ليس العتب على ادعاءات الوفاق بأن الدولة هدمت المساجد؛ لكن العتب على المؤسسات الحكومية التي سمحت لـ»العشيش» و»ليحان الخشب» و»الجينكو» بأن تتحول إلى مزارات وأضرحة ومساجد، هذه لم تكن إلا أراضي للدولة، وتم الاستيلاء عليها في غفلة من هذه المؤسسات، ومنها الجهاز البلدي، الذي يتعامى ويتجاهل وجود مثل هذه الأخشاب على هيئة «عشيش» ثم تسدل عليها ستارة خضراء ثم يمدد شيئاً فشيئاً بحبال وتثبت امتداداته بأخشاب أو طابوق وأحياناً بقوارير بلاستيكية، حيث يتم التعمد باختيار المناطق المحاذية للشوارع العامة أو في المشاريع الإسكانية الحديثة، إذ إنه وبمرور الزمن يقتنع الجهاز البلدي كما يقتنع المواطنون أن هذا مسجد أو غيره من المسميات.
ومع الأسف غياب الجهاز الإعلامي الرسمي عن إظهار حقيقة هذه «العشيش» المهدمة، وإنها لا تملك بالأصل وثيقة ولا صكاً قديماً يثبت ملكية هذه الأرض لعائلة ما أو للأوقاف الجعفرية أو تتبع ملكيتها مآتم أو غيرها، ومن هذه الغفلة والتساهل من وزير البلديات، وهو المعني بهذا الشأن، ومعه هيئة الكهرباء التي قامت بمد هذه الحجر أو «الصنادق» بالكهرباء، وكذلك وزارة الإسكان التي أصدرت شهادة مسح دون وجود وثيقة ملكية، جميعها مسؤولة عن هذه الزوبعة الإعلامية التي تستغلها الوفاق لتظهر أن الدولة تضطهد فئة من الشعب وتقوم بهدم مساجدهم.
أما استشهاد الوفاق في ندوتها «مملكة المساجد المهدمة» بتقرير «بسيوني» الذي قال فيه «لابد من تقديم الاعتذار الرسمي لهذا الشعب لقيامها بجريمة هدم المساجد»، فنقول إن «بسيوني» لا يعلم عن البحرين إلا المكتب والفندق الذي جلس فيه، وأن تقريره بني على ادعاءات وأقوال كاذبة باطلة، وذلك لأن هذه المساجد قد شيدت على أرض مغتصبة وبالقوة، وأثناء ما كانت الدولة تحاول غض الطرف عن هذه الممارسات ظناً منها أن هذا التساهل في هذه التجاوزات قد يترضى عليها الانقلابيون.
أما قول المشعل بأنه لا يوجد أمن ديني في البحرين.. وشعبه -على حد زعمه- مهدد في وجوده وهويته، وربط بذلك سحب جنسية النجاتي وهدم المساجد، فهو قول باطل، والدليل ها هو؛ ليل نهار وفي كل مكان يتطاول على الدولة ويرمي حكامها بالتهم الباطلة ويألف ويفبرك الأكاذيب وهو مازال حراً طليقاً لم تمس له شعرة، ولكنه الحقد المتأصل في هذه النفوس التي تأبى أن تظل البحرين عربية، فهم يريدونها فارسية يريدونها إيرانية يكسوها السواد ويستعمر أهلها كالعبيد.
ولم يسكت إلى هذا الحد؛ بل يواصل ويقول لا توجد حرمة ولا مقدس لأبناء الطائفة الشيعية، وها هو ما يسمى مسجد آل البيت في وسط مدينة عيسى وبقرب الدوار بناء فاخر ليس مثله مسجد في البحرين وبني على نفقة الدولة، وها هي المساجد في الشاخورة والخابورة وغيرها من المناطق، وكلها مشيدة على نفقة الدولة، عدا عن المآتم، ولكن نعود ونقول مع الأسف الشديد الجهاز الإعلامي الرسمي الذي ترك لهؤلاء المجال للكذب ونشر الشائعات والادعاء بأن الدولة تهدم المساجد.
