولة ووزاراتها والشركات التابعة لها، جزء كبير من هذا الدين جاء بسبب عدم الرقابة وعدم المحاسبة لسنوات طوال في هذه المؤسسات، وبالتالي كان ذلك يشبه الرسالة السلبية للمسؤولين من أن الدولة لن تحاسب أحداً.
لا يمكن لدولة تنشد التطور والصعود والتقدم أن تحقق كل ذلك ما لم تضع مبدأ الثواب والعقاب نصب عينيها، لا يمكن لدولة تنشد التطور والنهوض بينما هي لا تحاسب المفسدين، ولا تتخذ إجراءات حيال حفظ المال العام.
رغم أن دبي مثلاً ليست بها ديمقراطية المجالس المنتخبة؛ إلا أن سمو الشيخ محمد بن راشد، حاكم دبي، يسجل إنجازات كبيرة في الرقابة والمحاسبة، ولا يتهاون مع أي شخص يتلاعب بالمال العام، أو يقوم بأي شكل من أشكال الفساد، وهذا يحسب للشيخ محمد بن راشد، لذلك ترى العمل في دبي يسير مثل الساعة؛ بدقة والتزام وإنجازات.
بينما يخشى أي مسؤول هناك أن يحصل له كما حصل للذين تجاوزوا القانون أو تلاعبوا بالمال العام، من هنا أصبح في دبي مشهد واحد أمام الجميع، تقوم بالعمل والإنجاز ستحصل على كل أنواع التقدير، ستختلس أو تعقد صفقات مشبوهة أو تقوم بأي فساد مالي أو إداري ستلاقي جزاءك وتحال للمحاكم مهما كنت ومهما كانت عائلتك..!
منذ أن أسند سمو رئيس الوزراء حفظه الله مهمة متابعة ملف تقرير الرقابة المالي إلى سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد -حفظه الله- وأهل البحرين يستبشرون خيراً بأن يتخذ سمو ولي العهد إجراءات مختلفة تماماً عما يحدث كل عام، وهذا ما حدث فعلاً.
القرارات التي أصدرها سمو ولي العهد أمس الأول عبرت عن التزام سموه باتخاذ خطوات عملية في موضوع الرقابة والحساسبة مع كل المخالفات ذات الصبغة الجنائية، أو المخالفات الأخرى، مما جعل الناس تتفاءل بأن يكون تعامل الدولة مع تقرير ديوان الرقابة لهذا العام بشكل مختلف تماماً.
لمسنا حالة من الرضا عند الناس خصوصاً بعد توجيهات سمو ولي العهد بإحالة المخالفات إلى النيابة العامة، وتوقيف عدد من الخاضعين لإجراء التقاضي عن العمل إلى حين أن تبت الجهات القانونية في المخالفات، وهذا إجراء قوي ومهم أسعد أهل البحرين بعد أن كنا نتعامل مع تقارير ديوان الرقابة بشكل (تخديري حتى ينسى الناس موضوع التقرير).
يحسب لسمو ولي العهد سلمان بن حمد أنه وضع عدة ضوابط خلال ترؤسه لجنة متابعة ملاحظات تقارير ديوان الرقابة المالية، فقد وجه سموه إلى هذه الإجراءات التي اعتبرت هامة جداً وأسعدت الناس:
- بدأ تحقيق داخلي مع المعنيين بـ«مطاحن الدقيق» و«غرفة البحرين للمنازعات» بعدما ورد من ملاحظات في تقرير ديوان الرقابة المالية.
- توجيه النيابة العامة والمحاكم إلى سرعة البت في القضايا المنظورة التي تتعلق بالرقابة المالية.
- التعامل مع مخالفات الرقابة وفق مسارين؛ قانوني وإجرائي.
- تنفيذ جوانب إجراءات حول مخالفات الرقابة المالية غير ذات الشبهة الجنائية.
- 6 أشهر حد أقصى للجهات الحكومية لاعتماد سياسات رقابية تجنبها تكرار المخالفات.
- تكريس نهج التدقيق بالأجهزة الحكومية والتفاعل مع الجهات الرقابية.
