هل الإدارة الأمريكية الحالية قادرة على تنفيذ الاستدارات الاستراتيجية التي تلمح إلى أنها بصدد القيام بها في القضايا الإقليمية حولنا؟ أم إن غياب المؤهل لقيادة عملية الاستدارة يهدم العمق في مشروعهم الاقليمي الجديد؟
يجيب المشهد الدولي الراهن، وكأنه لم يكن بحاجة لمثل هذا السؤال، فصياغة الاستراتيجية تجمع بين الفن والعلم كما يتفق معظم الاستراتيجيين، حيث يذهب هاري يارغر إلى أن صياغة الاستراتيجية هي ساحة العبقريات النادرة، حيث يتوصل القادة الموهوبون بفعل حدسهم إلى حلول عظيمة لقضايا معقدة بشأن السياسة الخارجية. ولا يمكن إنكار دور العبقري الحقيقي، لكن ليس هناك سوى دول قليلة في البيئة الحالية التي تتسم بالدينامية تستطيع تحمل عواقب الانتظارالى حين وصول عبقري يعول عليه.
ومــــــن مقـــــــــال النائـــــــب الجمهـــــــوري بالكونجـــرس الأمريكي جون ماكين في الــ «واشنطن بوست» قبل أسبوع؛ نصل إلى قناعة أن الولايات المتحدة ستتحمل عواقب الانتظار إلى حين وصول عبقري يعول عليه بعد الفشل الذريع للرئيس الأمريكي باراك أوباما في سياساته الشرق أوسطية، وفقدان واشنطن للمصداقية في هذه المنطقة الحيوية وعرض المصالح الأمريكية للخطر.
ولم يكن كثير من المحللين بحاجة إلى الاستفاضة في شرح أن رفض الرياض لمقعدها في مجلس الأمن موجه بالدرجة الأولى إلى «الفراغ» الذي سيشغله العبقري المنتظر في واشنطن، ثم أنهى الجدل رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان بالقول إن الرسالة موجهة من المملكة إلى الولايات المتحدة وليس الأمم المتحدة.
وبعد إنجلاء دخان قنبلة الرياض؛ شرعت واشنطن والرياض على حد سواء في تقييم الأضرار الحالية وتجهيز الإجراءات القادمة، وكان مما هال السعوديين الاصطفافات الكثيرة المؤيدة لموقفهم في الخليج والعالم العربي والإسلامي، بل والساحة الدولية أيضاً. لكن بعض المراقبين ومنهم الدكتور سعد بن طفلة توقع أن تبادر واشنطن إلى صف بيادقها دفاعاً عن البيت الأبيض المعرض للانكشاف الأخلاقي بمعاييره المرتبكة، فغرد «أتوقع حملة غربية شعواء على السعودية خلال أسابيع، سيكون ظاهرها الديمقراطية وحقوق الإنسان، وباطنها شيء آخر وأهدافها ابتزازية بحتة».
ولم يطل الأمد؛ حيث أطلقت واشنطن على الرياض «الدينغو» و«الهوند» وربما «السلوقي» مرددة في الليل البعيد صوتاً واحداً لم يخرج عن ملف حقوق الإنسان من أوكرانيا وكندا وأستراليا ورومانيا وأثيوبيا وكوستاريكا، هذه الأصوات البعيدة لم تثن الرياض، كما يبدو، عن السير بسياستها في خطين متوازيين يظهران أنها لم تكن من أصحاب دبلوماسية رد الفعل غير المدروس، والتي كانت توصف بها الدبلوماسية القذافية مثلاً.
فهي لم تحسم موقفها من المقعد الدولي رسمياً، كما لم تغلق الباب أمام مجموعة من الدول تحاول ثنيها عن موقفها بحكم الثقل الذي تمثلة الرياض وبصماتها فيما سيتمخض من قرارات في مجلس الأمن الدولي في العامين القادمين، أما الخط الثاني فهو الاستمرار في موقفها القوي من القضية السورية التي اختزلتها واشنطن في السلاح الكيماوي، وفي استهجان تقلبات واشنطن وتقاربها مع طهران رغم تعنت الأخيرة في قضايا تمس أمن الخليج العربي.
لقد أسس الرفض السعودي -عند كتلة دول الخليج المحافظة- وعي بنفسها وبالعالم حولها وبعلاقتها بواشنطن خاصة، مما يجعل نجاحها أقرب الى التحقيق من فشلها للأسباب التالية:
- خيبة الأمل في الإجراءات الأمريكية ليست جديدة على الرياض التي تجيد التعامل معها، ومن ذلك لفتة الرئيس كارتر الجوفاء عام 1979م بعد سقوط الشاه، حيث أرسل سرباً من طائرات F-15 لدعم المملكة وليعلن، والطائرت لازلت محلقة في الجو، أنها غير مسلحة. كذلك حين سحب ريغان سفنه وقواته من لبنان بعد أول انفجار يواجه جنوده 1983م.
- الهجوم على السعودية من خلال ملفات حقوق الإنسان والديمقراطية ملفات ابتزاز لم يظهر عجز الرياض عن التصرف بالحكمة المطلوبة تجاهها من خلال الإصلاحات المتعاقبة.
- حيز المناورة للمملكة واسع يدعمها في ذلك أصالة المطالب التي نشرتها كمسوغات لاعتذارها عن مقعدها في مجلس الأمن الدولي واعتبرتها واشنطن إهانة مفتوحة، رغم أن العكس هو الصحيح، من باب أن الألفة الزائدة تجلب الاستخفاف، فقد اعتبرت واشنطن منذ زمن أن الدول المحافظة مضمونة وفي جيبها.
