كل من تستضيفه فضائية «العالم» الإيرانية من «المعارضة» في البحرين يبدأ حديثه بتوجيه الشكر للقناة «لوقوفها إلى جانبهم» ولتعاطفها معهم ودعمها اللامحدود، ليس معروفاً إن كان ذلك فرضاً يتم الإيعاز للضيوف الذين وافقوا على قيام هذه الفضائية السوسة بمنحهم فرصة الإساءة لوطنهم أن يبدؤوا حديثهم به أم إن مبادرة الشكر تدخل في باب التطوع والتعبير عن الفرحة بهذا الدعم من قبل من اختار معاداة ووطنه، لكن الملاحظ أن الكل يبدأ بهذه الديباجة أو يختم حديثه بها!
لم يبق إلا أن تتخذ «المعارضة» قراراً بإقامة نصب في باب البحرين، أو حيث كان دوار مجلس التعاون، تعبيراً عن الشكر والعرفان لهذه الفضائية يلصق أسفله قطعة معدنية يكتب فيها بماء الذهب ما يفرح أهل الفضائية من عبارات الشكر والتقدير على دعمهم الذي لم يتوقف منذ الرابع عشر من فبراير 2011 وبحماس منقطع النظير.
وسواء أقيم النصب أم تم الاكتفاء بقول الديباجة في كل استضافة؛ فإن هذا إنما يعبر عن «خيبة بعض أهل البحرين»، وإلا فإن الشكر واجب على أهل الفضائية التي لم تتوقع أن تقبل «المعارضة» بالكشف لها عن أي جزء منها تشتهي أن تراه وفي أي وقت، ذلك أن هذه «الوقفة البطولية» ليست من أجل سواد عيون «المعارضة» ولكنها ضمن مخطط لم يعد خافياً، وإلا لماذا كل هذا التعاطف وهذا الدعم السخي الذي وصل حد البجاحة لمجموعة لا تعرف كوع السياسة من بوعها؟
السوسة الإيرانية هي التي عليها أن تشكر هؤلاء على إتاحتهم الفرصة لها كي تقوم بالدور المنوط بها، والذي من شأنه أن يدفع في إنجاح المخطط المدبر بليل كي يتولى الفقيه ما يريد أن يتولى من أمر بلدان الخليج العربي ويحقق الحلم الفارسي القديم، الخدمة التي تقدمها «المعارضة» لفضائية «العالم» أكبر من الخدمة التي تقدمها الفضائية لـ «المعارضة»، وبالتالي فإنها هي من ينبغي أن تتقدم بالشكر وتقيم نصباً لـ «المعارضة» البحرينية التي قبلت أن تلعب هذا الدور، وليس «المعارضة» هي من تقوم بتكريم القناة.
لعل الجميع لاحظ أن قيام هذه الفضائية بتغيير وقت بث البرنامج اليومي المخصص لتوجيه الشتائم للبحرين من الواحدة ظهراً إلى السابعة مساءً قد تم التراجع عنه، حيث عادت الفضائية تبث برنامج «حديث البحرين» على الهواء مباشرة في وقته السابق، وإن استمرت في خفض مدته إلى نصف ساعة. من الواضح أنه تبين للقائمين على الفضائية وبعد التشاور مع المعنيين في «المعارضة» أن تأثير البرنامج في توقيته الجديد كان دون تأثيره فترة الظهيرة، لذا قامت بالتراجع عن قرارها والعودة إلى بثه ظهراً، ولكن بزيادة جرعة التعاطف والانحياز لـ «المعارضة» وبنفس طريقة «تجعيم» المشاركين ممن لا يروق كلامهم لمقدمي البرنامج أو لا يبدؤون كلامهم بتقديم آيات الشكر للفضائية.
نبيل رجب اختار أن تكون «العالم» الفضائية الأولى التي تبث بالعربية كي تستضيفه، وكما يفعل الآخرون بدأ حديثه بتوجيه الشكر لها على وقوفها إلى جانب «المعارضة» منذ الرابع عشر من فبراير 2011 واستمرارها في القيام بهذا الدور.
في هذه الاستضافة كان رجب فرحاً، لكن مقدمة البرنامج كانت أكثر فرحاً، عبرت بذلك من خلال عبارات الترحيب المبالغ فيها، والتي أظهرت رجب وكأنه حرر القدس، ومن خلال نبرات صوتها وابتسامتها واحمرار وجهها، حتى بدت وكأنها ملكت الدنيا في تلك اللحظة!
أما الفارق بينها وبين الفرحين بهذه الفضائية فهو أنها تعرف جيداً ما تقول وما تفعل وتعرف الغاية والهدف من كل ذلك، بينما لا يزال الفرحون بها دون القدرة على استرجاع عقولهم ليعرفوا أن ما تقوم به هذه الفضائية السوسة ليس إلا حلقة ضمن مخطط معتمد.