الشارع المخلص يحق له أن يغضب من تباطؤ إجراءات الدولة تجاه دحر الإرهاب وتطبيق القانون ووضع كل محرض وإرهابي في موضعه الصحيح وتعريفه بحجمه، هذا من حق المخلصين أن يطالبوا به وأن يحاسبوا الدولة عليه، لكن في مقابل ذلك لا يجب على المخلصين أن يفقدوا ثقتهم وإيمانهم إزاء حقيقة راسخة يجب أن تكون هي أساس كل شيء لديهم، وهي أن تراب هذا الأرض ليس «رخيصاً» لدرجة أن يباع لهؤلاء، لا عبر صفقة أو صيغة تفاهم أو أي شيء آخر، عليهم أن يدركوا بأن «حلم دوار جديد» ليس إلا في عقل الولي الفقيه وأتباعه، وسيظل حلماً يحلمون به كل ليلة يتحول إلى «كابوس» حينما يصحون من نومهم.
هذا هو الثابت في المسألة، البحرين لن ترجع للوراء إلى تلك الأيام، بل لن يسمح المخلصون من أبنائها بأن تعود لذلك، بل نشدد بأنه لن يسمح أيضاً حتى لمن يظن بأنه بالمقاربات مع الانقلابيين أن يعيد البلد لتلك الدوامة، البلد ملك لأبنائها المخلصين الذين يخافون عليها والذين لأجل ترابها يمكن أن يضحوا بأنفسهم بلا تردد، وافهموا مضمون الكلام وفسروا كل مفردة، وضعوا ألف خط تحت كلمة «تراب البحرين».
الآن ماذا تبقى لعلي سلمان ومن فوقه الولي الفقيه الذي يحركه ومن فوقهم من يحرك كل المنظومة الولائية؟! الآن تبقى لهم «التظاهر» إعلامياً، التجلي كلامياً بين أتباعهم، التظاهر بأنهم على طريق النصر والصمود، بينما ما بداخلهم هي الحقيقة المرة، وهي بأن محاولتهم اختطاف البحرين والتنكيل بنظامها «لم ننس المشانق» ومحو المكونات الأخرى «لم ننس ارحلوا وأنتم الخارجون» هذه المحاولة هي التي اندحرت وفشلت ولن تقوم لها قائمة مرة أخرى.
اللعبة بالنسبة لهم انتهت، اللعبة نعني مع الدولة ومع المكونات الأخرى، لكنها -أي اللعبة- يجب أن تستمر مع مريديهم وأتباعهم وقاذفي المولوتوف وسادي الطرق بالإطارات من المراهقين الذين يؤججونهم، هؤلاء يجب أن تستمر معهم اللعبة، هؤلاء يجب أن يتم إخضاعهم لغسيل دماغ دائم ومستمر، وإلا تركهم هكذا ينذر بأن يصحو بعضهم يوماً ليعوا بأن الواقع يقول بأنهم -أي المريدين والأتباع والمراهقين- ما هم إلا «أكباش الفداء» لعلي سلمان ووليه الفقيه، سيدركون أنهم مجرد أرقام يراد الاستفادة منها واستغلالها، من مات «فائدته أكبر» كجثة تتم المتاجرة فيها وبصورها ووضع أهلها أكثر منه وجوده على قيد الحياة.
بالتالي عملية «الغسيل» هذه تتم كل جمعة، تتم من ثلاثة منابر، أولها الولي الفقيه، وثانيها من هو أعلى رتبة منه المعني بالمجلس العلمائي غير المرخص، وثالثها الخادم المطيع، كل كلام يطرح ويقدم هدفه صب مزيد من «الغراء» باسم المذهب والطائفية والمظلومية بين شقوق صفوف المريدين حتى يضمن ألا يضجوا يوماً ويقفوا ليسألوا هؤلاء المتلاعبين في مصائرهم السؤال الأكثر أهمية: «ماذا بعد، وإلى أين تريدون أن تصلوا بنا؟!».
الفورمولا1 كحدث عالمي ينتهي اليوم بنجاح متجدد للبحرين وبسمعة عالمية تريد أصوات نشاز أن تعكر صفوها، وتظن بأن صراخاً عبر «تويتر» ووسائل التواصل الاجتماعي يمكنها أن تخدع سكان كرة أرضية بأكملها. والحقيقة هنا أنه مع آخر زئير لمحرك آخر سيارة تعبر خط النهاية اليوم فإن فشلاً جديداً يسجل للفئة الانقلابية التي تفرح حينما ترى بلدها تحزن، وأي وطني يفرح بأنين بلده؟!
اللعبة انتهت، دوار قادم، وانقلاب آخر ما هي إلا «أضغاث أحلام»، فقط المتاح «غسيل أدمغة» كل جمعة، جرعات تخدير كلامية، فقط لضمان أن هذا الشارع الذي يتم استعباده بالرأي والحراك باسم الدين والمذهب لن يأتي يوم ويتحول مثل الأسد الذي ينهش لحم مدربه!