كل هذه الخطوات صبت في معالجة ما ورد في تقرير ديوان الرقابة المالية الأخير، وهذا جعل المواطن يشعر أن هناك توجهاً جديداً في طريقة التعاطي مع تقارير الرقابة المالية، فما تقوم به الحكومة اليوم هام جداً لحفظ المال العام، فلماذا ننتظر أن يحاسب البرلمان الوزراء، على الدولة نفسها ألا تقبل بالتجاوزات وتقوم نفسها بخطوات رقابية وعقابية ومحاسبة تجاه من يتلاعب بالمال العام.
بالمقابل فإن هناك بعض التساؤلات التي تشغلنا، وهي:
- لماذا اختفت وزارات بعينها من تقرير ديوان الرقابة إلا بملاحظات غير هامة؟
- هل صدر تقرير ديوان الرقابة بعد «التنقيح» وتم استبعاد وزارات تعج بالمخالفات وهي معروفة للناس؟
- هل ستحال التجاوزات في الشركات الحكومية إلى النيابة العامة؟
بعض الوزراء أخذ يقوم بحركات (بهلوانية) وإقامة استعراضات وفعاليات مؤخراً استرضاء للقيادة حتى يبقى في منصبه إذا ما حدث تشكيل وزاري قادم، فهل سيتم غض النظر عن التجاوزات والإخفاقات والتخلف عن الإنجاز بمجرد أن يقوم الوزير بإقامة فعاليات تسترضي القيادة؟
حتى لا نصبح متخلفين أكثر عن دول الجوار؛ على الدولة أولاً أن تكرس مبدأ المحاسبة والرقابة ومعاقبة من يتطاول على المال العام أو يتلاعب بالمناقصات، أو يقوم بأي نوع من أنواع الفساد.
هذا أهم إجراء على الدولة أن تتخذه قبل الحديث عن التنمية والاستدامة واستقطاب الاستثمارات الخارجية؛ فأول خطوات جلب الاستثمارات يتطلب محاربة البيروقراطية ووضع أشخاص يحبون البحرين في مراكز استقطاب الاستثمارات.
** رذاذ
مجموعة من النواب أطلقوا تصريحات للاستهلاك المحلي، فقد قالوا إنهم سيقومون باستجواب وزير المالية على خلفية رفع الدعم عن الديزل واللحوم!
إخواننا في السعودية يقولون كلمة جميلة.. «معصي عليكم.. معصي»!!
{{ article.visit_count }}
لا يمكن لدولة تنشد التطور والصعود والتقدم أن تحقق كل ذلك ما لم تضع مبدأ الثواب والعقاب نصب عينيها، لا يمكن لدولة تنشد التطور والنهوض بينما هي لا تحاسب المفسدين، ولا تتخذ إجراءات حيال حفظ المال العام.
رغم أن دبي مثلاً ليست بها ديمقراطية المجالس المنتخبة؛ إلا أن سمو الشيخ محمد بن راشد، حاكم دبي، يسجل إنجازات كبيرة في الرقابة والمحاسبة، ولا يتهاون مع أي شخص يتلاعب بالمال العام، أو يقوم بأي شكل من أشكال الفساد، وهذا يحسب للشيخ محمد بن راشد، لذلك ترى العمل في دبي يسير مثل الساعة؛ بدقة والتزام وإنجازات.
بينما يخشى أي مسؤول هناك أن يحصل له كما حصل للذين تجاوزوا القانون أو تلاعبوا بالمال العام، من هنا أصبح في دبي مشهد واحد أمام الجميع، تقوم بالعمل والإنجاز ستحصل على كل أنواع التقدير، ستختلس أو تعقد صفقات مشبوهة أو تقوم بأي فساد مالي أو إداري ستلاقي جزاءك وتحال للمحاكم مهما كنت ومهما كانت عائلتك..!
منذ أن أسند سمو رئيس الوزراء حفظه الله مهمة متابعة ملف تقرير الرقابة المالي إلى سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد -حفظه الله- وأهل البحرين يستبشرون خيراً بأن يتخذ سمو ولي العهد إجراءات مختلفة تماماً عما يحدث كل عام، وهذا ما حدث فعلاً.
القرارات التي أصدرها سمو ولي العهد أمس الأول عبرت عن التزام سموه باتخاذ خطوات عملية في موضوع الرقابة والحساسبة مع كل المخالفات ذات الصبغة الجنائية، أو المخالفات الأخرى، مما جعل الناس تتفاءل بأن يكون تعامل الدولة مع تقرير ديوان الرقابة لهذا العام بشكل مختلف تماماً.
