افتحوا الصحافة اليومية، تابعوا ما تنشره وسائل التواصل الاجتماعي، والأهم ارصدوا الممارسات اليومية في قطاعات العمل، ستجدون بأن هناك كماً كبيراً من الأخطاء والأداء غير المرضي، ستجدون واقعاً مخيفاً لو جئنا لنقيمه من منطلق ميزان توضع في كفته الأولى مؤشرات للنجاح وفي الكفة الأخرى مؤشرات للفشل، فإنكم ستخلصون لنتيجة قد تحول المستقبل أمامكم إلى لون أسود قاتم.
ومع ذلك، نذكر دائماً هنا بالمثل القائل: «أن تأتي متأخراً، خير لك من ألا تأتي أبداً».
وبناء على هذا القول فإننا نقول والقول موجه للدولة باعتبارها أهم وأقوى لاعب في عملية صناعة القرار، مع الاحترام للنواب – أي السلطة التشريعية – فهم إما ليأسهم أو التهائهم بأمور هامشية آثروا ترك المشاركة في صناعة القرار، وعليه نقول للدولة بأن حجم هذه الأخطاء والممارسات غير الصحيحة مسؤولية ملقاة على عاتقها، بالتحديد هو واقع على الدولة أن تعمل باجتهاد يومي وطوال ساعات متواصلة لتغييره.
شخصياً أعارض تماماً من يقول بأنه من أجل التغيير يجب «وضع نقطة آخر السطر» ونسيان الماضي والبدء من جديد، لا اعتراضاً على فكرة البدء من جديد، لكن اعتراضاً على مسألة نسيان الماضي!
وللتوضيح حتى لا يتم فهمنا بالخطأ «وما أكثر الفهم الخاطئ في هذه الدولة» نسيان الماضي الذي نقوم به يتم بشكل كارثي، بحيث يتم تناسي عملية محاسبة أخطاء لمسؤولين وكوارث كبيرة حصلت، ولو حصلت في دول أخرى لاهتزت مكاتب وزراء ومسؤولين كبار. هنا مكمن الخلل الأول، بأن الدولة لا تحاسب، بل لا تصل لمرحلة الحساب العسير بحق كل من يخل بأداء مهامه وواجباته من منطلق موقعه.
الخلل الآخر، وهو لا يقل كارثية، بأننا نفتح صفحة جديدة بـ«الكلام فقط»، لكن حتى فتح هذه الصفحة لا يتم بعد دراسة الصفحات السابقة، وتمحيص ما فيها من عمل، ووضع اليد على الأخطاء والحرص على عدم تكرارها، في المقابل تعزيز إيجابياتها. حتى في أسلوب إحلال المسؤولين لتولي المسؤوليات تباعاً طريقة العمل تأتي بأسلوب «امسح السابق وابدأ من جديد»، بالتالي نرى التخبطات والسقطات، إذ كل «يخترع» حسبما يرى ويؤمن، ويطبق ما اخترعه على أنه الاختراع الأمثل.
بعيداً عن المتاهات نقول بأن الدولة معنية أولاً وأخيراً بمحاسبة التقصير واستبعاد المسؤولين غير الأكفاء والمقصرين، وحتى لا يكثر عدد المستبعدين «يمكن حصر أعداد مهولة فقط بقراءة عشرة تقارير للرقابة المالية» وحتى لا تكثر عملية الاستبعاد على الدولة أن تدقق في اختياراتها، وأن تبتعد عن الأسلوب السابق الذي كانت مضاره أكثر من فوائده، بتنا في زمن لا يعقل فيه بل لا يقبل فيه أن تمنح المناصب والمسؤوليات كإكراميات وهدايا تقدير، البلد تحتاج لكفاءات تستحق موقعها، لا تحتاج لمن يجلس على كرسي كما الطاووس وفق اعتبارات معينة ولا يقبل أن يجادله أحد أو يحاسبه برلمان فقط لأنه تحصل على ثقة الدولة، طيب السؤال: وهل كنت أنت أهلاً لهذه الثقة؟!
