إذا كان الحديث اليوم عن إعادة توجيه الدعم في موضوع اللحوم (واللحوم تعني بشقيها الحمراء والبيضاء أي الدواجن) فإن هذا لا يبدو أنه سوف يتوقف عند اللحوم، بل من الواضح أن هناك سلسلة من الأخبار التي تشبه هذا النوع تتعلق بالبنزين وبالغاز وبوحدات تسعير الكهرباء.
في اعتقادي أن هذا الموضوع أخطر بكثير من موضوع اللحوم، إلا أن هناك من استفاق فجأة على حجم الدين العام، ويريد أن يجعل المواطن يدفع الثمن، بينما أغلب تراكمات الدين العام لا يتحملها المواطن.
فقط أوقفوا التلاعب في حسابات الشركات الحكومية، وطبقوا القانون على من يتلاعب بالمال العام، وسوف تجني الدولة مبالغ كبيرة جراء وقف الفساد، فإن كانت شركة مثل شركة بابكو لديها في مخازنها كميات كبيرة لم تسوق تقدر بملايين الدنانير أليست هذه ثروة وطنية ويجب أن يكون مردودها للمواطن والميزانية؟
لماذا لا تحاسب الدولة المسؤولين عن هدر المال العام، أليس هذا جانباً مهماً من تحصيل موارد لميزانية الدولة؟
تتسرب الأنباء بأن سعر اللحوم الحمراء سيصبح بعد رفع الدعم دينارين أو أكثر، وهنا أيضاً نطرح تساؤلات هامة، هل أجرت الدولة دراسات حول هذا الموضوع، وما هي نتائجها؟ وكيف يمكن للدولة التي غابت عن مراقبة الأسواق لفترة أن تحكم قبضتها على الأسعار وهي حتى الساعة لا تملك آلية واضحة تجعل من التلاعب بالأسعار أمراً صعباً على التاجر الكبير والصغير.
الأنباء تقول أيضاً إن قيمة التعويض الذي سيحصل عليه المواطنون يبلغ بين 170 إلى 200 دينار (سنوياً)، غير أن هناك مسألة لم توضح بعد وهي؛ هل هذا المبلغ للمواطن الفرد أو للأسرة؟
نعلم أن هناك نية حسنة لدى الحكومة من وراء رفع الدعم عن اللحوم الحمراء، وهو أنها تريد أن تخفض نسبة الإصابة بالكرسترول الضار، وهذا يحسب لحكومتنا الموقرة التي تريد أن يتمتع المواطن بصحة جيدة..!!
قد يكون موضوع اللحوم مؤرقاً للمواطنين الذين يجهلون قيمة التعويض ويجهلون ما سوف تصبح عليه الأسعار، إلا أن الأخطر في تقديري هو أن تتواصل هذه الأنباء لتصل إلى البنزين والغاز والكهرباء، هنا سيصبح الأمر أخطر بكثير من موضوع اللحوم.
المواطن يجهل آليات إيصال الدعم الحقيقي إليه، وهل هذا الدعم سيوازي الارتفاع في الأسعار التي تتعلق بكل منتج، ومنتج مرتبط بالمنتج الأول، بمعنى حين تزيد تسعيرة لتر البنزين فإن الأمر لن يتعلق بقيمة ما سيدفعه المواطن حين يذهب لتعبئة البنزين في سيارته، وإنما سيرتفع كل شيء ينقل بالبنزين، وستخرج الأمور عن السيطرة في موضوع الأسعار، وهذا ما ذهبت إليه في موضوع المنتج والمنتج المرتبط بالمنتج الأول.
ما ينطبق على البنزين ينطبق على وحدة الكهرباء، الكل سيأخذ القيمة المضافة عليه من المواطن مع الأرباح، وهذا هو الأمر الخطر الذي سيصاحب موجة ارتفاع في الأسعار سيكون من المستحيل السيطرة عليها في دولة تصبح فيها حماية المستهلك من الأحلام. من هنا نقول؛ هل بالإمكان الاطلاع على تجارب الدول التي دعمت المواطن فقط من خلال أفكار وبرامج لا تجعل المواطن يتأثر، وتجعل الدولة تستفيد من القيمة المضافة التي سيدفعها غير المواطن، وبالتالي تنعكس إيجابياً على الميزانية العامة؟
كيف بالإمكان أن نجعل المواطن الأقل ضرراً في عملية التحول إلى رفع الدعم، كيف نجعل القيمة الحقيقية التي تريد الدولة إيصالها للمواطن، تصل فعلاً إليه بحيث لا تتأثر حياته المعيشية، ولا تحدث ارتفاعات كبيرة في الأسعار؟
هذه المعادلة صعبة لكن هناك دولاً يبدو أنها طبقتها، ومنها دول مجاورة.
