اعتدنـــا على النشاط المحموم لمجلـــس التنمية الاقتصادية بإطلاقه سلسلة من المبادرات الوطنية في المجال الاقتصادي وتطويـــر القطــاع العام على مدى أكثـــر من عقد، وتكللت جهود المجلس الذي يرأسه سمو ولي العهد بتدشين الرؤية الاقتصادية للمملكة 2030.
بعد الأزمة في 2011 تغير دور المجلس، وأصبح لاعباً أساسياً في التسويق الخارجي للمملكة وواصل جهوده في استقطاب الاستثمارات الأجنبية، كما استمر في دوره كمؤسسة تقديم التحليلات الاقتصادية حــــول مستجــــدات الاقتصـــاد الوطنـــي ومؤشراته المختلفة.
مشاريع مجلس التنمية الاقتصادية مازالــت قائمة، سواءً كنا نتحدث عن مشاريع إصلاح سوق العمل، أو مشاريع إصلاح التعليم، أو تحرير الاقتصاد الوطني أو المشاريع الأخرى، وهي بحاجة إلى المزيد من الرؤى والتصورات لمواجهة التحديات التي تواجهها، أو إجراء التعديلات المطلوبة عليها إذا كانت هناك تعديلات لازمة تتطلب مصلحة هذه المشاريع القيام بها.
بالإضافـــة إلـــى أن الرؤيـــة الاقتصاديـــة للمملكة 2030 بحاجة إلى إعادة تنقيح والإسراع في تنفيذ مبادراتها بأسرع وقت ممكن من خلال التعاون الإيجابي بين المجلس والحكومة، سيما بعد تولي سمو ولي العهد منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء. وهذه الرؤية التي كان هناك شغف بحريني رائع قبل الأزمة بتنفيذها نحن بحاجة إليه الآن بأسرع وقت، فما بقي من الفترة المقترحة للرؤية سوى 16 عاماً هي قصيرة زمنياً، ولكنها كافية لإعادة إشعال شغف البحرينيين بتنمية وطنهم من خلال ما جاء في هذه الرؤية.
قرار سمو ولي العهد بإعادة تشكيل مجلس التنمية الاقتصادية يحمل دلالات عدة، فهو يؤكد التزام سموه بخطوات الإصلاح الهائلة التي قام بها خلال السنوات الماضية في المجال الاقتصادي، كما إنه يعني وجود تقاطعات هامة متوقعة من الممكن أن تظهر في برنامج الحكومة الجديد الذي سيعلن نهاية العام الجـاري للفتـــــرة «2014 ـ 2018» بعد تشكيل الحكومة الجديدة المرتقب خلال الربع الأخير من العام. وهي مسألة كانت مفقودة طوال عمل مجلس التنمية الاقتصادية سابقاً.
التشكيلة الجديدة للمجلس تحمل إشارات أخرى هامة، فللمرة الأولى نجد هذا الكم الكبير من رجال الأعمال يدخل في عضوية مجلس التنمية الاقتصادية، بعد أن كنا نتابع سابقاً وجود عدد كبير من الوزراء والمسؤولين الحكوميين. وهذا يعكس رؤية جديدة يقدمها سمو ولي العهد بأهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فلا يمكن تحقيق تنمية اقتصادية أو رؤية اقتصادية طموحة «كما هو حال رؤية 2030» دون شراكة بين القطاعين، وهي شراكة ليست شكلية، وإنما شراكة في المصالح والرؤى وتطوير الأنظمة ومنظومة القوانين وإطلاق المبادرات. أيضاً رسالة أخرى يحملها التشكيل الجديد لمجلس التنمية الاقتصادية، وهو سيطرة فئـــة الشباب على هذا المجلس، وهـــي قناعة واضحة بعد أن هيمنت فئة الشباب على المجتمع وأثبتت قدراتها في الإنجاز، وإمكانياتها في التطوير.
لا يمكن تجاهل إنجازات مجلس التنمية الاقتصادية ومبادراته الهامة، ولكن الوقت حان للمراجعة والتقييم الفوري، وإطلاق المزيد من المبادرات والمشاريع الرائدة لتطوير الاقتصاد الوطني، وتحقيق تطلعات الرؤية الاقتصادية.
.