الرسالة التي وجهها رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان تضمنت العديد من الحقائق المهمة التي للأسف يريد البعض الذي اتخذ موقفاً سالباً من هذا الوطن أن يغطيها بغربال معتقداً أن العالم أعمى وأنه لا يصدقه إلا هو، الأمر الذي يكشف عن ضحالة فكر وغياب رؤية ذلك البعض الذي يظل في كل الأحوال بعضاً محدوداً.
أول تلك الحقائق إيمان البحرين بحق الإنسان في أمنه وسلمه واستقراره، وهذا يتطلب عدم التساهل مع كل ما يهدد هذا الحق أو يعيقه، ويعني أنه لا يمكن للحكم أن يقبل بأي تصرف أو قول يؤثر سلباً على أمن المواطن وحياته، ويعني أن تفريط الدولة في هذا الحق يعتبر تقصيراً منها وتهاوناً لا يمكن القبول به. في هذا الخصوص ضرب سمو رئيس الوزراء مثالاً واضحاً فقال إنه لا يمكن أن تكون أعمال التخريب والإرهاب (التي لم تتوقف على مدى أكثر من ثلاثين شهراً) تعبيراً عن حقوق الإنسان لأنها ببساطة تسلب حق الإنسان الآخر في الأمن والاستقرار والذي هو مسؤولية الدولة، وبالتالي لا يمكن التفريط فيه أو غض النظر عن تلك السلوكيات الدخيلة أصلاً على هذا المجتمع المسالم الذي استوعب على مدى تاريخه الجميع بكل اختلافاتهم.
إن سقوط ضحايا من الأبرياء ورجال الأمن بسبب تلك الأعمال التي يرتكبها ذلك البعض بحجة حقوق الإنسان يضع الدولة أمام مسؤولياتها ويستوجب منها حمايتهم برفض تلك السلوكيات ووضع حد لها وعدم السماح بتكرارها، فهذا حق مكفول للدولة وللمواطنين والمقيمين المسؤولة عن توفير الحماية والأمن لهم.
ثاني تلك الحقائق أن البحرين التي صادقت على الكثير من الاتفاقات ملتزمة بتنفيذ كل ما جاء فيها فيما يتعلق بحقوق الإنسان لكن من غير المعقول القبول بتطويع تلك الحقوق بالشكل الذي يخل بالسيادة الوطنية. مملكة البحرين تعمل على الرؤية العالمية المشتركة لحقوق الإنسان والتي أرساها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتفخر بها وتلتزم بكل ما جاء في الاتفاقات وقواعد القانون الدولي بل تتواصل مع كافة المؤسسات الدولية الحقوقية بانفتاح تام لأنها دولة متحضرة، لكنها لا تقبل أن تستغل تلك القوانين وتلك المنظمات لتكون أداة هدم بدل أن تكون وسيلة للمساعدة على تنفيذ برامج التطوير والبناء، فالقانون الدولي الذي يطالب الدول باحترام الاتفاقات هو نفسه لا يقبل بمثل هذه الانتهاكات والتجاوزات والمغالطات ويعطي الدول حق وقفها والتعامل معها، ولهذا فإنه لا يمكن لأحد القبول باعتماد جهات أحادية كمصدر للمعلومات والاستناد إليها في إصدار التقارير والبيانات، فهذه من الأمور التي يعاب بها على بعض المنظمات التي ترفع راية حقوق الإنسان ولكنها في نفس الوقت تنتهك حقوق الآخر الذي هو إنسان أيضاً.
ثالث الحقائق أن البحرين تولي حقوق الإنسان دائماً اهتماماً كبيراً وفق رؤية عصرية أساسها التسامح والتعايش، ولهذا فإن الحقيقة التالية لها والمرتبطة بها هي أن البحرين تشهد تزايداً مستمراً في مساحة الحريات ضمن منهج شامل يقوم على تفعيل نصوص الدستور وتطبيق مبادئ دولة القانون والمؤسسات وبما يكفل المساواة واحترام الكرامة الإنسانية.
كثيرة هي الحقائق التي تناولها رئيس الوزراء في رسالته المهمة هذه تؤكد جميعها أن للبحرين سجلاً مشرفاً في مجال حقوق الإنسان يعكس عراقة هذا المجتمع المتسامح ويؤكد التزامها بالمواثيق والاتفاقات الدولية، وإلا فكيف توفر لها كل هذه المنظومة المتطورة من التشريعات والقوانين والتي يتم مراجعتها بصورة دورية لتواكب التطورات الدولية في هذا المجال؟
مشكلة البحرين فيما يخص حقوق الإنسان باتت معروفة، إنها مع ذلك البعض الذي يرفع راية حقوق الإنسان ويستظل بمنظمات «حقوقية» تتشارك معه في انتهاك حقوق الإنسان.