في أي نقاش كان، حينما تريد دعم موقفك وحجتك عليك باستخدام الشواهد المثبتة، وعليك أن تستند إلى الأرقام؛ فالرقم المرصود والمنشور والذي له مرجع يمكن التحقق من صحته هو أقوى دلائل إقامة الحجة.
هذه مسألة ثابتة، ولدرجة أن كثيراً عرف أصول اللعبة، فإننا شهدنا خلال السنوات الثلاث -ومازلنا- محاولات للتضخيم والفبركة والكذب، لكن ليس بأسلوبها القديم المعتمد على «التهويل» الإعلامي «والصراخ» و«الولولة» بالكلام فقط، بل شهدنا عمليات زج لأرقام وإحصائيات، وإن كان أغلبها مفبركاً ومنسوجاً من الخيال، إلا أن ذلك لا يهم بالنسبة لهؤلاء؛ المهم «رقم» وخلاص، فالعالم يتحرك بناء على الأرقام.
إلى هنا وأضع نقطة بشأن ربط المسألة بالسياسة ودوشتها، باعتبار أن تجار السياسة هذه الأيام في ازدياد، وباعتبارات أن «البوصلة» الضائعة هي أصلاً ليست ضائعة، بل ليست موجودة بانتظار تصنيع واحدة جديدة على مقياس معين.
الحديث هنا عن السادة النواب مجدداً، وليعذرونا بصراحة إذ هي عملية تراتبية -كما نراها-، إذ لو كان الحراك البرلماني قوياً ورادعاً لترتبت عليه إجراءات قوية من الدولة على مختلف الأصعدة، لو كانت رقابة ومساءلة ومحاسبة ممثلي الشعب جادة ولا تهاون فيها لكان أقلها لزاماً على الدولة تطبيق كل ما يتفقون عليه بدون تردد أو تعطيل، سواء تطبيق القانون، محاكمة التحريض، الضرب بيد قوية على الإرهاب، إضافة للملفات المجتمعية المهمة كزيادة الرواتب، محاسبة المفسدين، استرجاع المال العام المنهوب، حل مشكلات الخدمات، «تطيير» بعض الوزراء غير الصالحين في مواقعهم، كما قال بعض النواب في لحظة نشوة، لكنهم استوعبوا حين دقت ساعة الحقيقة أن تحريك «جبل الدخان» أسهل من تحريك ورقة استجواب بحق وزير أو مسؤول.
نعم يلام النواب أولاً، ومن يرد منهم بأنه حاولنا وعجزنا وسعينا لكن الدولة تقف لنا! فهؤلاء عذرهم أقبح من ذنب، وكما نقول بالبحريني «شحادك»، يا أخي استقيل وسجل موقفاً، اخرج وافضح واكشف للناس ما يحاك في الخفاء، إن كان هناك ما يحاك أصلاً، لأنه وللأسف أثبتت التجربة بأن هناك بعض النواب يعدون حكوميين أكثر من الحكومة، يحرصون على مشاعر المسؤولين والوزراء أكثر من الوزراء أنفسهم، وهم يبادرون من أنفسهم لـ«كسب رضا» المسؤولين بدلاً من أن يحاسبوهم!
الإحصائيات التي تنشرها الصحافة بناء على متابعتها للحراك البرلماني «الخطير» الذي مقابله يستنزف السادة النواب ومجلسهم الموقر الملايين من ميزانية الدولة التي تعاني من «عجز إكتواري» أصلاً، الإحصائيات بأرقامها تكشف بأن ممثلي الشعب حققوا من مطالب الشعب وحققوا في ما يتعلق بأداء دورهم الرقابي والمحاسبي ما نتيجته «صفر»!
أرجو هنا ألا يتحفنا مجلسكم الموقر برد وإحصائيات وكلام مرسل يقول: اجتمعنا وقلنا ومررنا وحققنا، إذ هذه الأرقام الصادرة عنكم في شؤون معنية بالعمل الملزم به النواب وبرلمانهم «نعم برلمانهم؛ لأنه لم يعد برلماناً يمثل الشعب وتطلعاته»، هذه الأرقام الصادرة عنكم ستتحدث عن أمور يعتبرها الناس «قشوراً» وأموراً «ثانوية»، ولن تتحدث عن الأساس في عمل البرلمان المبني على ترقب الناس الذين ذهبوا ليصوتوا من أجل أن يكون لهم دور في صناعة القرار، وتعرفون ما نقصد هنا تماماً.
قبل بداية دور الانعقاد الرابع «الجاري» من الفصل التشريعي «الحالي» توعد السادة النواب بأنهم «وفي دور انعقاد واحد» سيقومون بإجراء 14 استجواباً وتشكيل 4 لجان تحقيق!
