هذه دعوة جادة أتقدم بها إلى شعب البحرين والحكومة الرشيدة للتعامل مع ما صاروا يطلقون عليه اسم «عصيان العزة» بالطرق السلمية التي من شأنها أن تفشله وتذيق من ورائه طعم الفشل والخيبة من جديد. العصيان الذي يدعون إليه يقع في يوم واحد فقط، وليس ثلاثة أيام كما يروجون، وهو يوم الخميس 13 فبراير، لأن يوم الجمعة 14 فبراير يوم إجازة رسمية ويوم السبت 15 فبراير إجازة لدى الغالبية.
الذيــــن يقفون وراء الدعوة إلى العصيـــان طلبوا من المتورطين معهم عدم التوجه إلى الوزارات يوم الخميس لإنجاز المعاملات، وطلبوا من الطلبة عدم التوجه إلى مدارسهم، وطلبوا من «أبطال الميادين» الملحوسة عقولهم القيام بسد الطرقات وإشعال النيران في إطارات السيارات وغير هذه من ممارسات تعبر عن المراهقة الفكرية التي يعيشونها بغية نشر حالة من الخوف والذعر تدفع أولياء أمور طلبة المرحلة الابتدائية، بشكل خاص، لاتخاذ قرار بعدم إرسال أبنائهم إلى المدارس في ذلك اليوم بغية الاستفادة من التقاط بعض الصور للمدارس وهي فارغة من الطلبة للقول بأن الجميع شارك في العصيان.
الرد على كل هذا يكون بعصيان العصيان، ويكون بالتوجه إلى الإدارات الحكومية والوزارات في يوم الخميس تحديداً لإنجاز المعاملات (من تجربة العامين الماضيين يحرص الموظفون جميعاً على عدم التغيب في مثل هذا اليوم كي لا يظن أنهم مشاركون في العصيان، ولأنهم يعلمون تمام العلم بأن كافة أعذار التغيب عن العمل فيه غير مقبولة، عدا أن أغلبهم لا يؤمن بهذا الأسلوب) ويكون بالحرص على التوجه إلى المجمعات التجارية والاستهلاكية والتي تمتلئ عادة في نهاية الأسبوع بزوار البحرين من دول مجلس التعاون، خصوصاً من الشقيقة الكبرى، ويكون بالاستمتاع بقضاء يومي الجمعة والسبت في السفر إلى الدول القريبة لمن يشعر بشيء من الدفء في جيبه، ويكون بتوثيق كل ذلك بالكاميرا للتأكيد على أن عصيان عصيانهم قد نجح وأن ممارساتهم لم تعد قادرة على تعطيل الحياة ونشر الفوضى.
أما الدور الأمني فهو منوط بوزارة الداخلية التي أكدت استعدادها للتصدي لكل السلوكيات الخاطئة والممارسات التي تتسبب في نشر الفوضى وإيذاء الآخرين، الذين يقع على عاتقها توفير الأمن لهم.
الذين سيشاركون في العصيان الذي يدعون إليه قلة قليلة، لن يتمكنوا من منع أحد من التوجه إلى مقر عمله أو مدرسته مهما فعلوا، فلا قطع الشوارع وإشعال النيران في إطارات السيارات ينفع، ولا إرهاب الناس وتوعدهم بالانتقام منهم إن لم يشاركوا غصباً عنهم في العصيان ينفع. العصيان ولد ميتاً ولا قيمة له وسيضاف إلى قائمة الأعمال الفاشلة التي يفترض ألا تتكرر مستقبلاً لأنها تحبط الداعين إليها وتخسرهم.
تعليقاً على مقال لي الجمعة الفائتة، وكان عن عدم مشاركة أصحاب المحلات التجارية في العصيان المرتقب، كتب أحد القراء «إذا كانت الشوارع كلها مسكرة ومحد يقدر يتحرك يميناً أو يساراً.. تبي التاجر يفتح محله؟ يبيع على الجن؟». هذا مثال واضح عن قدرة أولئك على إيهام البعض بأن الحياة ستتعطل في الأيام الثلاثة، وأن أحداً لن يتمكن حتى من التحرك يميناً أو يساراً!
الجميع سيتمكن من الوصول إلى مقار أعمالهم ومدارسهم ومتاجرهم بيسر وسهولة وسيباشرون أعمالهم طوال اليوم. إن ما حدث في الأعوام السابقة لن يتكرر لأن الحكومة لن تسمح به ولن تقبل بتكسير القوانين والتجاوزات.
هذه دعوة للمشاركة في عصيان العصيان، وهي مفتوحة أيضاً لأولئك الذين ربما قرروا في لحظة المشاركة في العصيان الذي توعدوا أو «سندرونا» به.
دعوتي إلى عصيان العصيان دعوة خير، وهي عكس دعوتهم التي ترمي إلى تعقيد المشكلة ومنع الوصول إلى حل يرضي الجميع.