حين شاهدت أن موقع الجمعية الانقلابية على «تويتر» وضع أمس صورة لعلي سلمان مع إبراهيم شريف وهما يحملان لافتة كتب عليها «لا سنية لا شيعية» أدركت أن شيئاً ما حصل من علي سلمان يثير الطائفية، أو يحرض على كيان كبير ورئيس بالمجتمع، وقد حدث فعلاً ذلك.
لن أتحدث عن استدعاء فلان أو علان إلى النيابة العامة، من المفترض أن يكون هذا أمر عادي يحدث لمواطن تجاوز القانون، ولا يحتاج إلى كل هذه الإثارة، ولا يحتاج إلى تبرير لماذا استدعي فلان أو علان، فقط هو مواطن -هكذا يفترض- وتجاوز القانون فتم استدعاء هذا المواطن.
ما يعنيني في كل هذا المشهد أمر آخر غير الاستدعاء، رغم أن المواطن تزعجه قائمة الأسئلة المريرة، وربما إحداها هو؛ هل للتو تسمعون هذا الخطاب من هؤلاء الأشخاص؟ هل للتو كشف عنكم الحجاب؟
شيء مزعج تماماً، لكننا نقول كما تقولون لنا دائماً؛ «تشوفون شي أحنا ما نشوفه»، مع أهل البحرين قصر نظر خلقي..!!
ما أريد قوله بعيداً عن الاستدعاء «السبب والتوقيت» فما شكل علامة كبيرة معي هو ارتباط استدعاء علي سلمان مع عمليات الإرهاب، والسيارات المفخخة، وحرق سيارات رجال الأمن، وتفجيرات حدثت هنا وهناك.
هذا الارتباط هو ما استوقفني، نحن كمواطنين نعلم حقيقة الارتباط، غير أن الدولة يبدو أنها حتى الساعة لم تعلم حقيقة الارتباط، وهو أن جمعية الوفاق المرخصة من الدولة تلعب دورين مزدوجين، دور شبه ناعم يتمثل في شخوص يتم إرسالهم إلى جلسات الحوار، ودور آخر يتمثل في إرهاب الشارع والمجتمع، بينما الوفاق تتنصل من هذا الإرهاب والدولة تصدقهم حين يتنصلون منه.
هذا الارتباط هو العلامة الفارقة، استدعاء علي سلمان صاحبه تفخيخ سيارات في العاصمة حرق واستهداف لرجال الأمن، والرسالة هي؛ إن أمسكتم به فسنلجأ إلى حرب التفجيرات، هذه هي الرسالة.
وإذا كان كذلك فإن هذه الجمعية جمعية إرهابية، تمارس العنف والإرهاب (أهل البحرين يعرفون هذه الحقيقة لكن الدولة لا تعرف بعد) فكيف تجلس الدولة وتستجدي هذه الجمعية من أجل أن تحضر جلسات الحوار، هذه هي المفارقات المؤلمة.
ليس جديداً أن يطلق علي سلمان خطاباً تحريضياً أو طائفياً، الغريب بعض الشيء أن الدولة للتو تسمع هذا الخطاب، والغريب أن الدولة حتى الساعة لا تربط بين الإرهاب والوفاق، فتصدقهم حين يقولون إن الإرهابيين هم من جماعة حق وجماعة مشيمع وأمل، ولو كان كذلك؛ فلماذا حدثت التفجيرات وتم تفخيخ سيارات في العاصمة بالتزامن مع استدعاء سلمان؟
قبل فترة خرج تصريح للرجل الفاضل الأخ رئيس الأمن العام يقول فيه إن الداخلية عرفت الإرهابيين والمحرضين وأنها في طور اتخاذ الإجراءات حيالهم..!!
ليسمح لنا الجميع، هذا تصريح لا أعرف ماذا أقول عنه، هل للتو عرفت الداخلية المحرضين والإرهابين؟ وأنتم في (طور) أخذ الإجراءات؟
وإن هذه الإجراءات هي من ضمن إجراءات الدولة من بعد توصيات المجلس الوطني..؟
والله ذكرتونا بالمجلس الوطني وتوصياته.. كنا ناسينه يا جماعة..!
