كــان أمــراً طيبــاً إصــدار «القـــوى الوطنيــة الديمقراطية المعارضة»، الوفاق والجمعيـات الخمــس التــي صــار في جيبها، بيان تؤكد فيـــه رفضها وإدانتها لأي أعمال عنف وأنها تدين الانفجار الذي وقع في الديــه الاثنين الماضي، كما إنــه أمر طيب تعبيرها عن الأسف لوقوع ضحايا من أي طرف بما فيهم رجال الأمن وقولها إن حرمة الدم تشمل كل إنسان.
أمر طيب أيضاً تشديدها على أن «الحراك الشعبي في البحرين هو حراك سلمي بشكل قاطع ولا علاقة له بكل ما يحدث خارج عنوان الحراك الشعبي السلمي»، وكذلك تأكيد رفضها «لأي ممارسة تستهدف الأرواح والممتلكات وأنها تدعو جماهير شعب البحرين المطالبين بالحقوق العادلة التمسك بالأطر والوسائل السلمية وإدانة هذه الأعمال الإجرامية والتبرؤ منها والتي تتبناها ما تسمى بسرايا الأشتر أو المقاومة أو أي جهة تتبنى التفجيرات وأعمال العنف».
كل هذا أمر طيب وجميل؛ لكنه لا يعفي هذه الجمعيات من المسؤولية، فمثل هذه الأمور لا تحل بمجرد إصدار بيان وإنما بترجمة محتوياته إلى واقع وعمل، وأول الترجمة هو التوقف عن التواصل والتعاون مع ما يسمى بائتلاف فبراير، الذي لم يتوقف على مدى السنوات الثلاث الماضيات عن شحن العامة وتحريضهم ودفعهم لممارسة العنف بدعم مكشوف من جهات خارجية سخرت له كل إمكاناتها. كما إن القول بأن «الحراك الشعبي لا علاقة له بكل ما يحدث خارج عنوان الحراك الشعبي السلمي» لا قيمة له، لأن كل التجاوزات التي تحدث في الشارع ما هي إلا نتيجة تلك الفعاليات التي تدعو إليها وتطالب «الجماهير» بالمشاركــة فيها بقوة، ونتيجة الفعاليات التي تحرض على المشاركة فيها «من تحت لتحت» كي لا يقال إنها وائتلاف فبراير يتقاسمان سروالاً واحداً!
هذا البيان ومثله مائة ألف بيان لا قيمة له إن لم يردف بعمل يتمثل في وقف كل الفعاليات التي لا طائل من ورائها، والتي تتسبب في شحن العامة وتدفعهم نحو خيار العنف والتخريب وممارسة أعمال الإرهاب والقتل.
بيان واضح من هذه «القوى الوطنية» بالتبرؤ من ائتلاف فبراير مصحوباً بوقف التعامل معه والتوقف عن ترديد أقواله والرد عليه بالمشاركة الحقيقية في الحوار هو ما يمكن أن يقنع الشعب والحكومة بصدق الموقف والبيانات، عدا هذا فلا قيمة لأي بيان تصدره فور تورط «المعارضة» في عمل عنيف كالذي حدث في الديه أو في غيرها من القرى التي لم يعد أهلها يعرفون الاستقرار، وكثير منهم صار يرفض اتخاذ قراهم ساحة للتعبير عن أحلام مراهقين.
أيضاً مهم أن تبادر الجمعيات السياسية بالرد على تصريحات وتغريدات ائتلاف فبراير، وأولئك الذين اختاروا العيش في الخارج، خصوصاً تلك التي تعبر عن فقدهم للقيم وللأخلاق التي هي أساس الدين.
إن قول شبكة ائتلاف فبراير فور انتشار خبر استشهاد رجال الأمن الثلاثة إن (الداخلية تعلن عن «هلاك» ثلاثة من مرتزقتها) وقيام البعض بتوزيع الحلويات وتبادل التهاني في بعض القرى، وقول كريم المحروس إن (الانفجار وقع وسط «قطيع» المرتزقة)، وأقوال وأفعال أخرى شبيهة ينبغي أن يرد عليها من قبل الجمعيات السياسية قبل غيرها، ليكون لها على الأقل موقف عملي، فاستخدام هذه المفردات ليست من الأخلاق وليست من الدين ولا تعبر عن أهل البحرين، والشماتة لا تكون في الموت.
لا قيمة للبيانات والإدانات إن لم يصاحبها عمل يؤكد أن هذه «القوى الوطنية» يهمها الوطن والمواطن، والعمل المطلوب في هذه الحالة هو الوقوف في وجه أولئك المخربين ومن يعينهم وبوضوح.
وهذا يشمل وثيقة اللاعنف التي أصدرتها أخيراً هذه الجمعيات (الوفاقية). ترى ما قيمة هذه الوثيقة ومن أصدرها لا يرفع صوته في وجه ناقصي العقل لمنعهم عن ممارسة العنف؟