يبدو أن البعض الذي يعتبر نفسه منتمياً إلى المعارضة «يستانس» عندما يتم توقيفه في المطار وهو مغادر أو قادم لسبب أو لآخر، فمثل هذا «الحدث العظيم» يوفر له الانتشار والشهرة، ويوفر لـ«المعارضة» فرصة انتقاد الحكومة وإخراج «النعر» الذي يملأ رأسها.
ما يحدث بعد التوقيف ولو لدقائق بغرض الاستفسار عن أمر ما هو أن يبادر «البطل» إلى نشر تغريدة مفادها أنه تم توقيفه في المطار، هذه التغريدة التي يكرر نشرها بسرعة يتسلمها مغردون آخرون ليعيدوا نشرها كي ما يسمع بها حتى من به صمم، يلي ذلك بث التغريدة على شكل خبر من خلال القنوات السوسة، وعلى رأسها فضائية «أخبار العالم» الإيرانية، التي استعادت نشاطها مؤخراً، وذلك بعد وضع شيء من البهارات عليه بقصد توفير المبرر لاستضافة «معارضين» من البحرين وبريطانيا ليعلقوا عليه، وليدلوا بدلوهم ويشرحوا ويحللوا.. ويحرموا! ثم ليتسلم الأمر من بعدهم كاتبو التقارير والمقالات، حيث يتم نشر قصة التوقيف الذي ربما لم يزد عن دقيقتين بعد إضافة بهارات أخرى عليه وتأويل الموضوع في المواقع الإلكترونية وبعض الصحف المتعاطفة والتي تنشر كل ما يأتيها منهم.
يحدث كل هذا رغم أن الموضوع كله «ما يسوى»، لأن كل الذي حدث هو أن «البطل» تعطل لبضع دقائق ولأنه فرح بالأمر ولم يصدق أسرع بنشر تغريدته التي تلقفها أولئك لتتحول بعد ساعة واحدة فقط إلى قصة يمكن تطويرها لتصير فيلماً.
لو كلف أحدهم نفسه وراجع المسؤولين في المطار لتبين له أنه يحدث باستمرار أن يتعطل مسافر مغادراً كان أو قادماً لبعض الوقت لسبب أو لآخر، فالمطار منفذ يتطلب أن تتوفر فيه لدى المسؤولين عن السماح بالدخول والخروج عبره معلومات دقيقة تتيح لهم فرصة اتخاذ القرار الصحيح، ولأن هذا الأمر غالباً يحدث من دون أن يشعر به المسافر، لذا فإن الأمور تسير عادة بشكل طبيعي إلا لماماً.
المضحك في الموضوع هو أن هذا «المعارض» الذي وصل حد أن صار يرى نفسه نجماً، كما هم نجوم الفن والسينما، يعتبر طلب موظف الجوازات منه الانتظار قليلاً توقيفاً، فيسعى إلى انتهاز الفرصة في التو والحال بإرساله تلك التغريدة التي تشبع غروره وفي نفس الوقت تؤلب «البسطاء» ضد الحكومة وتفتح باب رزق لتلك الفضائيات السوسة التي تنتظر أخباراً من هذا النوع كي ترقص عليها.
للأسف، هذا هو الذي يحدث بالضبط وليس غير هذا، وللقارئ أن يطبق الأمر نفسه على حوادث الاستدعاء والتحقيق والحجز والتوقيف، وله أن يتوقع أيضاً أن مثل هذا «النجم» لو لم يحدث معه شيء من ذلك فسيظل يعاني، لذا فإن عليه -الجمهور- أن يتوقع في أي لحظة انتشار أي خبر مهما كان صغيراً عنه، يرضي غروره.
شخصياً لا أستبعد في أجواء كهذه التي نعيشها أن يتم الاستفادة من خبر جرح مثل هذا النجم أو البطل لنفسه أثناء الحلاقة بنشر تغريدة مرفقة بصورته والدم يسيل من الجرح ملخصها أنه تعرض لجرح في وجهه أثناء قيامه بالحلاقة «وهو يفكر في الأوضاع التي تعيشها البلاد» أي أنه انجرح لأنه مهموم، ليتسلم بعد ذلك الآخرون الموضوع ويتهموا الحكومة بأنها السبب الأول والأخير وراء تعرض ذلك النجم البطل إلى جرح في وجهه، ارتقى بسبب التناقل من جرح بسيط إلى.. غائر!
إنها أفلام يصنعها من صار يعتبر نفسه معارضاً لتشبع غروره وليسهم بها في شحن العامة من الناس الذين لا يعرفون السالفة ولا يدركون كيف يتم استغلالهم ليكونوا حطباً لنار أشعلوها ولم يعودوا قادرين على إطفائها.
قصص التوقيف في المطار يحبها «ام فوشرية المعارضة» كثيراً لأنها تزيد من نجوميتهم.