إذا ما ارتفعت وحدة تسعيرة الكهرباء ووحدة الغاز والبنزين، فإن هناك من سينهش لحم المواطن ويأخذ منه كل التكلفة مركبة أيضاً، بينما لم يحصل المواطن على التعويض المناسب من الدولة في راتبه.
البعض يحسب أننا ضد أن يوجه الدعم للمواطن فقط، وهذا تحريف للفكرة، نحن مع هذا التوجه وندعمه، غير أن الذي نريد أن نصل إليه هو كيفية إعادة توجيه الدعم من أجل أن يصل للمواطن بمقدار يوازي ارتفاع الأسعار المصاحبة، هذا هو الذي نطرحه.
هل فكرت الدولة في إنشاء نيابة خاصة بحماية المستهلك، أليس هذا مهماً في ظل توجهات الدولة لرفع الدعم عن السلع وبالتالي ستتصاعد الأسعار؟ وهناك من سيستغل الوضع مادامت الدولة ليست لديها رقابة، ولا يوجد عقاب للتاجر الكبير والصغير.
قبل أي عملية إعادة توجيه للدعم، كان يجب أن تصحح الدولة كل التقصير في مراقبة الأسواق والأسعار، فحتى الخط الساخن الذي يقال إنه موجود يبدو أنه خط في سيبريا، تكسوه الثلوج..!!
من هنا لا يجب أن تحدث خطوة قبل الأخرى، نرفع الدعم بينما آلية الرقابة على الأسعار كما تعرفون ونعرف، هذا أمر خاطئ تماماً، من الواجب اليوم أن تقوم الدولة بوضع الخطوات الصحيحة أولاً، ولا تأتي بخطوة قبل الأخرى.
مع كل ما ذكرنا فإن هناك مسألة أخرى تختلف عن الموضوع المالي والاقتصادي وميزانية الدولة، ألا هو التوقيت السياسي، هذا أمر هام وخطير ودقيق جداً، لا يجب إغفاله أو جعله هامشياً.
على الجانب الآخر فإن رفع الدعم عن الطحين أعتقد أنه إجراء خاطئ تماماً، فقد يتحمل المواطن رفع الدعم عن اللحوم، إلا أن رفع الدعم عن الطحين سيجعل الأمور صعبة على البسطاء وأصحاب الدخول الضعيفة، أعتقد أن موضوع الطحين يجب ألا يتم التجريب فيه إطلاقاً. بالمقابل ألا يجب أن يعرف المواطن مردود كل رفع الدعم على الميزانية وعلى الدين العام، بمعنى هل سيذهب الفارق المالي الذي ستحصل عليه الدولة، ومردود القيمة المضافة التي سيدفعها غير المواطن في ميزانية الدولة؟
إلى أين ستذهب هذا المبالغ، هل ستذهب إلى تسديد الدين العام؟ هل ستذهب إلى الميزانية مباشرة؟ هل هناك محاسبة على المبالغ المحصلة؟
كلها أسئلة مشروعة للمواطن الذي أصبح حقل تجارب كل طرف يجرب فيه نظاماً معيناً، وهو الضحية، وهو الذي يغرم في نهاية المطاف.
في اعتقادي لو كان لدينا مجلس نيابي قوي وله كلمة وصوت، ويستطيع المحاسبة ويستطيع إقالة الوزراء، لما كان هذا حالنا، فالمجلس الحالي يبعث على الشفقة، فلا يمكن لنا كمواطنين أن نعول عليه للحصول على حقوقنا، ما نشاهده هو مجلس يشبه مجالس «شاي الضحى»، مع احترامي للمحترمين من الأعضاء.
كل ما يتوارد لنا من أنباء بدأت برفع تسعيرة وحدة الديزل إلى موضوع اللحوم وغيرها من المواضيع يجعلنا نقول إن البحرين مقبلة على ارتفاع كبير في الأسعار سيؤثر كثيراً على المواطن، بل ربما يجعله يستمع إلى خطابات تدغدغ مشاعره وقد يتأثر بها..!
** رذاذ
مع احترامي لمن يقف خلف مشروع رفع الدعم، إلا أن ما يحدث بعيد عن الحكمة وعن السياسة والتقدير الصحيح.
حتى لو كان هناك مشروع لرفع الدعم عن اللحوم مثلاً، ألم يكن من الحكمة التدرج في رفع الدعم، بمعنى أن ترتفع الأسعار تدريجياً عاماً بعد آخر، إلى أن تصل الدولة إلى الهدف المنشود مع توعية المواطنين، وضخ «البدل» في حساباتهم بشكل يعوض ما سيفقدونه.
