دعونا من «الزبد» الذي يذهب جفاء، ولا تشغلوا أنفسكم بتحقيق قانوني جرى لشخص على خلفية اتهامه بالتحريض على الطائفية، أهم الجهات التي انتصرت له كان رئيس الخدم الإيراني «حسن نصرالله» وتداعت له الكتيبة الصغيرة للخدم الإيرانية في البحرين، فخخوا سيارتين وحرقوا سيارتين والأجهزة الأمنية عملها جارٍ في البحث عن المجرمين.. وقبضت على أحدهم.. ما يعنينا ويهمنا أن حياتنا لم تعلق ومستمرة والحمد لله، الناس في أشغالها والأطفال في مدارسها والأسواق مفتوحة والجو ما شاء الله بديع، وعلى الإعلام أن يركز في ما ينفع الناس لأن هذا ما يبقى في الأرض، أما الاهتمام بالزبد فهو الغاية التي ينشدونها ويحلمون بها، أن تعطلوا حياتكم وتتابعوا أخبار كذبهم وافتراءاتهم ومحاولتهم المستمرة للبحث عن منقذ أجنبي ينتشلهم من مستنقع الفشل.
أهم الأحداث التي تحتاج التركيز في الأيام القادمة هو الحث على تفعيل الرقابة الشعبية على المال العام من خلال الأدوات الدستورية المتاحة والتي لا تقتصر على ما منح للنواب، بل تمتد إلى جميع وسائل التواصل الإعلامي «الإعلام الجديد» ووسائل الإعلام التقليدية، والمجالس والاجتماعات العامة لمؤسسات المجتمع المدني، على هؤلاء جميعاً أن ينشغلوا في موضوع «الرقابة المالية» هذا ما يجب أن يشغل الناس ويشتغلوا به الآن، خاصة والبلاد مقبلة على انتعاش اقتصادي كبير يحتاج إلى «صحصحة».
وعلى هذا الأساس كان تقرير «بنا» عن عمل اللجنة التنسيقية التي يرأسها سمو ولي العهد أهم ما نشر في كل الصحف البحرينية أمس، وكان يجب أن يمنح الرعاية لولا أنه لم يأتِ بتطور جديد في عمل اللجنة، وكان يمكن لـ«بنا» أن تلفت نظر القارئ له أكثر لو أنها اكتفت بما قامت به صحيفة «الوطن» من رسم توضيحي يبين عدد الاجتماعات والخلاصة من كل اجتماع بدلاً من الصياغة المملة التي تم بها التقرير والحافلة بالإعادة والزيادة مما قد يدفع للزهد في قراءته.
الغرض من انتقاد الصياغة أننا نريد شراكة الرأي العام ومشاركته بأفراده ومؤسساته أن يرافقوا عمل اللجنة مرافقة حيثية كالتوأمة، يتابعون ويعلقون على عمل اللجنة وعلى عمل النواب بعد الانتهاء من عمل اللجنة المالية «حجتهم التي يتذرعون بها».
فمهمة الحفاظ على المال العام ليست مهمة هذه اللجنة أو مهمة السلطة التنفيذية وحدها ولا حتى مهمة النواب وحدهم، إنما هي مهمة وطنية.
ولا تبقى السلطات «مصحصحة» ومستنفرة للعمل ومدققة على كيفية إدارة المال العام إلا إذا كانت هناك رقابة شعبية «مصحصحة» هي الأخرى، لا تغفل ولا تغفو وتنشغل بالزبد وتركز على ما ينفع الناس وتسأل وتتابع وتعلق وتحلل وتدعو أعضاء السلطات للاجتماع بها في اجتماعات عامة علنية تعلن عنها مسبقاً وتضع أعضاء السلطتين في مواجهة الرأي العام إن هم رفضوا الحضور، ونحن إلى الآن لم نسمع عن جمعية واحدة من جمعيات المجتمع المدني سياسية أو مهنية استدعت أياً من أعضاء السلطتين «التنفيذية أو التشريعية» في اجتماع عام يرد فيه على استفساراتهم.
كل ما نعرفه إلى الآن أن اللجنة التنسيقية التي يرأسها ولي العهد قامت بأربعة اجتماعات من 1-24 ديسمبر، ويوم 19 ديسمبر خصص لاستلام الردود من الوزارات.
وشكلت لجان قانونية تمت إحالة عدد من الموظفين للتحقيق في النيابة العامة وإيقافهم عن العمل على غير ما جرت العادة سابقاً، ووجهت إلى تفعيل مقترح إنشاء جهاز للتدقيق الداخلي بوزارة المالية ونادوا الخدمة المدنية للتسريع به، يبدو أن المقترح كان نائماً في الأدراج ونفضوا الغبار عنه، كما ناشدوا النيابة في الإسراع بعملها والقضاء بعدم التأجيل والتطويل.
لنقل إن عمل اللجنة حتى الآن هو جيد قياساً بالفترة الزمنية، وممتاز قياساً بآلية المتابعة السابقة، خاصة نحن نتكلم عن شهر واحد فقط، وهي سرعة مناسبة لعمل محاسبي جاهز المعطيات مقدم على طبق من ذهب من خلال عمل ديوان الرقابة المالية الدؤوب طوال السنة الماضية، إنما هذه السرعة ممكن أن تعود لسابق عهدها، وأدراج التخزين ممكن أن تفتح مرة أخرى لتخزين الإجراءات والمقترحات التي اعتادت النوم فيها، لذا فإن دور «الرقابة الشعبية» الآن هو الإبقاء على هذا الرتم وعدم العودة به إلى الإيقاع القديم، وذلك لن يكون ورتم المجتمع المدني كالسابق، يجلس وينتظر فتات المعلومات التي ترشح من الاجتماعات، ينام بانتظار النتائج، لدينا أكثر من 600 جمعية مدنية وأكثر من 20 حزباً سياسياً وأكثر من مجلس عام في كل محافظة ومئات المغردين إن لم يكونوا آلافاً وكتاب أعمدة وخمس صحف يومية وتلفزيون يتيم «وينكم»؟!