وقع فوز حزب «العدالة والتنمية» التركي في الانتخابات البلدية المحلية تعدى حدوده الجغرافية، ليشكل حلماً لبعض الناشطين سياسياً في الدول العربية بقدرته على التأثير في واقعهم.
لم يكن الفوز الذي حققه أردوغان مفاجئاً على الرغم من الأزمة التي مر بها هو وحزبه في الفترة التي سبقت الانتخابات، فقد تعلمنا منذ سنوات الدراسة الابتدائية الأولى حكمة تقول «من جد وجد ومن زرع حصد»، وقد اجتهدت الإدارة التركية وبذلت الوسع لتثبت لشعبها إخلاصها لتركيا فخططت وعملت بجد ونشاط، وما أوصل أردوغان وحزبه الحاكم إلى هذه النتيجة إلا الأعمال والإنجازات التي تحققت لتركيا وشعبها في عهده والتي تعد طفرة بكل المقاييس نقلت تركيا من ترتيب 111 إلى 16 عالمياً، ورفعت صادراتها من 23 إلى 153 مليار دولار سنوياً وأنهت ديون تركيا، بالإضافة إلى إنجازات أخرى لا مجال لذكرها، فوز جاء نتيجة لخيار المواطنين الذين منحوا حزب «العدالة والتنمية» هذا الحق.
ردود الأفعال في العالم العربي نتيجة فوز حزب «العدالة والتنمية» جاءت متباينة، وكل حسب موقفه من أردوغان وحزبه، بعض المتابعين العرب عبروا عن سخطهم، والبعض الآخر عبروا عن سعادتهم وتمنياتهم لتركيا وشعبها بالخير، لكن عدداً غير قليل من الناشطين السياسيين والمتابعين ذهبوا أبعد من ذلك فصوّروا نتيجة الانتخابات في تركيا على أنها نجاح لهم في بلدانهم العربية، وصوروا أردوغان على أنه المخلّص والمنقذ لهم، وهذا غير صحيح فالرجل حريص على بلاده ويسعى لخيرها وتقدمها ويبحث عن مصالحها أينما كانت، وأبسط مثال على ذلك سعيه لتقوية العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع إيران التي تشكل خطراً على الدول العربية الإسلامية المجاورة لها، تركيا ليست إيران الساعية للتوسع لاستعادة إمبراطورية فارس وتدعم كل المتفقين معها فكرياً، فتركيا منشغلة بتقدمها، المشكلة في بعض النشطاء السياسيين في الدول العربية الذين لم يتمكنوا بأدائهم السياسي من الوصول إلى ما وصل إليه أردوغان في تركيا، وعجزوا عن تقديم ما قدمه أردوغان لجمهوره، وراحوا يتفاخرون بنتيجة لغيرهم كانت بسبب إنجازات لا علاقة لهم به متكئين عليها آملين منها تخليصهم من واقعهم، هذه الحالة ذكرتني بمثل شعبي يقول: «القرعة تتباهى بشعر بنت خالتها» وعلى الرغم من فضاضة بعض الأمثال الشعبية إلا أنها في النهاية تضرب ولا تقاس، والمراد أن بعض الناس يتفاخرون بما صنع غيرهم، والأولى أن يتفاخروا بما قدموا هم وليس غيرهم.
فوز حزب أردوغان في الانتخابات خيار الناس في تركيا وما سيحقق من إنجازات ستكون لتركيا وشعبها ولن يقدم أو يؤخر خارجها.