ربما من المتوقع أن يحدث ذلك الآن، وهو التمهيد للجماهير عن موضوع الحوار، التصريحات تخرج من فترة إلى أخرى من أطراف بعينها، غير أن هناك أمراً واضحاً تماماً لا يمكن تجاهله من قبل أي مراقب.
حين تم تنفيذ الحادث الإرهابي والذي استشهد فيه 3 من رجال الأمن، خرجت تصريحات من الجمعية الانقلابية تتباكى على الحوار، حتى «الولي الفقيه» أخذ يعزف في تناغم مع الجمعية الانقلابية على ذات الموضوع، السؤال هنا: لماذا يريدون الحوار هذه المرة، وهم الذين رفضوه أيام احتلال الدوار، وانسحبوا منه مرتين، فماذا يريدون من الحوار هذه المرة؟
هذا الموضوع متعب لأهل البحرين، الحوار أعني، فلا نعرف ماذا يجري فيه، وما هي الصفقات خلفه، ولا نعرف على ماذا اتفقوا قبل الحوار؟
إن كانت الوفاق تتظاهر أمام الرأي العام المحلي والخارجي أنها تريد الحوار، فهناك أشياء يريدون الحصول عليها من الطاولة تجعلهم أكثر «تمكناً وقوة» في حال حدوث محاولات انقلابية جيدة.
خزعبلات أن الوفاق تريد إصلاحات سياسية هذه لا نتقبلها ولا يتقبلها أهل البحرين، «عمر الانقلابي لا يأتي بإصلاحات أو إنجازات وطنية»، الأيادي الغادرة تبقى كذلك وإن ارتدت قفازات جديدة..!
نشرت أنباء سابقاً وقبل حدوث الحادث الإرهابي المؤلم أن شركة بريطانية قد تم التعاقد معها من أجل إدارة الحوار، إلا أن هذه الشركة غادرت البحرين بعد الحادث، هذه معلومات لا أستطيع تأكيدها، إلا أن أحد الأطراف أخبرني عن الموضوع، وإن كان هذا صحيحاً، فأعتقد أنها خطوة غير موفقة مع احترامنا لبريطانيا.
إلا أن إدارة الحوار يجب أن تتم بحرينية، شخصياً لا أثق في جهات تلعب على الأوتار، وتتظاهر أنها مهنية، بينما تفعل ما تفعل من أجل مآرب أخرى.
كل الأسئلة التي نطرحها هنا لا نجد إجابة عليها، أولاً:
ماذا عن الإرهاب الذي يضرب كل يوم، بينما يجرى الإعداد للحوار؟
مزاوجة الإرهاب والحوار لا تتم في أي دولة في العالم، حتى الدول الأوروبية «وقد ضربنا مثلاً سابقاً بإيرلندا والشين فين»؟
ماذا لو حدث حادث إرهابي كبير أثناء جلسات الحوار؟
هل ستواصلون الجلسات، أم سيعلق من يعلق المشاركة، ومن ثم تتم «تبريد الأجواء» حتى تعود الجلسات انتظاراً لحادث إرهابي آخر.
في اعتقادي «وهذا رأي شخصي» إن أي عملية تسوية أو الوصول إلى توافقات كما ينتظر من الحوار، إنما هو تقديم خطوة على خطوة.
الخطوة الأولى التي تحتاجها البحرين هي القضاء على بؤر الإرهاب وتجفيفها، وقطع ألسنة التحريض، وتجفيف كل وسائل الدعم والتمويل، هذه أول خطوة يجب أن تحدث قبل الدعوة لجسات الحوار، وفي اعتقادي أن الدولة لا تريد أن تتخذ هذه الخطوة رغم قدرتها، ولا أعرف لماذا؟
كتبت سابقاً وأعيد، وما أطرحه إنما هو رأي فقط، أن أي تسويات للحوار لن تنهي الإرهاب، الإرهاب يحتاج حلاً أمنياً، والقضايا السياسية مكان حلها في البرلمان المنتخب، هذا هو رأيي المتواضع، وأحترم كل الآراء الأخرى حتى وإن اختلفت معي.
تقديم الحل السياسي سواء عبر طاولة الحوار، أو عبر البرلمان على الحل الأمني إنما هو يشبه ما يقوم به مهندس معماري حين يقوم بالبناء قبل أن يثبت قواعد قوية، أو أنه يضع قواعد لدور واحد، ولكنه يريد أن يبني لثلاثة أدوار، وهذا وإن تم، فإنه مهدد بالانهيار يوماً ما.
الإرهاب هو قضية البحرين، يجب تصفيته أولاً، فهو أهم قضية اليوم، وكما قلت وقال آخرون، الحوار لن يأتي بحل للإرهاب، إنما ما يشبه التخدير، وبالتالي سنعود إلى ذات مسيرتنا التي أوصلتنا لمرحلة الدوار، الخروج بمطالب طائفية سياسية، وخروج طائفي، وإن لم يتحصل هذا الطرف على ما يريد سيحرق البحرين، تحت ذرائع عدة، والخلايا الإرهابية موجودة، وتنمي قدراتها، وتتوسع، والجميع يتفرج، وأولهم من عليهم مسؤولية قطع أيادي الإرهاب.
بالمقابل فإن أطرافاً أخرى على طاولة الحوار، ليس لهم ثقل حقيقي، ولا يطرحون ما يريده شارعهم، وإنما يطرحون رؤى تتلاقى مع الرؤى الانقلابية، وهذا مؤشر خطير على اختراق جمعيات بعينها.
الجمعية الانقلابية تريد الدخول في الانتخابات القادمة بقوة، وأفرادها يعدون العدة من الآن لذلك، وهم قد أدركوا خطأهم الاستراتيجي الذي اتخذ في نشوة الشارع وكان القرار ارتجالياً وغير ذكي بامتياز حين انسحبوا من البرلمان، ففقدوا التأثير من الداخل، وفقدوا التمثيل الخارجي بصفتهم نواباً في مجلس منتخب.
أي توافقات ستتم، لا أعلم، ولا أعلم إن كانت هناك اتفاقات معينة، لكن أي مكاسب لأطراف الانقلاب، هي بالتأكيد خسائر فادحة على مستقبل البحرين، ومن لا يرى صورة المستقبل يحتاج تصحيح نظر، وتصحيح قراءة الواقع والمستقبل.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}