هذا ما يظهر حتى الآن، وإن كانت الرياض تحتفظ بخياراتها الحقيقية لنفسها، لكن المؤكد أن المملكة لن تجفل من نباح كلاب ليل بعيدة.
يجيب المشهد الدولي الراهن، وكأنه لم يكن بحاجة لمثل هذا السؤال، فصياغة الاستراتيجية تجمع بين الفن والعلم كما يتفق معظم الاستراتيجيين، حيث يذهب هاري يارغر إلى أن صياغة الاستراتيجية هي ساحة العبقريات النادرة، حيث يتوصل القادة الموهوبون بفعل حدسهم إلى حلول عظيمة لقضايا معقدة بشأن السياسة الخارجية. ولا يمكن إنكار دور العبقري الحقيقي، لكن ليس هناك سوى دول قليلة في البيئة الحالية التي تتسم بالدينامية تستطيع تحمل عواقب الانتظارالى حين وصول عبقري يعول عليه.
ومــــــن مقـــــــــال النائـــــــب الجمهـــــــوري بالكونجـــرس الأمريكي جون ماكين في الــ «واشنطن بوست» قبل أسبوع؛ نصل إلى قناعة أن الولايات المتحدة ستتحمل عواقب الانتظار إلى حين وصول عبقري يعول عليه بعد الفشل الذريع للرئيس الأمريكي باراك أوباما في سياساته الشرق أوسطية، وفقدان واشنطن للمصداقية في هذه المنطقة الحيوية وعرض المصالح الأمريكية للخطر.
ولم يكن كثير من المحللين بحاجة إلى الاستفاضة في شرح أن رفض الرياض لمقعدها في مجلس الأمن موجه بالدرجة الأولى إلى «الفراغ» الذي سيشغله العبقري المنتظر في واشنطن، ثم أنهى الجدل رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان بالقول إن الرسالة موجهة من المملكة إلى الولايات المتحدة وليس الأمم المتحدة.
وبعد إنجلاء دخان قنبلة الرياض؛ شرعت واشنطن والرياض على حد سواء في تقييم الأضرار الحالية وتجهيز الإجراءات القادمة، وكان مما هال السعوديين الاصطفافات الكثيرة المؤيدة لموقفهم في الخليج والعالم العربي والإسلامي، بل والساحة الدولية أيضاً. لكن بعض المراقبين ومنهم الدكتور سعد بن طفلة توقع أن تبادر واشنطن إلى صف بيادقها دفاعاً عن البيت الأبيض المعرض للانكشاف الأخلاقي بمعاييره المرتبكة، فغرد «أتوقع حملة غربية شعواء على السعودية خلال أسابيع، سيكون ظاهرها الديمقراطية وحقوق الإنسان، وباطنها شيء آخر وأهدافها ابتزازية بحتة».
ولم يطل الأمد؛ حيث أطلقت واشنطن على الرياض «الدينغو» و«الهوند» وربما «السلوقي» مرددة في الليل البعيد صوتاً واحداً لم يخرج عن ملف حقوق الإنسان من أوكرانيا وكندا وأستراليا ورومانيا وأثيوبيا وكوستاريكا، هذه الأصوات البعيدة لم تثن الرياض، كما يبدو، عن السير بسياستها في خطين متوازيين يظهران أنها لم تكن من أصحاب دبلوماسية رد الفعل غير المدروس، والتي كانت توصف بها الدبلوماسية القذافية مثلاً.
فهي لم تحسم موقفها من المقعد الدولي رسمياً، كما لم تغلق الباب أمام مجموعة من الدول تحاول ثنيها عن موقفها بحكم الثقل الذي تمثلة الرياض وبصماتها فيما سيتمخض من قرارات في مجلس الأمن الدولي في العامين القادمين، أما الخط الثاني فهو الاستمرار في موقفها القوي من القضية السورية التي اختزلتها واشنطن في السلاح الكيماوي، وفي استهجان تقلبات واشنطن وتقاربها مع طهران رغم تعنت الأخيرة في قضايا تمس أمن الخليج العربي.
لقد أسس الرفض السعودي -عند كتلة دول الخليج المحافظة- وعي بنفسها وبالعالم حولها وبعلاقتها بواشنطن خاصة، مما يجعل نجاحها أقرب الى التحقيق من فشلها للأسباب التالية:
- خيبة الأمل في الإجراءات الأمريكية ليست جديدة على الرياض التي تجيد التعامل معها، ومن ذلك لفتة الرئيس كارتر الجوفاء عام 1979م بعد سقوط الشاه، حيث أرسل سرباً من طائرات F-15 لدعم المملكة وليعلن، والطائرت لازلت محلقة في الجو، أنها غير مسلحة. كذلك حين سحب ريغان سفنه وقواته من لبنان بعد أول انفجار يواجه جنوده 1983م.
- الهجوم على السعودية من خلال ملفات حقوق الإنسان والديمقراطية ملفات ابتزاز لم يظهر عجز الرياض عن التصرف بالحكمة المطلوبة تجاهها من خلال الإصلاحات المتعاقبة.
- حيز المناورة للمملكة واسع يدعمها في ذلك أصالة المطالب التي نشرتها كمسوغات لاعتذارها عن مقعدها في مجلس الأمن الدولي واعتبرتها واشنطن إهانة مفتوحة، رغم أن العكس هو الصحيح، من باب أن الألفة الزائدة تجلب الاستخفاف، فقد اعتبرت واشنطن منذ زمن أن الدول المحافظة مضمونة وفي جيبها.
هذا ما يظهر حتى الآن، وإن كانت الرياض تحتفظ بخياراتها الحقيقية لنفسها، لكن المؤكد أن المملكة لن تجفل من نباح كلاب ليل بعيدة.