هذا سؤال مهم جداً؛ حيث البعض يتهم وزارة الداخلية بأنها تطبق العقاب الجماعي على القرى منذ حدوث الانفجار الذي أودى بحياة ثلاثة من رجال الأمن، هذا البعض يقول إن نقاطاً للتفتيش (السيطرة والأمن) تم نصبها في العديد من الأماكن تتسبب في تعطيل حياة الناس، وأنه لا تفسير لهذا سوى أن قراراً قد اتخذ بتطبيق العقاب الجماعي على القرى وأن هذا شكل من أشكال الانتقام.
ولأن العقاب الجماعي أمر مرفوض، حيث لا تزر وازرة وزر أخرى، وليس منطقاً أخذ البريء بفعل المجرم، لذا فإن هذا القول (الاتهام) يبدو غريباً ويستدعي التحقق منه، خصوصاً أن الكلام هنا عن البحرين المعروفة بالتسامح وبالأخلاق وبالالتزام بالقانون والنظام، ما يستوجب طرح السؤال بقوة؛ هل بالفعل تمارس الدولة في البحرين العقاب الجماعي؟
منطقاً وعرفاً وأخلاقاً والتزاماً وقانوناً لا يمكن لوزارة الداخلية أو غيرها أن تمارس سياسة العقاب الجماعي، هذا أمر غير وارد في سياسة البحرين التي تعلي من شأن القانون وتلتزم بتطبيقه، ولا يوجد قانون يبيح تطبيق سياسة العقاب الجماعي.
نحن إذاً أمام أحد أمرين؛ الأول هو قصر فهم ذلك البعض والذي أدى به إلى الاعتقاد بأن ما يراه من نقاط للسيطرة والأمن المراد منها معاقبة جميع أهالي المناطق التي توجد فيها تلك النقاط ومضايقتهم، والثاني هو سعي «المعارضة» إلى الاستفادة من المشهد للإساءة إلى البحرين والقول للمنظمات الحقوقية العالمية إن الدولة تمارس سياسة العقاب الجماعي.
الغالب أن الأمر الثاني هو الأقرب إلى الصحة، بدليل أنه لا يفوت أحد من المحسوبين على «المعارضة» الفرصة للترويج لهذا القول، خصوصاً في وجبة الشتم اليومية الموجهة من إيران الإسلامية إلى البحرين عبر الفضائية السوسة (العالم)، فمنذ اتخاذ الدولة قرارها بوضع حد لهذا الاستهتار بالنظام والقانون والذي يعرض أمن المواطنين والمقيمين للخطر ويتسبب في تعطيل الحياة، منذ ذلك الحين والكلام عن العقاب الجماعي لم يتوقف، سواء عبر السوسة الإيرانية والفضائيات التابعة لها أو عبر المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.
ما يحدث في البحرين هو أن الدولة وصلت إلى قناعة ملخصها أنه لا مفر من وضع نهاية لكل هذا الذي يحدث منذ ثلاث سنوات وأدى إلى أن يخسر الكثير من الأبرياء حياتهم حتى تأثر إحساس الناس بالأمان، فزادت من نقاط السيطرة والأمن بغية التوصل إلى المطلوبين الفارين من العدالة والمخربين والإرهابيين، وبالفعل تم القبض على مجموعة منهم.
هذا الأسلوب وإن كان يتسبب أحياناً في التعطيل فإنه يشعر الجميع بمن فيهم أهل المناطق التي وضعت تلك النقاط في مداخلها بالأمان، ذلك أن القبض على المخربين والإرهابيين فيه منفعة للجميع من دون استثناء.
عبارة العقاب الجماعي يستخدمها المحسوبون على «المعارضة» بشكل جماعي عند حصول المواجهات في ختام بعض الفعاليات، حيث يحلو لهم دائماً استخدام تعبير أن «رجال الأمن أغرقوا المنطقة بالغازات السامة»، وأن «وزارة الداخلية تمارس سياسة العقاب الجماعي».
ولأن هذا الكلام غير منطقي لذا يسهل الرد عليه، فما يحدث هو أن الدولة تطبق القانون وتسعى إلى ضبط الأمن حماية للأفراد والممتلكات، ولا سبيل أمام رجال الأمن سوى إلقاء بعض عبوات مسيلات الدموع على المتجاوزين للنظام من الذين يعبثون بالأمن، ولأن الفاعلين يحتمون بالأماكن التي يقيم فيها الأبرياء من الناس لذا فإن من الطبيعي أن يصلهم شيء من دخان المسيلات فتدمع أعينهم.
لماذا لا نلوم المخربين والإرهابيين ومتجاوزي النظام والقانون كونهم هم المتسببين في الأذى الذي يصل الأبرياء؟ لماذا نلقي باللوم على الدولة التي تسعى إلى فرض القانون وتوفير الأمن والأمان للجميع؟