لمسنا حالة من الرضا عند الناس خصوصاً بعد توجيهات سمو ولي العهد بإحالة المخالفات إلى النيابة العامة، وتوقيف عدد من الخاضعين لإجراء التقاضي عن العمل إلى حين أن تبت الجهات القانونية في المخالفات، وهذا إجراء قوي ومهم أسعد أهل البحرين بعد أن كنا نتعامل مع تقارير ديوان الرقابة بشكل (تخديري حتى ينسى الناس موضوع التقرير).
يحسب لسمو ولي العهد سلمان بن حمد أنه وضع عدة ضوابط خلال ترؤسه لجنة متابعة ملاحظات تقارير ديوان الرقابة المالية، فقد وجه سموه إلى هذه الإجراءات التي اعتبرت هامة جداً وأسعدت الناس:
- بدأ تحقيق داخلي مع المعنيين بـ«مطاحن الدقيق» و«غرفة البحرين للمنازعات» بعدما ورد من ملاحظات في تقرير ديوان الرقابة المالية.
- توجيه النيابة العامة والمحاكم إلى سرعة البت في القضايا المنظورة التي تتعلق بالرقابة المالية.
- التعامل مع مخالفات الرقابة وفق مسارين؛ قانوني وإجرائي.
- تنفيذ جوانب إجراءات حول مخالفات الرقابة المالية غير ذات الشبهة الجنائية.
- 6 أشهر حد أقصى للجهات الحكومية لاعتماد سياسات رقابية تجنبها تكرار المخالفات.
- تكريس نهج التدقيق بالأجهزة الحكومية والتفاعل مع الجهات الرقابية.
كل هذه الخطوات صبت في معالجة ما ورد في تقرير ديوان الرقابة المالية الأخير، وهذا جعل المواطن يشعر أن هناك توجهاً جديداً في طريقة التعاطي مع تقارير الرقابة المالية، فما تقوم به الحكومة اليوم هام جداً لحفظ المال العام، فلماذا ننتظر أن يحاسب البرلمان الوزراء، على الدولة نفسها ألا تقبل بالتجاوزات وتقوم نفسها بخطوات رقابية وعقابية ومحاسبة تجاه من يتلاعب بالمال العام.
بالمقابل فإن هناك بعض التساؤلات التي تشغلنا، وهي:
- لماذا اختفت وزارات بعينها من تقرير ديوان الرقابة إلا بملاحظات غير هامة؟
- هل صدر تقرير ديوان الرقابة بعد «التنقيح» وتم استبعاد وزارات تعج بالمخالفات وهي معروفة للناس؟
- هل ستحال التجاوزات في الشركات الحكومية إلى النيابة العامة؟
بعض الوزراء أخذ يقوم بحركات (بهلوانية) وإقامة استعراضات وفعاليات مؤخراً استرضاء للقيادة حتى يبقى في منصبه إذا ما حدث تشكيل وزاري قادم، فهل سيتم غض النظر عن التجاوزات والإخفاقات والتخلف عن الإنجاز بمجرد أن يقوم الوزير بإقامة فعاليات تسترضي القيادة؟
حتى لا نصبح متخلفين أكثر عن دول الجوار؛ على الدولة أولاً أن تكرس مبدأ المحاسبة والرقابة ومعاقبة من يتطاول على المال العام أو يتلاعب بالمناقصات، أو يقوم بأي نوع من أنواع الفساد.
هذا أهم إجراء على الدولة أن تتخذه قبل الحديث عن التنمية والاستدامة واستقطاب الاستثمارات الخارجية؛ فأول خطوات جلب الاستثمارات يتطلب محاربة البيروقراطية ووضع أشخاص يحبون البحرين في مراكز استقطاب الاستثمارات.
** رذاذ
مجموعة من النواب أطلقوا تصريحات للاستهلاك المحلي، فقد قالوا إنهم سيقومون باستجواب وزير المالية على خلفية رفع الدعم عن الديزل واللحوم!
إخواننا في السعودية يقولون كلمة جميلة.. «معصي عليكم.. معصي»!!