كرة صغيرة تركت لتكبر حتى سدت بلعوم البحرين ووصل الأمر إلى أن تسببت بخنق البحرين اقتصادياً، خاصة إن لم تعالج بسرعة، قصة كقصة تكدس الشاحنات على جسر الملك فهد سنأخذها اليوم كمثال على كيفية التعاطي السياسي مع هذه المشكلة الاقتصادية الصغيرة وكيف نحدد أولويات حراكنا السياسي تجاهها.
إنها نموذج ومثال على عدم تقديرنا التقدير المناسب لخطورة وأهمية المؤشرات الاقتصادية التي تبدو صغيرة في حينها.
تعاطينا مع مشكلة الشاحنات على أنها تكدس للشاحنات وليست تأخراً للشاحنات.
وهذا تبدى بالإهمال منذ بداية ظهورها للسطح فكبرت المشكلة ثم زاد حجمها، حتى تسبب التكدس بوفاة أشخاص كنتيجة حتمية لوقوف هذه الشاحنات لأيام في طابور طويل مضلل للنظر، فأوجدنا حلاً ترقيعياً للمشكلة، هكذا تعودنا، والحل الذي أوجدناه كان كالبندول مجرد مسكن يحل مشكلة التكدس وتراكم وقوف الشاحنات، لكنه لا يحل المشكلة من جذورها وهي تأخر مرور الشاحنات، فكان بناء «موقف سيارات»، وبالفعل خفف عبء طول الانتظار أما التأخير وزمن الانتظار فظل كما هو، وتفاقمت تباعاته، حتى تسبب ببضائع تبور ومخزون يتلف وكلفة تضاعفت.
وتفاقمات التبعات وخرجت من نطاق جسر الملك فهد إلى أن وصلت إلى استحقاقات وجود قطاع صناعي في البحرين، «فصناعات في البحرين» تهدد بالرحيل، واستثمارات جديدة تخشى القدوم حين علمت عن هذه المشكلة، وسلع سيرتفع ثمنها وتجار يتذمرون ومستهلك سيدفع الثمن وفرص عمل ستتأثر، والأمر خرج من يد موظفين وإداريين بحرينيين أو سعوديين في إدارة مؤسسة الجسر وأصبح حله أو معالجته الآن عند قيادات المملكة العربية السعودية ولن تحل المشكلة إلا إن تحركت قيادات البحرين.
وهذا هو حالنا سوء تقدير يبدأ حين تبرز مؤشرات على السطح، ثم ترقيع حين يبرز رأس المشكلة، ثم يقع الفأس في الرأس ونبدأ بالتلاوم، هكذا لم نتعاطَ بالاهتمام الكافي والمناسب كوقت وكجهد وكحراك دبلوماسي مع مشكلة تتناسب مع علمنا بأهمية المنفذ البري الوحيد لمملكة البحرين، المنفذ البري الوحيد الذي نعتمد عليه في تسويق البحرين كدولة مشجعة للاستثمار الصناعي وليس لدينا بديل آخر نعتمد عليه.
لو حظي الهاجس أو الخوف من اختناق أو غلق الجسر بنصف الهاجس أو الخوف من عدم إقامة فعالية رياضية في البحرين لما وجدت هذه المشكلة أصلاً.