أنا لا أدري لماذا تكلف وزارة شؤون البلديات مرة أخرى بتنظيم معرض البحرين للإنتاج الحيواني والتجاوزات المالية الخاصة بالمعرض السابق، والتجاوزات الأخرى المتعلقة بإدارة الرقابة والصحة الحيوانية لم يبت فيها بعد ولم يحاسب المسؤولون عن هذه التجاوزات.فالوزارة أقامت معرضين للإنتاج الحيواني آخرها في شهر مارس من عام 2012، بهدف «تبادل الخبرات والتجارب وتعزير الجهود في مجال تنمية الثروة الحيوانية في المملكة»، لكننا لم نقرأ أو نسمع أي تقييم لهذا المعرض يبين لنا النتائج التي حققها المعرضان السابقان والتطور الذي حدث بعدهما في الثروة الحيوانيه والدواجن من حيث زيادة أعدادها وتحسين سلالاتها، وانعكاس ذلك على تحقيق الأمن الغذائي في البلاد. بل إنه على عكس ذلك فالمعرض الأخير تعرض لانتقادات واتهامات من قبل وزارة المالية من جهة وتقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية من جهة ثانية، وصلت إلى أن يطلب الديوان من الجهات المسؤولة في الدولة إجراء تحقيق في أمر إقامة هذا المعرض والتجاوزات المالية التي صاحبته. وإلى المسؤولين الذين ينسون أو يتناسون بسرعة، ويعتبرون تقارير ديوان الرقابة المالية مجرد سحب صيف، أعيدهم أولاً إلى نص رسالة بعث بها وزير المالية إلى وزير شؤون البلديات في 26 مارس 2012 حول: الميزانية الإضافية المطلوبة لتغطية نفقات برنامج معرض البحرين للإنتاج الحيواني. فقد جاء في تلك الرسالة: أود الإشارة إلى كتاب سعادتكم المؤرخ في 8 مارس 2012 بشأن برنامج معرض البحرين للإنتاج الحيواني المقام حالياً بتكلفة تقديرية تبلغ حوالي 1.5 مليون دينار، وإنه بناء على الدراسة التي قام بها المختصون بهذه الوزارة للترتيبات والالتزامات التي اتخذت من قبلكم لإقامة المعرض المذكور فقد وجد أنه قد تمت بصورة مخالفة للأنظمة والإجراءات المالية المعتمدة وخاصة ما يتعلق منها بالأمور التالية: 1.الدخول في اتفاقات والتزامات تعاقدية ومالية والإعلان عنها في وسائل الإعلام وذلك قبل استكمال الإجراءات المالية المعتمدة. 2.السعي لتخصيص ميزانية إضافية لوزارتكم بكامل التكلفة التقديرية وذلك من دون الاستفادة من الميزانيات المعتمدة للوزارة أو ميزانيات البلديات المشتركة في المعرض أو من إبرام عقود رعاية مالية. ونظراً لأن نفقات إقامة المعرض قد أصبحت التزامات قانونية على وزارتكم، فإن هذه الوزارة وفي حدود ما يتوفر لديها من موارد مالية ستقوم بصفة استثنائية بتخصيص دعم مالي بميزانية وزارتكم للمصروفات المتكررة بمبلغ 250 ألف دينار لتغطية جزء من التكاليف الإجمالية المترتبة على إقامة المعرض، على أن تتولى وزارتكم مسؤولية تغطية بقية النفقات الملتزم بها من ميزانية البلديات أو من مساهمات شركات القطاع الخاص، حيث إن هذه الوزارة لن تتمكن من تمرير أية مدفوعات مخالفة للإجراءات المالية أو تزيد عن الميزانيات المعتمدة. هذا ما قالته وزارة المالية عن تجاوزات وزارة شؤون البلديات والتي ارتكبتها لإقامة هذا المعرض، أما ديوان الرقابة المالية فقد ذهب في تقريره الأخير إلى أبعد من ذلك حين طالب بإجراء تحقيق بشأن مصروفات معرض البحرين للإنتاج الحيواني «مراعي 2012». مضيفاً: حيث إن وزارة شؤون البلديات حصلت في نوفمبر 2011 على موافقة مجلس المناقصات والمزايدات للتعاقد مع إحدى الشركات لتنظيم وتنفيذ المعرض خلال شهر يناير 2012 وبمبلغ 1.5 مليون دينار حتى ديسمبر 2012، حيث قامت الوزارة بدفع 1.48 مليون دينار، وتقدر قيمة الفواتير غير المدفوعة 1.37 مليون دينار. وأضاف التقرير: لم يتم إبرام عقد مع المورد رغم تجاوز قيمة التعاقد عن 10 آلاف دينار، كما أن الوزارة قامت بدفع المبالغ الأخرى لبعض الشركات والأشخاص والمقدرة بنحو 201 ألف دينار عن بعض الأعمال التي قاموا بها في المعرض أو عن طيورهم وحيواناتهم التي تم عرضها على الرغم من أنه تم إسناد كافة الأمور المتعلقة بالمعرض إلى الشركة الأمر الذي يجعلها هي المسؤولة عن سداد هذه المبالغ. وأشار التقرير إلى أن الوزارة قامت بدفع المبالغ المذكورة من حساب شؤون البلديات على الرغم من أن المشروع يخص شؤون الزراعة. وحسب النتيجة التي انتهى إليها تقرير ديوان الرقابة المالية فإن معرض البحرين للإنتاج الحيواني لعام 2012 قد كلف الوزارة 3 ملايين و 51 ألف دينار اي بتجاوز مليون و 551 ألف دينار عن المبلغ المخصص له والمتعاقد به مع الشركة المنظمة للمعرض. وإذا أضفنا لذلك أن كل هذا المبلغ- ما عدا 250 ألف دينار دفعتها وزارة المالية- مسؤولة عن شؤون الزراعة بالوزارة، أهدر معظمه خارج قانون المناقصات وخارج موافقة وزارة المالية، وبإشراف وتصرف مباشر من الوزير، لأدركنا أهمية الانتهاء من التحقيق لمعرفة المسؤول عن تبديد المال العام هذا، ومعرفة المردود المادي المباشر لإقامة المعرض على الاقتصاد الوطني، قبل إعطاء الموافقة على تكرار إقامة هذا المعرض. فتجاوزات وزارة شؤون البلديات لاتقتصر على معرض الإنتاج الحيواني، وإنما هي الأعلى بلا منازع حسب تقرير ديوان الرقابة المالية 8 حالات شبهة فساد، 72 تجاوز ومخالفات بمستويات مختلفة عدد منها يتطلب تحقيقاً، مما جعل وزارة شؤون البلديات تستحق بجدارة لقب وزارة التجاوزات.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90