في الأيام الستة المقبلة، والتي تفصلنا عما صاروا يطلقون عليه اسم «عصيان العزة»، سيشهد القارئ العديد من الحوادث المفتعلة، وسيتبين أن ما أقوله هنا لم يجانبه الصواب، فما أتوقعه اعتباراً من يوم غد الجمعة هو أن تبرز في كل يوم «سالفة» جديدة يتم التركيز عليها بهدف زيادة جرعة الشحن في محاولة يائسة لتنفيذ ولو جزء من مشروع العصيان الذي لن ينجح مهما فعلوا، ولإعطاء الإعلام المتعاطف (القنوات السوسة بشكل خاص) فرصة أكبر كي يعبر عن تأييده للمشروع، وليكون له إسهام لافت في عملية الشحن، وأيضاً ليتم استخدام تلك السوالف في تبرير عدم نجاح العصيان والقول إنه لولا أنه لم يحدث كذا وكذا لتمكنا من فعل كذا وكذا.
في الأيام الستة المقبلة سنسمع الكثير من الإشاعات، بعضها عن الحوار وبعضها عن تشكيل وزاري جديد كل وزرائه ينتمون إلى مذهب معين، وبعضها عن اعتقالات وتعرض بيوت من يتم اعتقالهم للسرقات، وبعضها عن حجز واعتقال أطفال ونساء ومرضى ومتخلفين عقلياً والتنكيل بهم، وكثير منها عن المجلس العلمائي الذي تم تعطيله أخيراً، وغير هذه من سوالف صار لا بد منها طالما أن كل العمليات التي يتم تنفيذها في الشوارع لم تسفر عن «شهيد» جديد بعد ليستفاد منه في الشحن والتحشيد للعصيان الذي سبق أن فشل مرات عديدة، ولا يمكن أن يرى النجاح هذه المرة أيضاً، مثله مثل كل عمليات الزحف نحو الدوار الذي كان.
قبل يومين تم تداول خبر يبدو أنه تمهيد لتلك السوالف، فقد انتشر ما مفاده أن شاباً من إحدى القرى كان مطلوباً وأن رجال الأمن عندما ذهبوا إلى بيته لإلقاء القبض عليه وجدوه قد هرب فما كان منهم إلا أن اعتقلوا جده كرهينة!
أما الهدف هنا فواضح وضوح الشمس؛ وهو تشويه صورة رجال الأمن وتأليب العامة على الدولة التي يحاولون إظهارها على أنها عبارة عن عصابة لا قيمة للأخلاق عندها ولا يهمها ما تفعل طالما أن لها أهدافاً تريد أن تحققها، لذلك فإنه لا غرابة في أن تعتقل عجوزاً كرهينة يطلق سراحه لحظة أن يسلم حفيده المطلوب نفسه!
في السنوات الثلاث الماضيات تم نشر الكثير من السوالف، وتم افتعال الكثير من القصص والحوادث. الهدف كان واضحاً وهو الإثارة الإعلامية بغية الشحن والتحشيد وكسب التعاطف ومحاولة إقناع المنظمات الحقوقية في الخارج بأن ما يوصلونه إليها صحيح، لذلك فإن من تابع تلك التصرفات لن يجد صعوبة في مشاركتي توقعاتي التي أجزم أنها في محلها.
هذه السوالف تعني أن هؤلاء تكونت لديهم خبرة تعينهم على تأليفها وروايتها ونشرها وتوظيفها بالطريقة التي تخدم أهدافهم، فقد استفادوا من السنوات الثلاث الماضيات استفادة كبيرة لذلك عزموا على ما هم عازمون عليه واستعدوا لتوظيف ما اكتسبوه من خبرات ومهارات، لكنهم لم ينتبهوا إلى أمر مهم، فمقابل الخبرة التي اكتسبوها اكتسب رجال الأمن خبرة في كيفية إفشال تلك المخططات، كما يبدو أنهم غير منتبهين أيضاً إلى أن الدولة وبعد كل هذا الذي لاقته منهم لا يمكنها أن تتجاوز وتغض الطرف، لذلك فإنها ستكون بالمرصاد لكل محاولات زعزعة الأمن ونشر الفوضى والتضييق على المواطنين والمقيمين وتعطيل الحياة.
إن كان أولئك يعتقدون أن الدولة ستتركهم يفعلون ما يشاءون من منطلق إيمانها بالحريات فالأكيد أنهم مخطئون، لأن ما يعتزمون القيام به لا يدخل في باب الحريات وإنما هو شكل من أشكال الفوضى ويتسبب في أذى الآخرين الذين تقع على الدولة مسؤولية حمايتهم وتوفير الأمن لهم.
سوالف كثيرة متوقعة وغير متوقعة سنشهدها في الأيام الستة المقبلة.