أما قول المدعو محمد التاجر «لم نكن نعرف البربغي والكويكبات، وصدمنا عندما عرفنا أن الدولة تريد العبث بالهوية»، نقول له أثبت أن هناك مسجداً اسمه «الكويكبات»، فنحن نعرف حقيقة هذه «العشة»، والتي حتى فترة السلامة الوطنية كانت عبارة عن أعمدة خشب لفت بقماش أخضر وكتب على قطعة من كارتون «مسجد الكويكبات»، فبالله عليكم منطقة جديدة لم تعمر وغير مأهوله، ولكنه سباق للزمن، ولعلمهم أن هذه المنطقة ملك للدولة وأنه قد بدأ تشييد مشروع إسكاني عليها، فقاموا باستغلال وجود تلة وذلك للاستيلاء على الأرض باسم «مسجد» وهي العادة التي عهدوا عليها، وها هي اليوم العشة تم بناؤها من قبل وزارة العدل ببناء مسلح من طابقين وتم تخصيص مساحة أضعاف التلة وفي نفس المكان، ولكن مع الأسف العلاقات العامة بوزارة العدل في سبات، وكذلك الجهاز الإعلامي الرسمي ومسؤولو وزارة البلديات في خبار كان، وهكذا تمسح هوية البلاد العربية الإسلامية بدعاوى كاذبة استطاعت زمرة من الحاقدين أن تسيء إلى البحرين بقيادة حملة إعلامية شرسة في الداخل والخارج حتى صدقهم أوباما، الذين لا يعرفون في البحرين طريقاً ولا حارة، ولكنه الإعلام الكاذب أصبح قادراً أن يقنع العالم بأكاذيبه حين سكت أهل الحق عن حقوقهم، ولا يعلو صوت للباطل إلا عندما يختفي صوت الحق.
اليوم نحن فقط نريد أن يثبت أصحاب ندوة «المساجد المهدمة» حقيقة وأصل ما يسمى «مسجد الكويكبات»، فإذا صح أن هناك مسجداً له أساس وبناء وفناء ومآذن فإن ادعاءاتهم صحيحة، وإن لم يثبتوا فإن ادعاءاتهم كاذبة.
إن البحرين اليوم في خطر، ليس فقط من حملة «المساجد المهدمة»؛ بل هناك مشروع قادم تتبناه الأوقاف الجعفرية باسم «المسجد الذكي» الذي لا يحتاج إلى حد زعمها إلى تصريح، وإنه سيتم إنشاؤه في المنتزهات وفي المستشفيات والمناطق الصناعية وفي المشاريع الإسكانية بدعوى تلبية حاجة المواطنين، وأن هذه المساجد يمكن توسيعها في المستقبل.
اليوم نحمل المسؤولية كاملة لوزارة العدل التي تسكت عن مثل هذه الادعاءات، كما نحمل وزارة البلدية مسؤولية هذه التجاوزات، كما نحمل الجهاز الإعلامي الرسمي الذي يشغل الناس ببرامج ذكريات ومقابلات وكأنه يعيش في القرن السابع عشر، جميعهم مسؤولون أمام هذه الجريمة، وذلك عندما يحاول هؤلاء الأشخاص مسح هوية مناطق البحرين القديمة والحديثة بالتخويف والترهيب باسم الحقوق الدينية والاضطهاد، والتي تحاول الدولة منه الدفاع عن نفسها أمام المجتمع الدولي فتقوم ببناء «العشيش» وستصدر لهم الوثائق ظناً منها أنهم سيكتفون بهذا القدر، بل إنهم لن يكتفوا والمساجد الذكية قادمة وسترون بعدها أن الدولة لن تحرك ساكناً وستتغاضى عنها كما تغاضت عن «العشيش».