صحيفة «الوطن» في عددها أمس نشرت موضوعاً بهذا الخصوص ورصدت أبرز التصريحات الإعلامية التي حولت البرلمان، للأسف، إلى «سيرك برلماني» لا مجلس للتشريع والصرامة في المساءلة والمحاسبة وحجب الثقة، هذه التصريحات الإعلامية يمكن الرجوع لها «وقد حفظها الناس أصلاً وتشبعوا بها» ليتم الخلوص لنتيجة مفادها بأن بعض النواب باتوا ينظرون للناس «ومحشومين الناس» وكأنهم فئة ساذجة يمكن تمرير أي كلام «فارغ» على ذقونهم.
لن أدخل في تفاصيل الاستجوابات الـ14 الموعودة، ولا لجان التحقيق الأربع، والتي للأسف بعضها لا يهم المواطن بدرجة ذات أولوية قصوى، لكنني سأقول بلغة الرياضيات السهلة، وبلغة الأرقام التي تؤخذ حجة وإثباتاً، سأقول بأنه في دور انعقاد واحد «توعدوا» بـ14 استجواباً، ما يعني أنه يفترض بأن 14 وزيراً تم استجوابهم ومساءلتهم، ما يعني أن 14 وزيراً يفترض أنهم واجهوا إما طرحاً للثقة أو مروا بسلام من التحقيق. لكن نأتي للواقع ونسأل: كم استجواباً تحقق من الـ14؟! كم وزيراً تمت مساءلته؟! والأهم كم وزيراً تمت إدانته وطرحت الثقة فيه؟! والنتيجة الرقمية تقول: «صفر» بل إن أوراق الاستجواب هي التي كانت «تطير» ولم يكن الوزراء هم من «يطيرون».
كمواطن؛ حينما أقارن تصريحات السادة النواب بالأرقام وما حققوه لي في شأن تحسين المستوى المعيشي ومحاسبة المقصرين، فإنني لا أملك إلا أن أمنحهم «صفراً» وعلى الشمال.
ومن يحتج و«يزعل» -وما شاء الله إن الزعولين كثر من السادة النواب (خاصة من يصلون للدواوين للتباكي) والذين لا يريدون الوزراء أن يزعلوا منهم بدورهم- أقول من يحتج فليعطنا عدد الوزراء الذين حاسبهم و«طيرهم»، أو رقم «المبلغ» الذي أعاده لخزينة الدولة من الهدر المالي، حتى نقدم له اعتذاراً رسمياً ونوصله بأنفسنا لمكتبه ونسلمه له شخصياً «هذا إن لم يكن مشغولاً يحل هموم الناس» برسم الخدمة.
حتى ذلك الحين، الناتج «صفر»!
هذه مسألة ثابتة، ولدرجة أن كثيراً عرف أصول اللعبة، فإننا شهدنا خلال السنوات الثلاث -ومازلنا- محاولات للتضخيم والفبركة والكذب، لكن ليس بأسلوبها القديم المعتمد على «التهويل» الإعلامي «والصراخ» و«الولولة» بالكلام فقط، بل شهدنا عمليات زج لأرقام وإحصائيات، وإن كان أغلبها مفبركاً ومنسوجاً من الخيال، إلا أن ذلك لا يهم بالنسبة لهؤلاء؛ المهم «رقم» وخلاص، فالعالم يتحرك بناء على الأرقام.
إلى هنا وأضع نقطة بشأن ربط المسألة بالسياسة ودوشتها، باعتبار أن تجار السياسة هذه الأيام في ازدياد، وباعتبارات أن «البوصلة» الضائعة هي أصلاً ليست ضائعة، بل ليست موجودة بانتظار تصنيع واحدة جديدة على مقياس معين.
الحديث هنا عن السادة النواب مجدداً، وليعذرونا بصراحة إذ هي عملية تراتبية -كما نراها-، إذ لو كان الحراك البرلماني قوياً ورادعاً لترتبت عليه إجراءات قوية من الدولة على مختلف الأصعدة، لو كانت رقابة ومساءلة ومحاسبة ممثلي الشعب جادة ولا تهاون فيها لكان أقلها لزاماً على الدولة تطبيق كل ما يتفقون عليه بدون تردد أو تعطيل، سواء تطبيق القانون، محاكمة التحريض، الضرب بيد قوية على الإرهاب، إضافة للملفات المجتمعية المهمة كزيادة الرواتب، محاسبة المفسدين، استرجاع المال العام المنهوب، حل مشكلات الخدمات، «تطيير» بعض الوزراء غير الصالحين في مواقعهم، كما قال بعض النواب في لحظة نشوة، لكنهم استوعبوا حين دقت ساعة الحقيقة أن تحريك «جبل الدخان» أسهل من تحريك ورقة استجواب بحق وزير أو مسؤول.