لكن أن نأتي في توقيت حساس ونرفع الدعم بشكل فوري وبضعف السعر، اسمحوا لي ليس من الحكمة وليس من السياسة في شيء أبداً، هذا رأيي الشخصي وأتمنى تقبله.
في اعتقادي أن هذا الموضوع أخطر بكثير من موضوع اللحوم، إلا أن هناك من استفاق فجأة على حجم الدين العام، ويريد أن يجعل المواطن يدفع الثمن، بينما أغلب تراكمات الدين العام لا يتحملها المواطن.
فقط أوقفوا التلاعب في حسابات الشركات الحكومية، وطبقوا القانون على من يتلاعب بالمال العام، وسوف تجني الدولة مبالغ كبيرة جراء وقف الفساد، فإن كانت شركة مثل شركة بابكو لديها في مخازنها كميات كبيرة لم تسوق تقدر بملايين الدنانير أليست هذه ثروة وطنية ويجب أن يكون مردودها للمواطن والميزانية؟
لماذا لا تحاسب الدولة المسؤولين عن هدر المال العام، أليس هذا جانباً مهماً من تحصيل موارد لميزانية الدولة؟
تتسرب الأنباء بأن سعر اللحوم الحمراء سيصبح بعد رفع الدعم دينارين أو أكثر، وهنا أيضاً نطرح تساؤلات هامة، هل أجرت الدولة دراسات حول هذا الموضوع، وما هي نتائجها؟ وكيف يمكن للدولة التي غابت عن مراقبة الأسواق لفترة أن تحكم قبضتها على الأسعار وهي حتى الساعة لا تملك آلية واضحة تجعل من التلاعب بالأسعار أمراً صعباً على التاجر الكبير والصغير.
الأنباء تقول أيضاً إن قيمة التعويض الذي سيحصل عليه المواطنون يبلغ بين 170 إلى 200 دينار (سنوياً)، غير أن هناك مسألة لم توضح بعد وهي؛ هل هذا المبلغ للمواطن الفرد أو للأسرة؟
نعلم أن هناك نية حسنة لدى الحكومة من وراء رفع الدعم عن اللحوم الحمراء، وهو أنها تريد أن تخفض نسبة الإصابة بالكرسترول الضار، وهذا يحسب لحكومتنا الموقرة التي تريد أن يتمتع المواطن بصحة جيدة..!!
قد يكون موضوع اللحوم مؤرقاً للمواطنين الذين يجهلون قيمة التعويض ويجهلون ما سوف تصبح عليه الأسعار، إلا أن الأخطر في تقديري هو أن تتواصل هذه الأنباء لتصل إلى البنزين والغاز والكهرباء، هنا سيصبح الأمر أخطر بكثير من موضوع اللحوم.
المواطن يجهل آليات إيصال الدعم الحقيقي إليه، وهل هذا الدعم سيوازي الارتفاع في الأسعار التي تتعلق بكل منتج، ومنتج مرتبط بالمنتج الأول، بمعنى حين تزيد تسعيرة لتر البنزين فإن الأمر لن يتعلق بقيمة ما سيدفعه المواطن حين يذهب لتعبئة البنزين في سيارته، وإنما سيرتفع كل شيء ينقل بالبنزين، وستخرج الأمور عن السيطرة في موضوع الأسعار، وهذا ما ذهبت إليه في موضوع المنتج والمنتج المرتبط بالمنتج الأول.
ما ينطبق على البنزين ينطبق على وحدة الكهرباء، الكل سيأخذ القيمة المضافة عليه من المواطن مع الأرباح، وهذا هو الأمر الخطر الذي سيصاحب موجة ارتفاع في الأسعار سيكون من المستحيل السيطرة عليها في دولة تصبح فيها حماية المستهلك من الأحلام. من هنا نقول؛ هل بالإمكان الاطلاع على تجارب الدول التي دعمت المواطن فقط من خلال أفكار وبرامج لا تجعل المواطن يتأثر، وتجعل الدولة تستفيد من القيمة المضافة التي سيدفعها غير المواطن، وبالتالي تنعكس إيجابياً على الميزانية العامة؟
كيف بالإمكان أن نجعل المواطن الأقل ضرراً في عملية التحول إلى رفع الدعم، كيف نجعل القيمة الحقيقية التي تريد الدولة إيصالها للمواطن، تصل فعلاً إليه بحيث لا تتأثر حياته المعيشية، ولا تحدث ارتفاعات كبيرة في الأسعار؟
هذه المعادلة صعبة لكن هناك دولاً يبدو أنها طبقتها، ومنها دول مجاورة.
إذا ما ارتفعت وحدة تسعيرة الكهرباء ووحدة الغاز والبنزين، فإن هناك من سينهش لحم المواطن ويأخذ منه كل التكلفة مركبة أيضاً، بينما لم يحصل المواطن على التعويض المناسب من الدولة في راتبه.
