قالوا ويقولون وسيقولون؛ إنك نتاج أفكارك، أفكارك هي التي قادتك إلى اللحظة الراهنة هنا والآن، وأفكارك هي التي ستأخذك إلى المستقبل غير المنظور كل ما تعيشه وتراه وتلمسه وتثور عليه وتغضب منه، وتحاول أن تبتعد ليس إلا حروب وأفكار ومعارك تدور في رأسك، وبتعبير آخر؛ محاولة سيطرة العقل الواعي على العقل الباطن، وبالقوة، وهذا لا يمكن أن يكون، بسبب أن قوة العقل هي التي تحركنا وتحرك توجهاتنا وتصوراتنا عن أنفسنا وعن الآخرين.
نسمع هنا وهناك وبشكل لا يتوقف من أغلب الناس الذين يعيشون معنا وفي هذا الكوكب الرائع الجميل الذي يدعى بالأرض، كلنا نمر بأزمات وصعوبات حياتية ونفسية تجلس كالقرحة قي قلوبنا، البعض يتخلص منها من خلال كلمة «انسى أو طنش»، البعض الآخر تبقى في داخله، وحين يمر بلحظة قريبة منها أو تشابها تتوسع هذه القرحة إلى درجة أن تكتم أنفاسه، حتى لا يستطيع التنفس، فيكره الحياة التي يحيا ويكره الناس الذين يعيشون معه، ويكره العالم، والسؤال الذي علينا أن نطرحه هو؛ كيف نتخلص من هذه القرحة التي تحرمنا من الفرح بالحياة، وتبعدنا عن السعادة التي في داخلنا.
ميزة العقل الباطن التي لا يعرفها الكثيرون أنه مثلما يخزن كل ما نمر به، فهو قادر على طرد ما اختزنه منذ فترة الطفولة. لكنه لا يستطيع أن يضع صورتين في نفس الوقت، من هنا لكي نطرد الصورة القديمة لا بد لنا من أن نضع الصورة الجديد في نفس الزمان ونفس المكان ونفس الصوت، ونفس الحالة التي وقع فيها الحدث.
على سبيل المثال؛ أن هناك ثمة مدرس ضربني وأنا في الصف الثالث الابتدائي وأمام التلاميذ الذين هم في مثل عمري، حدث ذلك منذ أكثر من خمسين سنة، وربما مات هذا المدرس وانتقل إلى رحمة الله، ولكن الحادث ما زال في ذاكرتي كأنه حدث اليوم.
ربما كنت أنا الغلطان وألقي التهمة على المدرس المسكين الذي أتقزز من صورته كلما تذكرت الحدث، لكن لا، هذا الكلام لا يفيد، لأنه ملتصق بالذاكرة. ما العمل؟
هناك طريقة جيدة للتخلص من هذه الذاكرة الأليمة، وهي العودة لها، حالة الحادثة تماماً.
أتنفس تنفساً عميقاً جداً، شهيقاً طويلاً كأنني اسحب كل الهواء في الحيز أو المجال الذي أجلس فيه، وزفير طويل وكأنني أخرج كل الهواء الذي داخلي بحيث يلتصق جلد ظهري ببطني، أو العكس، لثلاث أو خمسة مرات. ثم أعود إلى السنة الدراسية تلك، أرى الصف بصورة بانورامية؛ الكراسي، رائحة الصبغ الجديد على الجدران، السبورة السوداء، أصوات التلاميذ، المدرس يقابلنا ويشرح لنا، أسمع صوت المدرس واضحاً، أرى نفسي أمام المدرس، المدرس يضربني بالكف، استشعر الكف على وجهي، أحس بالألم في داخلي.
أعود إلى الحدث كما هو، لحظات ثم أبدأ في الدخول في الظلام، الآن نفس الصورة، الأصوات، الروائح، السبورة، الألوان.. وكل ما كان موجوداً في الحدث، أرى نفسي أمام المدرس وهو يقول للتلاميذ هذا واحد من الذين سيكون له شأناً عظيماً في المستقبل، فقد كتب قصة إنسانية رائعة، وأنني أمامكم أهديه ميدالية ذهبية خاصة به فإنه يستحقها، التلاميذ يصفقون من كل قلوبهم، المدرس يبتسم حتى تتحول الابتسامة إلى وجه كامل، وأنا أبتسم.. أبتسم.. أبتسم..
أبقى على هذه الوضع لعدة دقائق، أفتح عيني، أشعر بارتياح، فقد طردت ألم الماضي وحولته إلى فرح حدث في الماضي، لم يعد الألم موجوداً هناك، إنما الفرح هناك.
