وطنك كمحارمك وغيرتك على محارمك لا تختلف في منطقها ومحفزاتها أبداً عن غيرتك على وطنك، هذا منطق عام يحكم هذه العلاقة وذلك الشعور بالحمية والغيرة الغريزية الطبيعية، منطق لا يتغير ولا تتبدل معاييره حتى عند مواطني أعرق الدول الديمقراطية وأكثرهم ليبرالية.
يحتقر ويزدرى ويحاكم بل ويعدم عند بعض الدول الأوروبية ومجتمعاتهم من يلجأ لجهة أجنبية من أجل إقحامها في إشكال محلي أياً كانت درجة هذا الإشكال، ومجتمعاتهم لا تتعامل بأقل من الازدراء عندما يرتكب هذا الفعل والسلوك المشين أحد منهم.
لا يمكن أن تلجأ شخصيات أو أحزاب بريطانية أو فرنسية إلى الولايات المتحدة الأمريكية حين تختلف مع حكوماتها، أو إلى وزارة الخارجية الأمريكية أو لجنة للشؤون الخارجية في البرلمان الروسي، وهم كمجتمعات مثلهم مثلنا يعدون من يفتح الباب لتدخل أجنبي في شأنهم المحلي كمن أدخل رجلاً على زوجته أو والدته لينتهك عرضها، لا يختلف هذا المنطق في أي بقعة من بقاع الأرض.
لم أرَ سلوكاً مشابهاً لأصحاب الجولة الأوروبية الذين تركوا الحوار البحريني الوطني وذهبوا يلعقون حذاء أشتون وكاميرون وهولاند من أجل أن تتدخل دول أجنبية في السلطة القضائية البحرينية وفي سلطاتها التشريعية إلا كسلوك من يدعو رجلاً غريباً ليدخل على زوجته أو أمه أوأي من محارمه لينتهك عرضها، أعطوني تشبيهاً مغايراً لمن أعطي له الحلال فاختار الحرام!!
حاولت أن أجد تشبيهاً ملطفاً أو «تصالحياً» لأصحاب الجولة الأوروبية، تشبيهاً يتماشى مع رغباتهم في تهيئة الأجواء للحوار فلم أجد غيره بل إنني تلطفت وراعيت أدب الحوار، ولا أعتقد أن أياً من الأوروبيين الذين اجتمعوا بتلك الجماعة لم يرهم إلا كما نراهم «خونة» لكنهم جهات لها مصالحها وتستفيد من كل بائع يعرض بضاعته للبيع، فتبسمهم في وجوههم مثلما يبتسم الغريب للشخص بعد أن ينفحه مبلغاً من المال وهو خارج من غرفة نومه!
لا يوجد وصف لمن يجاهر بخيانته إلا هذا، لا يوجد وصف يتطابق مع مؤتمر صحفي للجهر بالخيانة كما فعلوا وهم باقون معززون مكرمون في أوطانهم، أتيح لهم العمل السياسي (الحلال) في أوطانهم أتيح لهم تشكيل حزب سياسي في وطنهم له موازنة مخصصة من ميزانية الدولة أتيحت لهم حرية التنقل وعقد المؤتمرات الصحفية وعقد الاجتماعات العامة وأتيحت لهم صحيفة تحت أمرهم تسوق وتروج لهم ولأفكارهم وأتيح لهم تسيير المسيرات وأتيح لهم الدخول في سلطة تشريعية منتخبة وأتيح لهم حوار يشاركون فيه شركاء وطنهم ويشاركون فيه الحكم بسقف مفتوح حول مرئياتهم لشكل النظام السياسي الذي يعتقدون أنه الأفضل وأتيحت لهم أدوات التغيير والتعديل عبرالسلطة التشريعية أوعبر الاستفتاء، أتيح لهم وطن فتح ذراعيه لهم وأعطاهم كافة الحقوق السابق ذكرها ولم يحرمهم من أي منها، بل تغاضى عن خيانتهم وتغاضى عن مسلكهم المشين والمخزي خشية من وقوع محظور يقود البلاد إلى ما آلت إليه دولة دخلها محتل بفضل من فتح لهم باب غرف النوم الخلفية كما يفعلون هم الآن، ووووو باختصار لديهم كل ما يحتاجونه للعمل السياسي المتاح والمشروع والعلني (بالحلال) نقصد بالدستور وبالقانون، فاختاروا خيانته، فلا عجب أن يطالبوا بإسكات الأصوات التي تدير لهم المرآة ليروا حقيقة وجوههم وواقعهم في زمن أصبحت المجاهرة فيه بالخيانة معلنة بمؤتمر صحافي.