كانت خطوة لافتة وشجاعة للغاية عندما كشرت الحكومة عن أنيابها وقررت محاسبة نفسها من تلقاء نفسها ومحاسبة المتورطين في التجاوزات المالية والإدارية حسبما ورد في تقرير ديوان الرقابة. وهي خطوة انتظرتها البحرين أكثر من عشر سنوات دون جدوى، والآن حان وقتها أخيراً لكي تكون هناك مصداقية لما توافق عليه شعب البحرين من خلال الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني في مثل هذا الوقت قبل 13 عاماً.
بقرارات شجاعة استطاعت اللجنة التنسيقية الحكومية تحريك ملف الفساد وتمكنت من إحالة مجموعة من القضايا للنيابة العامة لتشرع في تحقيقاتها تمهيداً لإحالة هذه القضايا للقضاء.
هذا هو المسار الذي اختطته اللجنة التنسيقية، ولكن الحديث اليوم عن قضايا مطروحة ومثارة من قبل الرأي العام البحريني تتعلق بتجاوزات هنا وهناك في مؤسسات السلطة التنفيذية، ومادامت الحكومة على قناعة وإيمان بضرورة محاسبة كل متجاوز وفاسد فإن هذا المبدأ ينبغي أن يتم التعامل معه بقدر من المساواة والعدالة بين الجميع، فالمساواة في الظلم عدالة إن كان هناك ظلم في الأساس أصلاً.
ووفق هذا التأسيس لمفهوم محاربة الفساد، من الأهمية بمكان أن تشمل المحاربة جميع المتورطين لا أن تكون عملية انتقائية تطبق على مسؤول دون آخر، أو موظف دون آخر، أو مؤسسة دون غيرها، وهذا كله يؤسس لمصداقية حقيقية ويدعم جهود محاربة الفساد، وحينها ستكون المصداقية عالية.
يعود النقاش بين الرأي العام البحريني مجدداً بشأن قضية الفساد الإداري والمالي التي يتورط فيها أحد المسؤولين السابقين بعد تجاوزات تم اكتشافها في إحدى المعاهد التدريبية التي كان يشرف عليها المسؤول نفسه الذي تولى حقيبة وزارية سابقاً.
الصحافة المحلية تناولت القضية منذ شهور طويلة ولم تصدر تعليقات رسمية بشأنها من أي جهة. ولكنها اليوم تعود مجدداً بعد أن نشرتها (الوطن) وصارت حديث الرأي العام عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ومازالت هناك حقائق كثيرة لم يتم الكشف عنها، خاصة وأن من قدم طلب التحقيق في القضية هو أحد الوزراء الحاليين الذي هاله حجم الفساد المالي والإداري في تلك المؤسسة التدريبية فأحال الموضوع للسلطة القضائية.
التحدي اليوم ليس في تبادل الاتهامات والتصريحات عبر وسائل الإعلام، بل التحدي يتمثل في كيفية الالتزام بالشفافية التامة لمعالجة شبهات الفساد للوزير السابق والمؤسسة التدريبية التي كان يشرف عليها. والأهم من ذلك أن تتحمل النيابة مسؤوليتها الدستورية والقانونية وأن تنظر بجدية في هذه القضية المثيرة للجدل، وتحيلها للقضاء إذا كانت تستحق ذلك، ليقوم القضاء بالفصل فيها بكل حيادية ونزاهة واستقلالية.
إن تخاذل أي طرف من الأطراف تجاه هذه القضية المثيرة للجدل من شأنه أن يهدد مصداقية السلطة القضائية ويجعلها على المحك، وفي الوقت نفسه يقوض جهود مكافحة الفساد، فلا يمكن القبول بأي شكل من الأشكال بمحاسبة صغار الموظفين على حساب كبار المسؤولين.
{{ article.visit_count }}
بقرارات شجاعة استطاعت اللجنة التنسيقية الحكومية تحريك ملف الفساد وتمكنت من إحالة مجموعة من القضايا للنيابة العامة لتشرع في تحقيقاتها تمهيداً لإحالة هذه القضايا للقضاء.
هذا هو المسار الذي اختطته اللجنة التنسيقية، ولكن الحديث اليوم عن قضايا مطروحة ومثارة من قبل الرأي العام البحريني تتعلق بتجاوزات هنا وهناك في مؤسسات السلطة التنفيذية، ومادامت الحكومة على قناعة وإيمان بضرورة محاسبة كل متجاوز وفاسد فإن هذا المبدأ ينبغي أن يتم التعامل معه بقدر من المساواة والعدالة بين الجميع، فالمساواة في الظلم عدالة إن كان هناك ظلم في الأساس أصلاً.
ووفق هذا التأسيس لمفهوم محاربة الفساد، من الأهمية بمكان أن تشمل المحاربة جميع المتورطين لا أن تكون عملية انتقائية تطبق على مسؤول دون آخر، أو موظف دون آخر، أو مؤسسة دون غيرها، وهذا كله يؤسس لمصداقية حقيقية ويدعم جهود محاربة الفساد، وحينها ستكون المصداقية عالية.
يعود النقاش بين الرأي العام البحريني مجدداً بشأن قضية الفساد الإداري والمالي التي يتورط فيها أحد المسؤولين السابقين بعد تجاوزات تم اكتشافها في إحدى المعاهد التدريبية التي كان يشرف عليها المسؤول نفسه الذي تولى حقيبة وزارية سابقاً.
الصحافة المحلية تناولت القضية منذ شهور طويلة ولم تصدر تعليقات رسمية بشأنها من أي جهة. ولكنها اليوم تعود مجدداً بعد أن نشرتها (الوطن) وصارت حديث الرأي العام عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ومازالت هناك حقائق كثيرة لم يتم الكشف عنها، خاصة وأن من قدم طلب التحقيق في القضية هو أحد الوزراء الحاليين الذي هاله حجم الفساد المالي والإداري في تلك المؤسسة التدريبية فأحال الموضوع للسلطة القضائية.
التحدي اليوم ليس في تبادل الاتهامات والتصريحات عبر وسائل الإعلام، بل التحدي يتمثل في كيفية الالتزام بالشفافية التامة لمعالجة شبهات الفساد للوزير السابق والمؤسسة التدريبية التي كان يشرف عليها. والأهم من ذلك أن تتحمل النيابة مسؤوليتها الدستورية والقانونية وأن تنظر بجدية في هذه القضية المثيرة للجدل، وتحيلها للقضاء إذا كانت تستحق ذلك، ليقوم القضاء بالفصل فيها بكل حيادية ونزاهة واستقلالية.
إن تخاذل أي طرف من الأطراف تجاه هذه القضية المثيرة للجدل من شأنه أن يهدد مصداقية السلطة القضائية ويجعلها على المحك، وفي الوقت نفسه يقوض جهود مكافحة الفساد، فلا يمكن القبول بأي شكل من الأشكال بمحاسبة صغار الموظفين على حساب كبار المسؤولين.