البعض يحسب أننا ضد أن يوجه الدعم للمواطن فقط، وهذا تحريف للفكرة، نحن مع هذا التوجه وندعمه، غير أن الذي نريد أن نصل إليه هو كيفية إعادة توجيه الدعم من أجل أن يصل للمواطن بمقدار يوازي ارتفاع الأسعار المصاحبة، هذا هو الذي نطرحه.
هل فكرت الدولة في إنشاء نيابة خاصة بحماية المستهلك، أليس هذا مهماً في ظل توجهات الدولة لرفع الدعم عن السلع وبالتالي ستتصاعد الأسعار؟ وهناك من سيستغل الوضع مادامت الدولة ليست لديها رقابة، ولا يوجد عقاب للتاجر الكبير والصغير.
قبل أي عملية إعادة توجيه للدعم، كان يجب أن تصحح الدولة كل التقصير في مراقبة الأسواق والأسعار، فحتى الخط الساخن الذي يقال إنه موجود يبدو أنه خط في سيبريا، تكسوه الثلوج..!!
من هنا لا يجب أن تحدث خطوة قبل الأخرى، نرفع الدعم بينما آلية الرقابة على الأسعار كما تعرفون ونعرف، هذا أمر خاطئ تماماً، من الواجب اليوم أن تقوم الدولة بوضع الخطوات الصحيحة أولاً، ولا تأتي بخطوة قبل الأخرى.
مع كل ما ذكرنا فإن هناك مسألة أخرى تختلف عن الموضوع المالي والاقتصادي وميزانية الدولة، ألا هو التوقيت السياسي، هذا أمر هام وخطير ودقيق جداً، لا يجب إغفاله أو جعله هامشياً.
على الجانب الآخر فإن رفع الدعم عن الطحين أعتقد أنه إجراء خاطئ تماماً، فقد يتحمل المواطن رفع الدعم عن اللحوم، إلا أن رفع الدعم عن الطحين سيجعل الأمور صعبة على البسطاء وأصحاب الدخول الضعيفة، أعتقد أن موضوع الطحين يجب ألا يتم التجريب فيه إطلاقاً. بالمقابل ألا يجب أن يعرف المواطن مردود كل رفع الدعم على الميزانية وعلى الدين العام، بمعنى هل سيذهب الفارق المالي الذي ستحصل عليه الدولة، ومردود القيمة المضافة التي سيدفعها غير المواطن في ميزانية الدولة؟
إلى أين ستذهب هذا المبالغ، هل ستذهب إلى تسديد الدين العام؟ هل ستذهب إلى الميزانية مباشرة؟ هل هناك محاسبة على المبالغ المحصلة؟
كلها أسئلة مشروعة للمواطن الذي أصبح حقل تجارب كل طرف يجرب فيه نظاماً معيناً، وهو الضحية، وهو الذي يغرم في نهاية المطاف.
في اعتقادي لو كان لدينا مجلس نيابي قوي وله كلمة وصوت، ويستطيع المحاسبة ويستطيع إقالة الوزراء، لما كان هذا حالنا، فالمجلس الحالي يبعث على الشفقة، فلا يمكن لنا كمواطنين أن نعول عليه للحصول على حقوقنا، ما نشاهده هو مجلس يشبه مجالس «شاي الضحى»، مع احترامي للمحترمين من الأعضاء.
كل ما يتوارد لنا من أنباء بدأت برفع تسعيرة وحدة الديزل إلى موضوع اللحوم وغيرها من المواضيع يجعلنا نقول إن البحرين مقبلة على ارتفاع كبير في الأسعار سيؤثر كثيراً على المواطن، بل ربما يجعله يستمع إلى خطابات تدغدغ مشاعره وقد يتأثر بها..!
** رذاذ
مع احترامي لمن يقف خلف مشروع رفع الدعم، إلا أن ما يحدث بعيد عن الحكمة وعن السياسة والتقدير الصحيح.
حتى لو كان هناك مشروع لرفع الدعم عن اللحوم مثلاً، ألم يكن من الحكمة التدرج في رفع الدعم، بمعنى أن ترتفع الأسعار تدريجياً عاماً بعد آخر، إلى أن تصل الدولة إلى الهدف المنشود مع توعية المواطنين، وضخ «البدل» في حساباتهم بشكل يعوض ما سيفقدونه.
لكن أن نأتي في توقيت حساس ونرفع الدعم بشكل فوري وبضعف السعر، اسمحوا لي ليس من الحكمة وليس من السياسة في شيء أبداً، هذا رأيي الشخصي وأتمنى تقبله.