والله لا أعرف ماذا أقول، لكني أتمنى أني تذكرت تصريح رئيس الأمن كما صرح به هو، هذه المفارقات وهذه التباينات هي المزعجة لنا، هي التي تجعلنا نقول إن الإرهاب لن يختفي، وأن ما يمارس ضد الإرهاب إنما هو (تخديرة) من أجل أن يخمد، وبالتالي فإنه يستطيع أن يضرب في أي وقت، وهذه هي المصيبة.
كل جهود رجال الأمن مشكورة، ونحترمها ونحن أكثر من يساندهم ولا نحتاج لأن نذكر بذلك، لكن الذي يزعجنا تباين القرارات، والإجراءات لا تتخذ بصرامة رغم أن هناك تفويضاً شعبياً، وتفويضاً من قادة البلد، ولا نعرف لماذا يحدث ذلك؟
لدينا شعور أن الدولة ليست جادة تماماً في محاربة الإرهاب، وإلا والدولة صغيرة الحجم، تستطيع أن تحصر كل شعرة، وتحول كل من يضع يده في يد الإرهابيين إلى الجهات القانونية.
مسألة توقيف علي سلمان ليست مهمة بالنسبة للناس، فقط أصيبوا بحالة من التبلد، وحالة من قراءة المشهد (خطوة للأمام.. خطوتين للخلف) وكأن هذا أصبح شعار الدولة.
المسألة الأهم هي ارتباط الإرهاب بجمعية مرخصة من الدولة، غير أن الدولة لا تحظر هذه الجمعية، ولا تصنفها كجمعية إرهابية رغم كل هذا الارتباط، ورغم كل الدعم الذي تقدمه الجمعية الإرهابية، ورغم كل المعلومات المتوفرة للدولة عن ارتباط الإرهاب بالجمعية وبأعضاء الجمعية.
النظر إلى موضوع استدعاء علي سلمان على أنه إنجاز مسألة تسطيحية، النظرة الأبعد هي ارتباط الإرهاب بالجمعية الانقلابية دون أن تصنفها الدولة على أنها جمعية إرهابية، ليس هذا فحسب، بل تذهب الدولة إلى أبعد من ذلك حين تستجدي هذه الجمعية لحضور جلسات الحوار، ويتم تعطيل الحوار من أجلهم.. (يا مثبت العقل)..!!
هل تحتاجون أكثر لتعرفوا مدى ارتباط الجمعية الانقلابية وأمينها العام بالإرهاب؟
بل أن جزءاً من الاتهام الموجه للأمين العام أنه حرض على أعمال عنف، وقد حدثت بعد الخطبة، وهذا يؤكد الارتباط ويدعمه.
السؤال هنا؛ هل الوفاق جمعية إرهابية في تصنيف الدولة أم أنها جمعية اعتدال وإبرام صفقات..؟
كل الصفقات التي أبرمت مع الذين تعرفون كانت على حساب البحرين وأهل البحرين منذ التسعينيات وحتى اليوم، ولا نعرف ما هو آتٍ من صفقات مع من يحرقون البحرين ويفخخون السيارات، ومع من سمعتم خطابهم في فبراير 2011، ولا أريد التذكير..!
محاربة الإرهاب لا تحتاج إلى تسويف وإلى تردد، محاربة الإرهاب خيار ومصير ومستقبل وطن، إما أن نحاربه بقوة القانون، وإما أن نترك الإرهاب يفتك بالمجتمع ويدمر الاقتصاد.
لا توجد حالة رمادية في محاربة الإرهاب، هذا الذي نريد أن نقوله اليوم، أما استدعاء فلان أو علان فهذه مسألة يجب أن تكون عادية في بلد القانون ولا تحتاج إلى تبريرات من الدولة.