القرار الذي اتخذه مجلس بلدي العاصمة بتعليق جلساته ورفع شكوى إلى مجلس الوزراء ضد وزير شؤون البلديات والتخطيط العمراني متهماً إياه بعدم التعاون مع المجلس وعرقلة تنفيذ مشروعاته، والتصرف في أموال الصندوق المشترك، والتصرف في الأمور البلدية التي تخص المجالس بقرارات فردية، وتحكم شخصي منه...هذا القرار، وهذه الشكوى ضد وزير شؤون البلديات تكررت من المجالس البلدية الخمسة، وبعضها تقدم بها أكثر من مرة، لكن لا مجلس الوزراء، ولا مجلس النواب ولا أي جهة مسؤولة أخرى تدخلوا بالتحقيق في ما يسود العلاقة بين المجالس والوزير من توتر ومن اتهامات، وهو تدخل يفرضه قانون البلديات رقم 35 الصادر في 2001..وعندما تجمع المجالس البلدية بالمحافظات الخمس على أن وزارة البلديات، وبقيادة الوزير ترتكب التجاوزات والمخالفات باستمرار، وتتعدى على صلاحيات هذه المجالس، ويقوم الوزير بإدارة العمل البلدي بقرارات وأوامر فردية منه بعيداً عن القانون، وبالتالي يبرز نفسه ووزارته وكأنه هو المسؤول عن العمل البلدي في البلاد بجميع مجالاته ومناطقه، وأنه أي الوزير هو الذي يبتكر المشروعات وينفذها، وهو الذي يقدم الخدمات البلدية لسكان المحافظات الخمس، فهذا يعني أن المجالس البلدية لا قيمة ولا لزوم لها، وأن القانون الذي بموجبه أنشئت هذه المجالس، وأعطيت لها مسؤوليات وصلاحيات واسعة وشاملة لمناحي الحياة، وتم التأكيد في القانون نفسه على أنه (يكون للبلدية شخصية اعتبارية وتتمتع بالاستقلال المالي والإداري) (المادة 2)، هذا القانون هو الآخر لا لزوم له. وبالمقابل فإن وزارة شؤون البلديات لا مكان لها في قانون البلديات، دورها الوحيد هو تنسيقي بين المجالس البلدية وبين مجلس الوزراء فيما يتعلق بما نصت عليه (المادة 20): «يرفع كل مجلس بلدي قراراته وتوصياته الى الوزير المختص بشؤون البلديات، وفي حالة ما إذا رأى الوزير أن هذه القرارات أو التوصيات أو بعضها يخرج عن اختصاص المجلس البلدي أو يتضمن مخالفة للقانون أو خروجاً على السياسة العامة للدولة، كان له الاعتراض عليها خلال 15 يوماً من تاريخ رفع القرار أو التوصية إليه، وإعادتها الى المجلس البلدي مشفوعة بأسباب الاعتراض لإعادة النظر فيها. فإذا أصر المجلس البلدي على قراره أو توصيته أو ضمنها مخالفة جديدة، عرض الأمر على مجلس الوزراء، لاتخاذ ما يراه مناسباً بشأنها».والمادة الأخرى التي ذكر الوزير فيها هي المادة (35) : «تتكون الموارد المالية للبلدية من (أ) الرسوم التي تحصلها مقابل الانتفاع بالمرافق والخدمات التي تتولى إدارتها والإشراف عليها بمقتضى أحكام هذا القانون أو أي نظام يصدر استناداً إليه، أو إلى أي قانون آخر ينص على استيفاء رسوم للبلدية. (ب) المبالغ التي تحصلها من بيع أملاكها وإيجارها واستثمارها. (ج) الاعتمادات المخصصة لها في الميزانية العامة للدولة. (د) التبرعات والهبات والوصايا التي يقرر المجلس البلدي قبولها. وتودع جميع إيرادات البلديات من الرسوم البلدية على المحال والأماكن التجارية والصناعية وكذلك إيجارات أملاك البلدية من المباني التجارية في صندوق مشترك ينشأ لهذا الغرض، وتوزع إيراداته بين البلديات بقرار من مجلس الوزراء».بالنسبة للمادة (20) من القانون فدور الوزير هو نقل قرارات وتوصيات المجالس البلدية التي يعتقد أنها مخالفة للقانون (وليس كلها) الى مجلس الوزراء للبت فيها من حيث المخالفة أو عدمه، وبالتالي فهو مجرد موصل، غير أن ما يفعله هو أخذ القرارات والتوصيات والمشروعات لديه رهينة لشهور وسنوات، ثم ينتقي ما يريد منها ويعلنها باسمه وكأنها مشروعاته وقراراته. أما المادة (35) فلم تذكر الوزير بالمرة، ولكن يفترض أنه الجهة التي توصل حصلية الصندوق المشترك الى مجلس الوزراء لكي يقوم بتوزيعها بين البلديات بالطريقة التي يراها المجلس وليس الوزير، أما ما يحدث فهو أن الوزير يستولي على تلك الحصيلة ويصرف منها على وزارته وفي غير الجانب البلدي كما حدث بالنسبة لمعرض مراعي 2012 الذي أدين من وزارة المالية ومن ديوان الرقابة. فإذا أضفنا لذلك كله عدد الفضائح والتجاوزات المالية وشبهات الفساد التي تفوقت هذه الوزارة بامتياز في عددها على كافة وزارات وهيئات الدولة الأخرى، فإننا نصل إلى نتيجة واحدة وهي أن هذه الوزارة وجودها معيق ومفسد للعمل البلدي، ومعطل لدور المجالس البلدية، ومكلف لميزانية الدولة بما لديها من أجهزة وموظفين، في حين أن دورها مجرد منسق وموصل يمكن أن تقوم به الأمانة العامة لمجلس الوزراء أو لجنة الخدمات بالمجلس، وفي كل الأحوال تصبح وزارة شؤون البلديات لا لزوم لها.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90