أيضاً على الدولة أن تبحث عن المستقبل، وهنا المستقبل يتمثل بالجيل الصاعد الشاب، الأجيال المتعلمة المؤهلة والتي يتم إعدادها بشكل صحيح وبناء على ثوابت الوطنية والانتماء والتميز والعطاء، هؤلاء هم عماد المستقبل، هؤلاء لو تم تدريبهم وتأهيلهم بالطريقة المثلى وتم غرس مبادئ الشرف والنزاهة والكفاءة والإحساس بالمسؤولية ونبذ الكبر والغطرسة وعبادة الكرسي وتقديس المنصب فيهم، هؤلاء هم من بإمكانهم قيادة التغيير، وهؤلاء هم من بإمكانهم أن يطوروا الدولة.
لسنا ضد وجود الخبرة، لكن هنا علينا تعريف مصطلح «الخبرة» الذي نتحدث عنه، فلا الكبر في السن لوحده يعتبر خبرة لا تجارى، وخاسر من يظن بأن العبرة بكبر السن، فياما كبار في السن لكنهم لا يمتلكون أقل القليل مما يمتلكه الشباب من حركة ونشاط وتميز ومعلومات ومؤهلات، وطبعاً العكس صحيح، فهناك من الشباب الصاعد من لا يحرص على أن يبني خبرة متراكمة مستقاة من الأجيال السابقة لتكون أساساً يعمل عليها ويطور منها.
لكن يبقى «الفيصل» هنا معنياً بالدولة، هل يمكنها تغيير النمط السائد؟! هل يمكنها البحث وتحديد الطاقات القادرة على العطاء والتطوير والتغيير؟! والأهم، هل بإمكانها اتخاذ خطوات جريئة مطلوبة باتجاه وضع أول «اللبنات» المعدة بعناية في بناء قوي له رسم هندسي ودعائم راسخة تمكنها من تطبيق شعارات التطوير والرؤى الاستراتيجية والنهوض باتجاه المستقبل؟!
يا دولة.. أنت مسؤولة أولاً وأخيراً.
{{ article.visit_count }}
ومع ذلك، نذكر دائماً هنا بالمثل القائل: «أن تأتي متأخراً، خير لك من ألا تأتي أبداً».
وبناء على هذا القول فإننا نقول والقول موجه للدولة باعتبارها أهم وأقوى لاعب في عملية صناعة القرار، مع الاحترام للنواب – أي السلطة التشريعية – فهم إما ليأسهم أو التهائهم بأمور هامشية آثروا ترك المشاركة في صناعة القرار، وعليه نقول للدولة بأن حجم هذه الأخطاء والممارسات غير الصحيحة مسؤولية ملقاة على عاتقها، بالتحديد هو واقع على الدولة أن تعمل باجتهاد يومي وطوال ساعات متواصلة لتغييره.
شخصياً أعارض تماماً من يقول بأنه من أجل التغيير يجب «وضع نقطة آخر السطر» ونسيان الماضي والبدء من جديد، لا اعتراضاً على فكرة البدء من جديد، لكن اعتراضاً على مسألة نسيان الماضي!
وللتوضيح حتى لا يتم فهمنا بالخطأ «وما أكثر الفهم الخاطئ في هذه الدولة» نسيان الماضي الذي نقوم به يتم بشكل كارثي، بحيث يتم تناسي عملية محاسبة أخطاء لمسؤولين وكوارث كبيرة حصلت، ولو حصلت في دول أخرى لاهتزت مكاتب وزراء ومسؤولين كبار. هنا مكمن الخلل الأول، بأن الدولة لا تحاسب، بل لا تصل لمرحلة الحساب العسير بحق كل من يخل بأداء مهامه وواجباته من منطلق موقعه.
