بين استراتيجية «كمن يعمل من أجل مصالح الآخرين بينما يعزِز مصالحه» تحت رقم 27، واستراتيجية «الأمر الواقع بأخذ قضمات صغيرة» في رقم 29. وضع روبرت غرين «Robert Greene» استراتيجية «التفوق على الآخر بأن تقدم لأعدائك حبلاً كافياً لكي يشنقوا أنفسهم بأنفسهم» في رقم 28.
وفي الخليج العربي لا نملك إلا أخذ النصيحة الاستراتيجية الوسطى؛ فقد لعبت مدرسة أوباما / كيري دوراً من يعمل لاستقرار منطقة الخليج العربي، بينما أظهرت الاستدارات الاستراتيجية لتلك المدرسة تقديم مصالحهما الشخصية لدخول التاريخ، ليس قبل مصلحة أو استقرار الخليج فحسب؛ بل قبل مصلحة أمريكا نفسها. وما ذلك بأمر جديد فطالما فعله الصهاينة لمصلحة تل أبيب.
ومن جانب آخر أخذت طهران بإستراتيجية القضمات الصغيرة وطول النفس؛ ففي جولته الخليجية قبيل قمة الكويت 34 قضم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بعضاً من نسيج الرداء الخليجي محدثاً خروقات عدة في لحمته سيمضي وقت طويل قبل أن نرفاها.
وفي كتاب 33 استراتيجية للحرب «The 33 Strategies of War» تقوم الاستراتيجية رقم 28 على فرضية «أن أعظم مخاطر الحياة تأتي غالباً من الزملاء المفترضين أو الأصدقاء الذين يزعمون العمل من أجل قضية مشتركة بينما يخططون لتدميرنا، حيث ينصح غرين صانع القرار السياسي ببث الشكوك والاضطراب فيهم، ودفعهم إلى التفكير كثيراً والتصرف بدفاعية، دافعاً إياهم ليشنقوا أنفسهم عبر نوازعهم التدميرية».
ويبدوا أننا في الخليج لسنا في حاجة إلى بث الشكوك في التقاء الطرفين بطريقة فجة مشبعة بالكيدية، فقد سبق أن أشرنا أن السياسة الخارجية الإيرانية تقودها ثوابت عقائدية، بينما يقود الأمريكية المنهج التجريبي كجزء من البراغماتية أو المصلحية المتقلبة، ومن جهة أخرى سيبقى هذا التقارب مفتقراً إلى الجدوى المدروسة التي يعتد بها، وكخطوة استباقية لتطمين الأمريكان خطب «كرماني» قبل شهر في صلاة الجمعة بطهران داعياً الوفد الإيراني المفاوض «إلى إظهار جمال الثورة للغرب وافهماهم أن إشاعة ظاهرة الخوف من إيران أمر خاطئ، وأن أساس الحكومة في إيران هو التعامل برأفة مع الجميع حتى مع غير المسلمين».
فهل يعي أوباما أن الشاه ليس روحانياً، فقد ولى زمن السلطة الشانشاهية المركزية وسيتعاملون مع كتل عدة تملك كل واحدة منها أذرع عابرة للسلطات، هذا التقارب يحمل معه عبء الإجابة عن قائمة من الأسئلة المثيرة فهل ستتعامل واشنطن مع مجمع تشخيص مصلحة النظام أو مجلس صيانة الدستور أو مجلس الشورى الإسلامي أو المرشد الأعلى للثورة «الولي الفقيه»، وأين موقع الرئيس الإيراني حسن روحاني من هذه التراتبية! ومع من سيتعامل قائد القيادة المركزية الأمريكية لحفظ أمن الخليج! مع القوات النظامية أم مع قوات الباسيج أم قوات الباسدران أم فيلق القدس؟ وكيف ستكون سبل التعاون بين قادة الأسطول الخامس مع وحدات إيرانية قامت لتعويض النقص في كفاءتها القتالية بانتهاج عقيدة الحرب غير المتماثلة، وتحرك جنودها بالأيديولوجية والاستشهاد والجهاد وليس بقواعد الاشتباك المصممة على العقيدة القتالية التي يحكمها نوع السلاح وحجم الصراع.
