الخبر ليس كذبة أبريل حيث تعود البعض أن يكذب في هذا اليوم الأول من شهر أبريل من كل عام كذبة بيضاء هي بمثابة مزحة أو مقلب بغية إثارة الضحك والفرفشة وإن أدت الكذبة أحياناً إلى المضرة في حالة المبالغة فيها. خبر إغلاق مقر الوفاق ليس كذبة أبريل وهو حقيقي، وإن لم يكن دقيقاً، لكن من نقلوه أكدوا أنهم رأوا المقر وهو يغلق.
هذا الخبر يحزن البعض لكنه يفرح البعض الآخر، تماماً مثلما صار كل خبر وكل عمل وكل نشاط في البحرين يفرح بعضنا ويحزن بعضنا الآخر. فالذين يتخذون من جمعية الوفاق موقفاً سالباً ويرون أنها السبب وراء كل ما يحدث من مشكلات في البحرين وأنها تتعاون مع مختلف التيارات الساعية إلى إسقاط النظام والإساءة إلى البحرين، هؤلاء لاشك سيفرحون بمثل هذا الخبر وهو بالنسبة إليهم عيد ومناسبة تستحق تبادل التهاني فيها واعتبار هذا اليوم يوماً وطنياً.
أما الذين يعتبرون الوفاق تاجاً على رؤوسهم ومقتنعون أنها لا يأتيها الباطل لا من بين يديها ولا من خلفها وأنها تشكل بالنسبة لهم الأمل وأنها مستقبلهم حتى وإن تسببت في حرمانهم من أبنائهم فغيبهم الموت أو غابوا في السجون، هؤلاء لاشك سيحزنون وسيعتبرون مثل هذا اليوم يوماً لا يوم مثله وسيتقبلون التعازي.
مناوئو الوفاق وهم كثرة يعتبرون إغلاق مقرها استحقاقاً وأنه لابد أن يأتي اليوم الذي تتخذ فيه الحكومة مثل هذا القرار بل إن البعض لا يني يطالب الحكومة بالإسراع في اتخاذه ويعتبره أحد الأولويات وواجباً ينبغي ألا تتنصل الحكومة منه ولا تسوفه لأي سبب.
لكن محبي الوفاق من الذين اعتبروا -على سبيل المثال- انتخاباتها الأخيرة مثالاً ونموذجاً لا تجاريها أي انتخابات في العالم كله على مدى التاريخ، هؤلاء يعتبرون إقدام الحكومة على اتخاذ القرار بإغلاق مقر الوفاق كارثة ولا يترددون عن وصفه بأبشع الأوصاف، فالوفاق بالنسبة لهؤلاء أمر مقدس وما يقوله «شيوخها» لا يرد ولا يناقش لأنه مستند إلى الفقيـــه الذي هو وكيل الله على الأرض.
المناوئون يعتبرون وجود جمعية الوفاق مصدر إزعاج ويعتبرون تأخر الحكومة في إغلاق مقرها غلطة ينبغي الإسراع في تصحيحها، فهي السوسة التي تنخر في جسد البحرين وتسلب هذا الوطن صحته ولا تتردد في التعبير عن أفكارها غير الواقعية والبعيدة عن الحكمة والخالية من الحنكة السياسية والخبرة كترديد أمينها العام في اللقاء الجماهيري الذي أقيم الجمعة الماضي بقرية سار أن «إبراهيم شريف هو مرشحها لرئاسة الوزراء»! أما الموالون لها فيعتبرون أن وجود الوفاق هو مصدر الخير وأنها مستقبل البحرين ويرددون دائماً بأن كل ما يقال عنها ليس إلا افتراء عليها وأنهم حتى لو رأوها رأي العين تمارس كل فعل قبيح يكذبون عيونهم ويوفرون لها ما تحتاج من حجج ومبررات.
هذا لا يعني أن الوفاق كاملة السوء لكنه يؤكد أنها ليست ملاكاً، كما ينبغي ألا تعطى أكبر من حجمها، فهي في كل الأحوال جمعية سياسية تعمل تحت مظلة القانون الذي يمكنه محاسبتها على أخطائها وتجاوزاتها ويضع حداً لمبالغاتها وإن كان دون القدرة على منعها من التحكم في عقول البعض الذي يعتبرها مقدسة وأوصلها إلى الحد الذي يعتقد فيه أنه إن لم ينفذ ما تقوله سيدخل النار.
كأني بالقارئ لايزال غير مصدق بأنه قد تم إغلاق مقر الوفاق، لذا صار لابد من تأكيد الخبر الذي أشرت من قبل بأنه صحيح ولكنه غير دقيق، فالذين نقلوه لم يكذبوا، فقد شاهدوا البارحة أحد أعضاء الوفاق -أو لعله الحارس- وهو يغلق باب مقرها.
هل تعتبر كذبة أبريل؟!