هذه صورة من الصور المعتمدة على المخيلة لطرد جروح الماضي، وهناك طرق عديدة للتخلص من آثار الماضي، هل لمن عاش الجراح والآلام والعذابات أن يزيلها من قلبه، نعم يمكن ذلك من خلال إعادة هندسة الماضي.
نسمع هنا وهناك وبشكل لا يتوقف من أغلب الناس الذين يعيشون معنا وفي هذا الكوكب الرائع الجميل الذي يدعى بالأرض، كلنا نمر بأزمات وصعوبات حياتية ونفسية تجلس كالقرحة قي قلوبنا، البعض يتخلص منها من خلال كلمة «انسى أو طنش»، البعض الآخر تبقى في داخله، وحين يمر بلحظة قريبة منها أو تشابها تتوسع هذه القرحة إلى درجة أن تكتم أنفاسه، حتى لا يستطيع التنفس، فيكره الحياة التي يحيا ويكره الناس الذين يعيشون معه، ويكره العالم، والسؤال الذي علينا أن نطرحه هو؛ كيف نتخلص من هذه القرحة التي تحرمنا من الفرح بالحياة، وتبعدنا عن السعادة التي في داخلنا.
ميزة العقل الباطن التي لا يعرفها الكثيرون أنه مثلما يخزن كل ما نمر به، فهو قادر على طرد ما اختزنه منذ فترة الطفولة. لكنه لا يستطيع أن يضع صورتين في نفس الوقت، من هنا لكي نطرد الصورة القديمة لا بد لنا من أن نضع الصورة الجديد في نفس الزمان ونفس المكان ونفس الصوت، ونفس الحالة التي وقع فيها الحدث.
على سبيل المثال؛ أن هناك ثمة مدرس ضربني وأنا في الصف الثالث الابتدائي وأمام التلاميذ الذين هم في مثل عمري، حدث ذلك منذ أكثر من خمسين سنة، وربما مات هذا المدرس وانتقل إلى رحمة الله، ولكن الحادث ما زال في ذاكرتي كأنه حدث اليوم.
ربما كنت أنا الغلطان وألقي التهمة على المدرس المسكين الذي أتقزز من صورته كلما تذكرت الحدث، لكن لا، هذا الكلام لا يفيد، لأنه ملتصق بالذاكرة. ما العمل؟
هناك طريقة جيدة للتخلص من هذه الذاكرة الأليمة، وهي العودة لها، حالة الحادثة تماماً.
أتنفس تنفساً عميقاً جداً، شهيقاً طويلاً كأنني اسحب كل الهواء في الحيز أو المجال الذي أجلس فيه، وزفير طويل وكأنني أخرج كل الهواء الذي داخلي بحيث يلتصق جلد ظهري ببطني، أو العكس، لثلاث أو خمسة مرات. ثم أعود إلى السنة الدراسية تلك، أرى الصف بصورة بانورامية؛ الكراسي، رائحة الصبغ الجديد على الجدران، السبورة السوداء، أصوات التلاميذ، المدرس يقابلنا ويشرح لنا، أسمع صوت المدرس واضحاً، أرى نفسي أمام المدرس، المدرس يضربني بالكف، استشعر الكف على وجهي، أحس بالألم في داخلي.
أعود إلى الحدث كما هو، لحظات ثم أبدأ في الدخول في الظلام، الآن نفس الصورة، الأصوات، الروائح، السبورة، الألوان.. وكل ما كان موجوداً في الحدث، أرى نفسي أمام المدرس وهو يقول للتلاميذ هذا واحد من الذين سيكون له شأناً عظيماً في المستقبل، فقد كتب قصة إنسانية رائعة، وأنني أمامكم أهديه ميدالية ذهبية خاصة به فإنه يستحقها، التلاميذ يصفقون من كل قلوبهم، المدرس يبتسم حتى تتحول الابتسامة إلى وجه كامل، وأنا أبتسم.. أبتسم.. أبتسم..
أبقى على هذه الوضع لعدة دقائق، أفتح عيني، أشعر بارتياح، فقد طردت ألم الماضي وحولته إلى فرح حدث في الماضي، لم يعد الألم موجوداً هناك، إنما الفرح هناك.
هذه صورة من الصور المعتمدة على المخيلة لطرد جروح الماضي، وهناك طرق عديدة للتخلص من آثار الماضي، هل لمن عاش الجراح والآلام والعذابات أن يزيلها من قلبه، نعم يمكن ذلك من خلال إعادة هندسة الماضي.