ولا نعلم كيف لا زال العم سام يدخل رقبته في الأنشوطة الإيرانية إذا كان خطاب الأصوليين الرسمي في جامع طهران يعتبر «التفاوض مع الأميركيين ليس مدعاة لحسن الظن بهم لأن العدو يظل عدواً، وجب الدعاء الأبدي عليه بالفناء»، لقد دخل الاتفاق المؤقت لتجميد البرنامج النووي الإيراني 20 يناير حيز التنفيذ، وكانت أولى الانتكاسات طلب مدير الوكالة الذرية يوكيا أمانو إقامة مكتب بطهران لتسهيل عمل مفتشي الوكالة، فكان الرد الإيراني الرفض التام، رافقها بنفس اليوم 26 يناير 2014 انتكاسة أخرى حين وصفت إيران تصريحات كيري حول وجود خيارات عسكرية في حال لم تلتزم طهران بتعهداتها بانها «غير دبلوماسية».
وفي تقديرنا أننا أمام صور ثلاث تغلب على مشهد التقارب الإيراني الأمريكي؛ فالصورة الأولى تظهر نجاح التواصل بحكم قيامه منذ زمن طويل، وقد أحب ووافق على هذه الصورة بل وضغط زر «Like» بحماسة شديدة الكثيرون من أتباع نظرية المؤامرة التقليدية، بينما نرى في الصورة الثانية الأمريكان وهم يخاطرون بإعادة إنتاج عصر الشاه الذي ستكون نهايته إهانة أخرى بحجم احتجاز الرهائن نوفمبر1979م، وعلى دول الخليج أن لا تتحلل من فضيلة التروي وأن تقدم لإدارة أوباما حبلاً كافياً ليشنقوا أنفسهم بشرط الاستعداد للتوابع الزلزالية للخيبة الأمريكية في طهران وتلك هي الصورة الثالثة.
{{ article.visit_count }}
وفي الخليج العربي لا نملك إلا أخذ النصيحة الاستراتيجية الوسطى؛ فقد لعبت مدرسة أوباما / كيري دوراً من يعمل لاستقرار منطقة الخليج العربي، بينما أظهرت الاستدارات الاستراتيجية لتلك المدرسة تقديم مصالحهما الشخصية لدخول التاريخ، ليس قبل مصلحة أو استقرار الخليج فحسب؛ بل قبل مصلحة أمريكا نفسها. وما ذلك بأمر جديد فطالما فعله الصهاينة لمصلحة تل أبيب.
ومن جانب آخر أخذت طهران بإستراتيجية القضمات الصغيرة وطول النفس؛ ففي جولته الخليجية قبيل قمة الكويت 34 قضم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بعضاً من نسيج الرداء الخليجي محدثاً خروقات عدة في لحمته سيمضي وقت طويل قبل أن نرفاها.
وفي كتاب 33 استراتيجية للحرب «The 33 Strategies of War» تقوم الاستراتيجية رقم 28 على فرضية «أن أعظم مخاطر الحياة تأتي غالباً من الزملاء المفترضين أو الأصدقاء الذين يزعمون العمل من أجل قضية مشتركة بينما يخططون لتدميرنا، حيث ينصح غرين صانع القرار السياسي ببث الشكوك والاضطراب فيهم، ودفعهم إلى التفكير كثيراً والتصرف بدفاعية، دافعاً إياهم ليشنقوا أنفسهم عبر نوازعهم التدميرية».