نعم يلام النواب أولاً، ومن يرد منهم بأنه حاولنا وعجزنا وسعينا لكن الدولة تقف لنا! فهؤلاء عذرهم أقبح من ذنب، وكما نقول بالبحريني «شحادك»، يا أخي استقيل وسجل موقفاً، اخرج وافضح واكشف للناس ما يحاك في الخفاء، إن كان هناك ما يحاك أصلاً، لأنه وللأسف أثبتت التجربة بأن هناك بعض النواب يعدون حكوميين أكثر من الحكومة، يحرصون على مشاعر المسؤولين والوزراء أكثر من الوزراء أنفسهم، وهم يبادرون من أنفسهم لـ«كسب رضا» المسؤولين بدلاً من أن يحاسبوهم!
الإحصائيات التي تنشرها الصحافة بناء على متابعتها للحراك البرلماني «الخطير» الذي مقابله يستنزف السادة النواب ومجلسهم الموقر الملايين من ميزانية الدولة التي تعاني من «عجز إكتواري» أصلاً، الإحصائيات بأرقامها تكشف بأن ممثلي الشعب حققوا من مطالب الشعب وحققوا في ما يتعلق بأداء دورهم الرقابي والمحاسبي ما نتيجته «صفر»!
أرجو هنا ألا يتحفنا مجلسكم الموقر برد وإحصائيات وكلام مرسل يقول: اجتمعنا وقلنا ومررنا وحققنا، إذ هذه الأرقام الصادرة عنكم في شؤون معنية بالعمل الملزم به النواب وبرلمانهم «نعم برلمانهم؛ لأنه لم يعد برلماناً يمثل الشعب وتطلعاته»، هذه الأرقام الصادرة عنكم ستتحدث عن أمور يعتبرها الناس «قشوراً» وأموراً «ثانوية»، ولن تتحدث عن الأساس في عمل البرلمان المبني على ترقب الناس الذين ذهبوا ليصوتوا من أجل أن يكون لهم دور في صناعة القرار، وتعرفون ما نقصد هنا تماماً.
قبل بداية دور الانعقاد الرابع «الجاري» من الفصل التشريعي «الحالي» توعد السادة النواب بأنهم «وفي دور انعقاد واحد» سيقومون بإجراء 14 استجواباً وتشكيل 4 لجان تحقيق!
صحيفة «الوطن» في عددها أمس نشرت موضوعاً بهذا الخصوص ورصدت أبرز التصريحات الإعلامية التي حولت البرلمان، للأسف، إلى «سيرك برلماني» لا مجلس للتشريع والصرامة في المساءلة والمحاسبة وحجب الثقة، هذه التصريحات الإعلامية يمكن الرجوع لها «وقد حفظها الناس أصلاً وتشبعوا بها» ليتم الخلوص لنتيجة مفادها بأن بعض النواب باتوا ينظرون للناس «ومحشومين الناس» وكأنهم فئة ساذجة يمكن تمرير أي كلام «فارغ» على ذقونهم.
لن أدخل في تفاصيل الاستجوابات الـ14 الموعودة، ولا لجان التحقيق الأربع، والتي للأسف بعضها لا يهم المواطن بدرجة ذات أولوية قصوى، لكنني سأقول بلغة الرياضيات السهلة، وبلغة الأرقام التي تؤخذ حجة وإثباتاً، سأقول بأنه في دور انعقاد واحد «توعدوا» بـ14 استجواباً، ما يعني أنه يفترض بأن 14 وزيراً تم استجوابهم ومساءلتهم، ما يعني أن 14 وزيراً يفترض أنهم واجهوا إما طرحاً للثقة أو مروا بسلام من التحقيق. لكن نأتي للواقع ونسأل: كم استجواباً تحقق من الـ14؟! كم وزيراً تمت مساءلته؟! والأهم كم وزيراً تمت إدانته وطرحت الثقة فيه؟! والنتيجة الرقمية تقول: «صفر» بل إن أوراق الاستجواب هي التي كانت «تطير» ولم يكن الوزراء هم من «يطيرون».
كمواطن؛ حينما أقارن تصريحات السادة النواب بالأرقام وما حققوه لي في شأن تحسين المستوى المعيشي ومحاسبة المقصرين، فإنني لا أملك إلا أن أمنحهم «صفراً» وعلى الشمال.
ومن يحتج و«يزعل» -وما شاء الله إن الزعولين كثر من السادة النواب (خاصة من يصلون للدواوين للتباكي) والذين لا يريدون الوزراء أن يزعلوا منهم بدورهم- أقول من يحتج فليعطنا عدد الوزراء الذين حاسبهم و«طيرهم»، أو رقم «المبلغ» الذي أعاده لخزينة الدولة من الهدر المالي، حتى نقدم له اعتذاراً رسمياً ونوصله بأنفسنا لمكتبه ونسلمه له شخصياً «هذا إن لم يكن مشغولاً يحل هموم الناس» برسم الخدمة.
حتى ذلك الحين، الناتج «صفر»!