كيف ستبدأ حالة الخليج بدون الأمريكان؟اليوم نعيش هذه الحالة، فهناك اتجاه خليجي للحد من العلاقات مع الولايات المتحدة بسبب سياساتها تجاه المنطقة، ورؤيتها لمستقبلها، وهي رؤية تتعارض تماماً مع المصالح الاستراتيجية الخليجية. وبالمقابل هناك رغبة أمريكية بتغيير الأنظمة الحاكمة في دول مجلس التعاون في إطار ما يسمى بـ«الشرق الأوسط» الجديد، وآخر فصول هذه المحاولة خدعة الضربة العسكرية ضد سوريا، ثم التقارب الأمريكي ـ الإيراني.فتور العلاقات الخليجية ـ الأمريكية بدأ منذ العام 2011 واستمر تدريجياً حتى اليوم، وخلال هذه الفترة تسارعت وتيرة تقلبات العلاقات بين الطرفين بشكل دراماتيكي، وانتهت بالحديث عن تراجع رسمي في مستوى العلاقات والتعاملات، رغم كل المحاولات الدبلوماسية المباشرة وغير المباشرة عن طريق وسطاء لإعادة النظر في العلاقات ومستقبلها، ورغم كل التصريحات الإعلامية وحملات العلاقات العامة التي يمكن أن تظهر، فإن الحقيقة هي الفتور الذي يقود لتراجع الشراكة التقليدية. في ضوء ذلك فإن هناك احتمالات عديدة للخطوات المقبلة التي يمكن أن تقود لحالة الخليج بدون الأمريكان. خطوات الرياض الأخيرة تجاه الأمم المتحدة ليست خطوات لهذه الحالة، وإنما هي مظهر من مظاهر الحالة نفسها. ومن المتوقع أن تتراجع الاستثمارات الخليجية في الولايات المتحدة التي تقدر بمئات المليارات من الدولارات، وكذلك الحال بالنسبة لابتعاث الطلبة الخليجيين في الجامعات الأمريكية، وتراجع حجم الاستيراد العسكري من المصانع الأمريكية مع وجود بدائل عدة، وأيضاً مبيعات الطائرات التجارية. جميعها من مظاهر تبلور حالة الخليج بدون الأمريكان، ولكن من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن تبلور الحالة نفسها مرتبط بحدة تعاطي واشنطن مع دول مجلس التعاون الخليجي، فإذا تسارعت وتيرة التقارب الأمريكي ـ الإيراني فإن نتيجة تبلور الحالة ستكون أسرع بكثير. وإقامة علاقات رسمية مباشرة بين طهران وواشنطن يمكن أن تدفع نحو الخيارات الأسوأ، فرغم أنه لا يبدو أن دول المجلس مهتمة بخيار الحظر النفطي الذي استخدمته في مثل هذه الأيام مطلع السبعينات، ولكن هناك خياراً آخر جديداً وقد يكون مؤلماً أكثر مثل فك ارتباط العملات الخليجية بالدولار الأمريكي، والاعتماد على الارتباط بسلة عملات. حالة الخليج بدون الأمريكان من الممكن أن تكون مفاجئة، ومن الممكن أيضاً أن تكون تدريجية وواضحة، وفي جميع الحالات، فإن الخيارات مرتبطة بالظروف التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، والخليج العربي تحديداً. ويبدو أن المخاض سيكون عسيراً ولن يكون سهلاً لإعادة رسم مستقبل العلاقات الخليجية ـ الأمريكية.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90