ويبدوا أننا في الخليج لسنا في حاجة إلى بث الشكوك في التقاء الطرفين بطريقة فجة مشبعة بالكيدية، فقد سبق أن أشرنا أن السياسة الخارجية الإيرانية تقودها ثوابت عقائدية، بينما يقود الأمريكية المنهج التجريبي كجزء من البراغماتية أو المصلحية المتقلبة، ومن جهة أخرى سيبقى هذا التقارب مفتقراً إلى الجدوى المدروسة التي يعتد بها، وكخطوة استباقية لتطمين الأمريكان خطب «كرماني» قبل شهر في صلاة الجمعة بطهران داعياً الوفد الإيراني المفاوض «إلى إظهار جمال الثورة للغرب وافهماهم أن إشاعة ظاهرة الخوف من إيران أمر خاطئ، وأن أساس الحكومة في إيران هو التعامل برأفة مع الجميع حتى مع غير المسلمين».
فهل يعي أوباما أن الشاه ليس روحانياً، فقد ولى زمن السلطة الشانشاهية المركزية وسيتعاملون مع كتل عدة تملك كل واحدة منها أذرع عابرة للسلطات، هذا التقارب يحمل معه عبء الإجابة عن قائمة من الأسئلة المثيرة فهل ستتعامل واشنطن مع مجمع تشخيص مصلحة النظام أو مجلس صيانة الدستور أو مجلس الشورى الإسلامي أو المرشد الأعلى للثورة «الولي الفقيه»، وأين موقع الرئيس الإيراني حسن روحاني من هذه التراتبية! ومع من سيتعامل قائد القيادة المركزية الأمريكية لحفظ أمن الخليج! مع القوات النظامية أم مع قوات الباسيج أم قوات الباسدران أم فيلق القدس؟ وكيف ستكون سبل التعاون بين قادة الأسطول الخامس مع وحدات إيرانية قامت لتعويض النقص في كفاءتها القتالية بانتهاج عقيدة الحرب غير المتماثلة، وتحرك جنودها بالأيديولوجية والاستشهاد والجهاد وليس بقواعد الاشتباك المصممة على العقيدة القتالية التي يحكمها نوع السلاح وحجم الصراع.
ولا نعلم كيف لا زال العم سام يدخل رقبته في الأنشوطة الإيرانية إذا كان خطاب الأصوليين الرسمي في جامع طهران يعتبر «التفاوض مع الأميركيين ليس مدعاة لحسن الظن بهم لأن العدو يظل عدواً، وجب الدعاء الأبدي عليه بالفناء»، لقد دخل الاتفاق المؤقت لتجميد البرنامج النووي الإيراني 20 يناير حيز التنفيذ، وكانت أولى الانتكاسات طلب مدير الوكالة الذرية يوكيا أمانو إقامة مكتب بطهران لتسهيل عمل مفتشي الوكالة، فكان الرد الإيراني الرفض التام، رافقها بنفس اليوم 26 يناير 2014 انتكاسة أخرى حين وصفت إيران تصريحات كيري حول وجود خيارات عسكرية في حال لم تلتزم طهران بتعهداتها بانها «غير دبلوماسية».
وفي تقديرنا أننا أمام صور ثلاث تغلب على مشهد التقارب الإيراني الأمريكي؛ فالصورة الأولى تظهر نجاح التواصل بحكم قيامه منذ زمن طويل، وقد أحب ووافق على هذه الصورة بل وضغط زر «Like» بحماسة شديدة الكثيرون من أتباع نظرية المؤامرة التقليدية، بينما نرى في الصورة الثانية الأمريكان وهم يخاطرون بإعادة إنتاج عصر الشاه الذي ستكون نهايته إهانة أخرى بحجم احتجاز الرهائن نوفمبر1979م، وعلى دول الخليج أن لا تتحلل من فضيلة التروي وأن تقدم لإدارة أوباما حبلاً كافياً ليشنقوا أنفسهم بشرط الاستعداد للتوابع الزلزالية للخيبة الأمريكية في طهران وتلك هي الصورة الثالثة.