أعمل هذه الأيام على كتابي الجديد الذي يجمع مقالات الأزمة، في محاولة لتوثيق الأحداث من خلال وجهة نظر المقال «كلمة أخيرة»، ولكنني لم أبدأ من مقالات فبراير 2011 إنما عدت نصف سنة قبلها، أي ستة أشهر لمعرفة الأجواء التي كانت سبقت تلك الأحداث وبدأت التجميع من أغسطس 2010.
فوجئت بهذا المقال وضحكت على ذاكرتنا القصيرة، ولا ألوم خلايا هذا المخ الذي عجز عن تخزين المواقف والأحداث لأربع سنوات فحسب، فلأن أحداثنا متسارعة فإننا ننسى ونغفل عن أمور حدثت وتتكرر ولا نتعلم منها، فلا ننعم بهدوء لفترة قصيرة إلا وقامت تلك المجموعة بإثارة القلاقل والاضطرابات.
محاولات هدم «ثوابت الدولة» من قبل هذه المجموعة مستمرة ولم تتوقف، الخروج عن الإجماع والوحدة الوطنية لم يتوقف، الاستعانة بالدول الأجنبية لم يتوقف، إنما والحمد لله ثبات هذا الشعب وقيادته أيضاً لم يتوقفا بالتصدي ومقاومة تلك المحاولات، بالوقوف صفاً واحداً للحفاظ على «ثوابت الدولة»، بالوفاء لقسم وتصويت لميثاقها ودستورها ومؤسساتها وقانونها ومدنيتها وحمايتهم من عبث العابثين.
هذا مقال نشر في أغسطس 2010
أعيد نشره لتروا أن تلك المجموعة كانت تعد لترشيح قائمتها لدخول المؤسسة التشريعية في أكتوبر 2010، لكنها تعد في نفس الوقت عدتها للانقضاض على تلك المؤسسة في فبراير 2011، كانت تعد مرشحيها الذي سيمثل الواحد منهم في حال فوزه الأمة و لن يمثل كتلته أو حزبه، لكنها تعد العدة لتخطي وتجاوز المؤسسة من أجل الانفراد بالحكم .. اقرؤوه واحكموا.
المقال:
ملاحظة سخيفة سنستهل بها كل مقال من الآن فصاعداً كي نعرف المعرف ونشرح المسلمات ونتصدى لقلب الكلام ولوي الحروف وتحريف المعنى.
الخطاب موجه لعدد محدود من المحرضين ولمنظومة الدعم اللوجستي التي تبرر وتشجع العنف رغم تصريحها بنبذه وهؤلاء كلهم على بعضهم لا يتعدون أنفاراً معدودة ومكرمة الطائفة الشيعية عنهم!
الآن نبدأ المقال..
عشر سنوات وأنتم تصرون وبكل وسيلة على إجبار الحكم على تجاوز المؤسسات الدستورية القائمة والجلوس على طاولة معكم وإعادة ترسيم الحدود السياسية من جديد بمسمى «حوار».
عشر سنوات وجلالة الملك والشعب معه يقولون لكم إن أي تغيير لا بد أن يكون عبر المؤسسات الدستورية، فالبحرين ليست أنتم والحكم فقط حتى تطالبوا بطاولة عليها ممثلون عنكما فحسب حتى الحكم ممثلاً في جلالة الملك حفظه الله لا يقبل تجاهل بقية الشعب والاكتفاء بكم ممثلين عنه، لم اخترنا ممثلين ينوبون عنا إذن؟ ليس هناك نظام سياسي يقبل الجلوس معكم وحدكم حتى لو أغريتموه بتوقف الإرهاب وعودة الهدوء كما تعدون.
ألا تدركون أن ما تدعون له هو تهميش الشعب البحريني برمته بشيعته وسنته واحتكار حق القرار وحدكم، أنتم تمثلون فئة محدودة والمختلفون معكم هم بقية الشعب البحريني لا تختطفوا الشيعة رغماً عنهم وتدعون تمثيلهم، ولا تختطفوا الشعب البحريني وتدعون تمثيله، والخيار الذي تطرحونه هو أن يقسم القرار بينكم وبين الحكم فقط؟ ألا تدركون أن من يرفضون هذه القسمة ليس الحكم وحده بل بقية الشرائح المجتمعية دفاعاً عن وجودها؟
خيار الحوار عبر المؤسسات الدستورية يمنح فرصة التمثيل النيابي لكل شرائح المجتمع بما فيه أنتم واختاروا ممثليكم ليكونوا موجودين فيها، ودفاعنا عن خيار الحوار عبر المؤسسات الدستورية هو دفاع عن الشعب البحريني لا عن الحكم فحسب.
لم تدخروا وسيلة لإجبارنا جميعاً للرضوخ لطاولتكم حتى لو كان الإرهاب وسيلتكم، وبررتم الحرق والقتل واستعنتم بمنظمات دولية، بلورد خرف بكونجرس بأفراد بقنوات فضائية لتقنعوا العالم الخارجي أن المشروع الإصلاحي كذبة من أجل خلق ضغط خارجي يجبر الحكم على تجاوز المؤسسات الدستورية والجلوس معكم لإعادة ترسيم الحدود، والرد يأتيكم في كل مرة من البحرين كلها لا من إعلامها فحسب ولا من الحكم فحسب، إن أي تغيير أو تعديل لابد أن يكون عبر المؤسسات الدستورية.. عبر المؤسسات الدستورية.
تترصدون لكل لفظ «حوار» ينطقها أي مسؤول حتى لو كان المسؤول يتكلم عن البعارين «حوار هو الجمل الصغير»! وتجرون تسطرون المقالات وتصدرون البيانات «هه كأنه قال حوار؟ يالله هاتوا الطاولة».
البحرينيون اختاروا طريقهم وهم سائرون فيه، وإن أرادوا التغيير وتطوير التجربة -وهذا سيحدث إن عاجلاً أم آجلاً- فسيكون عبر توافق للإرادات السياسية وعبر مؤسساتنا الدستورية ولن يكون أبداً عبر طاولتكم.
محاولاتكم يا جماعة كلها باءت بالفشل وأكبر دليل سترونه وسيجعلكم تعضون أصابع الندم حين تصطف الجموع بعد أيام قليلة من جديد لاختيار مرشحيها للمرة الثالثة، هذا تجديد للبيعة واستفتاء على خيار المؤسسات الدستورية التي تنزع الوصاية من أيديكم عن الشعب البحريني.
هذا هو مربط الفرس الذي لا تريدون أن تتقبلوه، ولا تريدون أن تروه ولا تريدون أن تقتنعوا به، فعصيٌّ عليكم أن تروا أن البحرين بها شعب له كلمته وله حريته بعيداً عن وصايتكم.
الزبدة أن أي مطلب أو أي حوار لابد أن يكون «عبر المؤسسات الدستورية» وهو خيار الشعب، فهل في أذنكم وقر أم بها صمم؟!