المشكلة هي تكدس الشاحنات على جسر الملك فهد، المليئة بالبضائع والمواد والمعدات، والفارغة التي هي في طريق العودة إلى البحرين، وهي مشكلة قديمة تظهر إلى السطح وتبقى عدة شهور ثم تنتهي بعد أن يتدخل أو يتواصل المسؤولون في البحرين والسعودية ويصدرون توجيهاتهم بتيسير أمر النقل والانتقال على الجسر.
هذه المرة المشكلة بدأت من حوالي أربعة أو خمسة شهور، وانتظار الشاحنات وحتى حافلات الركاب وصل إلى ثلاثة وأربعة أيام يقضيها السواق والركاب على جانبي الجسر في الطقس الحار أو البارد.
أصحاب شركات النقليات بدؤوا الشكوى من هذا التكدس في شهر يناير الماضي، وقالوا إن توقف الشاحنات والناقلات التي يملكونها على الجسر سواء كانت مشحونة أو فارغة يكبدهم خسائر فادحة، ويتساءلون لماذا لا يسمح للشاحنات الفارغة والعائدة إلى البحرين بالمرور على الأقل، ولماذا لا يتم فرز الناقلات وتحديد مسارات وأوقات خاصة بها، فما تحتاجه هذه من وقت وتفتيش لا تحتاجه الأخرى، وما ينطبق على الشاحنات التي تحمل مواد غذائية سريعة التلف، لا ينطبق على الشاحنات التي تحمل بضائع ومواد صناعية.
في شهر مارس الماضي ارتفعت الشكوى عالياً من عدد من رجال الأعمال البحرينيين، أولهم كان رجل الأعمال عبدالله بوهندي الذي وصف تكدس الشاحنات على جسر الملك بأنه خنق لاقتصاد البحرين، وأن على المسؤولين في البلدين أن يبادروا إلى حل هذه المشكلة وإنقاذ اقتصاد البحرين من الاختناق.
رجل الأعمال فوزي كانو قال عن المشكلة «إن أزمة تكدس الشاحنات المستمرة منذ فترة طويلة، والتي ما أن تهدأ ويتم تجاوزها حتى تعود مرة أخرى، تؤثر بشكل سلبي على موقع المملكة وقدرتها على لعب دورها كبوابة للتصدير وإعادة التصدير إلى دول الخليج، داعياً الجانب البحريني إلى التواصل مع الجانب السعودي وتوضيح أهمية الجسر كشريان أساسي للبحرين، فالتعطيل الذي يحدث على الجسر يؤثر سلباً على ربحية الشركات بل إنه قد يتسبب في خسائر لعدد من الشركات بما يهدد بإفلاسها». رجل الأعمال ورئيس مجلس إدارة مجموعة ترافكو إبراهيم زينل اشتكى أيضاً من تفاقم مشكلة تكدس الشاحنات، ومن الخسائر التي تتكبدها الشركات البحرينية ومنها ترافكو، قائلاً: «إن استمرار تكدس الشاحنات على جسر الملك فهد أصبح عائقاً أساسياً لإمكانات التوسع في الأسواق المجاورة، وقد فقدت شركة أوال للألبان جزءاً كبيراً من حصة السوق في بعض دول مجلس التعاون نتيجة لعدم تمكنها من خدمة هذه الأسواق بسلاسة وتوفير الكميات المطلوبة منها بشكل مستمر».
الغريب في الأمر أن الجانبين البحريني والسعودي يدركان أهمية الجسر، وبأنه الشريان الوحيد والأنسب والأقل كلفة بالنسبة لنقل البضائع والمنتجات الغذائية والصناعية بين البلدين، مقارنة بالنقل البحري والجوي.
كما يدركان أيضاً أن محدودية اقتصاد البحرين، وسعي القطاع الخاص في تنويع هذا الاقتصاد وإقامة الصناعات التي تعتمد على التصدير إلى الأسواق المجاورة، يتطلب من المسؤولين في البلدين دعم هذا التوجه الذي يساعد على تقوية اقتصاد البحرين من ناحية، ويزيد من التبادل التجاري البيني الخليجي، ويزيد من العلاقة الحميمة بين المملكتين.
إن الصمت الذي يقابل به المسؤولون في البلدين هذه المشكلة، رغم ارتفاع الأصوات الشاكية منها والنداءات لهم بالتدخل وتيسير العمل عل الجسر، فالمشكلة ليست عويصة إلى ذلك الحد الذي يعجز فيه الطرفان عن حلها، وأمامهما تجارب الكثير من الدول المتقدمة التي تربط بينها ممرات وجسور تستقبل يومياً مئات الشاحنات وحافلات الركاب وغيرها.
كما إن هذه الدول قد طورت من طرق استقبال وتوديع هذه الشاحنات، من خلال تنظيم الممرات، وتحديث وسائل التفتيش الإلكترونية الدقيقة والسريعة، وتحتاج من السعودية والبحرين الاستفادة منها، وتوظيفها في حل مشكلة تكدس الشاحنات بجسر الملك فهد.
مجلس إدارة الجسر اجتمع يوم الأحد الماضي، وقال البيان الصادر عن الاجتماع: «إنه في نهايته حث المجلس إدارة المؤسسة العامة للجسر على السعي المستمر لمواكبة التطور في الخدمات ومواصلة التنسيق بين الإدارات العاملة في الجسر لتيسير إجراءات السفر بما ينعكس أثره على انسيابية حركة النقل والتنقل بين البلدين الشقيقين (المملكة العربية السعودية والبحرين)».
لكنه لم يتطرق مباشرة إلى مشكلة تكدس الشاحنات.