دخلنا شهر فبراير، وإن كنتم لم تنتبهوا بعد، فإن ما تبقى من عمر مجلس النواب في دور انعقاده الحالي قرابة ثلاثة شهور، إلا إن تم مد المدة، قبل أن ينتهي الفصل التشريعي الثالث تماماً، لتبدأ بعده الاستعدادات لانتخابات الفصل التشريعي الرابع.
خــلال أدوار الانعقــاد الأخيــرة فــي الفصل الأخير، ومع دخول بعض المترشحين في الانتخابات التكميلية، مازال الناس يعيشون حالة استياء وتذمر من بعض نوابهم باعتبار أنهم خذلوهم ولم يحققوا لهم طموحاتهم ويحلوا همومهم، وأن أكثرهم باع الناس «شعارات وهمية» لم يتحقق أقلها على أرض الواقع، إضافة إلى أن كثيراً من النواب أخذ يبرر «سوء أدائه» بوضعية المجلس وآلية العمل فيه، دون أن يقابل ذلك أقلها بفعل مثل الاستقالة كاحترام أدبي لمن صوت له، بل قبل بأن يواصل ويستمر وهو «يتحلطم» على الآليات في نفس الوقت.
الآن ستبدأ عمليات «التلميع» في بعض الشخصيات، وهناك من سيحاول مرة أخرى الدخول للمجلس، وكثير من هؤلاء سيواجهون وقتاً عصيباً إن واجههم الناخبون بشعاراتهم التي رفعوا في الحملات الانتخابية السابقة ومدى تحققها على أرض الواقع.
في الصيف ستكون هناك محاولات لاستعادة الثقة ولو مؤقتاً حتى فرز الأصوات، ليضمن من يريد الوصول للبرلمان وصوله بفضل أصوات الناخبين، ستكون هناك إغراءات وعطاءات عينية ونقدية بالتأكيد، فالمال السياسي سيد الموقف في كل انتخابات مهما كانت المحاولات لضبط المسألة وتجريم ذلك، فهناك من يلعب على وتر احتياجات البسطاء ليصوتوا له ثم ينساهم وينسى همومهم لأربعة أعوام، ثم بعدها يعود كما يعود «الابن الضال».
جمعية الوحدة الوطنية أعلنت أنها ستخوض الانتخابات، وهذا أمر متوقع منذ اليوم الأول لإعلان تأسيسها، بالتالي هاهي كتلة جديدة ستدخل، تضيف نفسها لكتل أخرى محسوبة على جمعيات، مع ترك الباب مفتوحاً لفرضية قوية تقول بأن الوفاق ستدخل، لأنها أصلاً تريد أن تدخـــل، وابحثوا عن بعض المجمعـــات السكنية وارصدوا عملية تغيير العناوين.
الفكرة هنا معنية بوضعية المواطن، إذ هل بعد ثلاثة فصول تشريعية أدرك مكمن الخطأ في عمليات التصويت؟! هل هو راضٍ عن أداء نائبه بالتالي سيصوت له مجددا؟! والسؤال الأهم متعلق بمن عاشـــوا طـــوال أدوار الانعقـــاد الأخيـــرة وهم يتذمرون وينتقدون نائبهم، هل سيعاودون الكرة وسينتخبونه مجدداً؟! وفي الرد على السؤال الأخير نجزم بأن هناك من سيفعل ذلك، إذ أكثر الأمثال التي تنطبق على البحريني هو المثل القائل بأن «القط يحب خناقه»، والشواهد كثيرة على أصعدة عديدة.
كل مرة نقول بأنه يجب الرهان على عقلية المواطن، ونشدد بأن البحريني اليوم ليس بنفس عقلية التصويت الأول في انتخابات 2002، فالتجربة بينت بأن كثيراً من الاختيارات كانت خاطئة، كما أثبتت بأن الكراسي والفلوس تغير النفوس بالنسبة لكثير من النواب إلا من رحم الله.
بالتالي على المواطن اليوم قبل أن يدلي بصوته أن يكون «شرساً» في مساءلة كل مرشح هدفه التحصل على صوته، عليه مناقشته حرفاً حرفاً في كل برنامجه الانتخابي، عليه أن يضع كل شعار انتخابي على طاولة التشريح ويسأل مطلقه: كيف ستحققه على أرض الواقع، وما هي آليات التحقيق، وماذا لو أخفقت ولم تنجح، بل ماذا لو نسيت كل شعاراتك؟!
اليوم لا يجب أن تدغدغ المواطن أيــة شعارات عاطفية أو فنتازية تلعب على وتر المشاعر وتدغدغ همومه المعيشية، بل يجب أن يكون المواطن صارماً بشأن منح صوته، نعم يجب أن يكون المواطن «بخيلاً» في منحه هذا الصوت لمن يستحق فقط.
نصيحة أخيرة هنا للمواطن، كل مترشح يقول لك من ضمن شعاراته أنه «سيزيد راتب المواطنين»، عليك أن تلغي وجوده من أمامك كمرشح، هذا بالذات لا تعطيه صوتك لأنه يبيعك شعاراً كاذباً منذ البداية، إذ أكثرهم قالوها ثم حينما جلسوا على الكراسي قالوا: العملية ليست بالسهولة التي تظنونها!
إن كان كذلك، فَلِمَ قلتموها في الأساس؟! قلتموها لأن الكلام سهل وبالمجان ليس إلا.
امنح صوتك لمن يستحق، وإن لم يكن هناك من يستحق، فارمِ الورقة خالية أو احتفظ بصوتك لنفسك واحتراماً لنفسك.