عفواً، عيد العمال فرض نفسه، وهو يستحق، وجعلني أؤجل الكتابة في موضوع التعاون وما آل إليه وضعه بفضل وزارة ليس لها علاقة ولا اهتمام بالتعاون، ومجالس إدارات بعض الجمعيات التي صفيت، والتي مازالت باقية تستظل بمظلة التعاون وتعمل بعيداً عنه وفي اتجاه مختلف.
الإشكالية التي تعاني منها اليوم جمعية مدينة عيسى التعاونية الاستهلاكية -وأنا أقصد ذكر الاسم كاملاً- هو أنها لم تعد اسماً على مسمى، أي لم تعد لا جمعية تعاونية ولا تعاونية استهلاكية، وأن القائمين على الجمعية، والمسيطرين على مجلس الإدارة منذ عام 2007 وبعضهم منذ انتكاسة الجمعية في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، هؤلاء «يفضلون» تحول الجمعية إلى شركة تجارية، حتى لو كانت شركة تسول الفتات.
وبعبارة أخرى فجمعية مدينة عيسى هي أول جمعية تعاونية تؤسس في البحرين عام 1972 وهي أول جمعية تمتلك محطة بترول في ذلك الوقت، وكادت أن تسلب منها من قبل أحد المتنفذين لولا تدخل وزير العمل والشؤون الاجتماعية وإرجاعه المحطة إلى الجمعية، ومن ثم نقل مكانها إلى الموقع الحالي، ومنها بدأت الجمعيات التعاونية التي تأسست بعد ذلك تحصل على محطات بترول بنصف أرباح واستيلاء بابكو على النصف الآخر من الأرباح.
لكن محطة البترول التي تمتلكها أو تديرها جمعية مدينة عيسى أو غيرها هي عامل مساعد من أجل توفير دخل أضافي للجمعية يساهم في تحقيق المزيد من العوائد للجمعية وبالتالي للأعضاء، أما الهدف الأساسي من تأسيس الجمعية فهو إنشاء السوق الذي تتوفر فيه مختلف أنواع السلع الاستهلاكية ومن مصادر إنتاج وتصدير متنوعة تجعل العضو المشترك بالجمعية يحصل على سلع استهلاكية بأقل الأسعار، وفي نفس الوقت -وهذا هو الأهم- يحصل على عائد مجزٍ على مشترياته في نهاية العام، هو بمثابة استرداد للمبالغ التي دفعها في الشراء، وتحقيق توفير مالي له.
هذا المبدأ التعاوني يعبر عنه بعبارة «كلما اشتريت أكثر كلما حصلت على عائد أكبر»، وهو المبدأ الذي يجعل الأعضاء يتنافسون على الشراء من جمعيتهم دون غيرها من الأسواق التجارية، وبالتالي يدعمون جمعيتهم ويعملون على إنجاحها بكافة الطرق لعلمهم أن الجمعية جمعيتهم والسوق سوقهم ونجاح وربحية سوق الجمعية هو نجاح وربحية لهم، بل إن من واجبهم أن يعملوا على خدمة هذا السوق، أي تعاونهم مع العاملين في السوق، وتشجعيهم المستهلكين الآخرين علـــى الشــراء منـــه.