الخلل الآخر، وهو لا يقل كارثية، بأننا نفتح صفحة جديدة بـ«الكلام فقط»، لكن حتى فتح هذه الصفحة لا يتم بعد دراسة الصفحات السابقة، وتمحيص ما فيها من عمل، ووضع اليد على الأخطاء والحرص على عدم تكرارها، في المقابل تعزيز إيجابياتها. حتى في أسلوب إحلال المسؤولين لتولي المسؤوليات تباعاً طريقة العمل تأتي بأسلوب «امسح السابق وابدأ من جديد»، بالتالي نرى التخبطات والسقطات، إذ كل «يخترع» حسبما يرى ويؤمن، ويطبق ما اخترعه على أنه الاختراع الأمثل.
بعيداً عن المتاهات نقول بأن الدولة معنية أولاً وأخيراً بمحاسبة التقصير واستبعاد المسؤولين غير الأكفاء والمقصرين، وحتى لا يكثر عدد المستبعدين «يمكن حصر أعداد مهولة فقط بقراءة عشرة تقارير للرقابة المالية» وحتى لا تكثر عملية الاستبعاد على الدولة أن تدقق في اختياراتها، وأن تبتعد عن الأسلوب السابق الذي كانت مضاره أكثر من فوائده، بتنا في زمن لا يعقل فيه بل لا يقبل فيه أن تمنح المناصب والمسؤوليات كإكراميات وهدايا تقدير، البلد تحتاج لكفاءات تستحق موقعها، لا تحتاج لمن يجلس على كرسي كما الطاووس وفق اعتبارات معينة ولا يقبل أن يجادله أحد أو يحاسبه برلمان فقط لأنه تحصل على ثقة الدولة، طيب السؤال: وهل كنت أنت أهلاً لهذه الثقة؟!
أيضاً على الدولة أن تبحث عن المستقبل، وهنا المستقبل يتمثل بالجيل الصاعد الشاب، الأجيال المتعلمة المؤهلة والتي يتم إعدادها بشكل صحيح وبناء على ثوابت الوطنية والانتماء والتميز والعطاء، هؤلاء هم عماد المستقبل، هؤلاء لو تم تدريبهم وتأهيلهم بالطريقة المثلى وتم غرس مبادئ الشرف والنزاهة والكفاءة والإحساس بالمسؤولية ونبذ الكبر والغطرسة وعبادة الكرسي وتقديس المنصب فيهم، هؤلاء هم من بإمكانهم قيادة التغيير، وهؤلاء هم من بإمكانهم أن يطوروا الدولة.
لسنا ضد وجود الخبرة، لكن هنا علينا تعريف مصطلح «الخبرة» الذي نتحدث عنه، فلا الكبر في السن لوحده يعتبر خبرة لا تجارى، وخاسر من يظن بأن العبرة بكبر السن، فياما كبار في السن لكنهم لا يمتلكون أقل القليل مما يمتلكه الشباب من حركة ونشاط وتميز ومعلومات ومؤهلات، وطبعاً العكس صحيح، فهناك من الشباب الصاعد من لا يحرص على أن يبني خبرة متراكمة مستقاة من الأجيال السابقة لتكون أساساً يعمل عليها ويطور منها.
لكن يبقى «الفيصل» هنا معنياً بالدولة، هل يمكنها تغيير النمط السائد؟! هل يمكنها البحث وتحديد الطاقات القادرة على العطاء والتطوير والتغيير؟! والأهم، هل بإمكانها اتخاذ خطوات جريئة مطلوبة باتجاه وضع أول «اللبنات» المعدة بعناية في بناء قوي له رسم هندسي ودعائم راسخة تمكنها من تطبيق شعارات التطوير والرؤى الاستراتيجية والنهوض باتجاه المستقبل؟!
يا دولة.. أنت مسؤولة أولاً وأخيراً.