أقسم ألا أكتب عن مشكلته بخصوص ظروف عمله، وألا أتطرق لهموم عمله لا من قريب ولا من بعيد لا بالتلميح ولا بالتلويح، بل كان يتكلم عن واقعه الوظيفي، وبين الفينة والفينة يؤكد أن لو طرحتُ مشكلته هنا فإن مصيره العملي سينتهي، وسينتهي رزقه ورزق عياله.
قصة هذا الشاب أنه كان يتحدث معي عن الواقع المر والأليم الذي يواجهه ومن معه من الموظفين حول أوضاعهم الوظيفية السيئة، لكنه في ذات الوقت يخاف أن تتقطع بهم السبل لو تم طرح مشكلتهم عبر الصحافة، لأن مصيرهم سيكون الاستغناء عن خدماتهم بصورة قانونية مع دفع راتب شهر واحد أو يزيد بطريقة قانونية أيضاً.
شباب وشابات يتعرضون لضغوط عمل من مؤسساتهم؛ إما لتطفيشهم من العمل أو تضييق الخناق عليهم وإهمالهم من أجل تطفيشهم من العمل أيضاً، فكل الطرق تؤدي إلى بوابة الخروج.
شابة تروي لي قصتها وتقول: «سأروي لك معاناتنا في العمل، لكن أرجوك ألا تكتب عنها أي شيء، مخافة أن تستشعر المؤسسة التي نعمل فيها، فتقوم إما بتسريحنا أو بمضايقتنا مدى الحياة، خصوصاً وأنها تدرك أن الفئة المتضررة من تصرفاتها معروفة لدى الجميع».
فتاة أخرى تروي أزمتها العملية، وفــي ذات الوقــت ترفــض رفضــــاً مطلقاً أن أطرح هذه الأزمة مخافــة أن تخسر وظيفتها في المستقبل، وبين هذا الخوف وذاك القلق ينخلق جيل من الموظفين والعاملين لا يمكن أن يكون إلا آلة جامدة في ترس الرأسمالية القبيحة، عمال بلا إحساس ولا عطاء ولا إبداع ولا تطوير، والسبب يتحمله مسؤول لا يفهم في علم الإدارة سوى أن يتشبث بمنصبه ولو على حساب مصلحة الوطن، ويهدد من تحته لو حاولوا البوح للصحافة ولو كان همساً ببنت شفة.
البعــض مــن هــؤلاء يحمـــل وزارة العمل مسؤولية عدم مراقبة تلك المؤسسات التي تهين وتستعبد موظفيها بطريقة غير لائقة، ولربما تطالب الوزارة من يشتكي سوء المعاملة من طرف أرباب العمل أن يشتكي، فهنالك جهات قانونية يمكن للمتظلم أن يلجأ إليها، لأنه لا يحق للمؤسسة أن تفصل عاملاً متظلماً من المؤسسة التي يعمل لصالحها لمجرد أن «اشتكى»، لكن السؤال المحير هو؛ كيف سيكون موقف الوزارة لو تم خنق الموظف وإهانته عبر نقله من وظيفته أو من مكان عمله إلى وظيفة أخرى لا يمكن له أن يطور من قدراته ومستوى أدائه؟ هل ستتخذ الوزارة عقوبة ضد المؤسسة؟ أم أنه في حال برز اسمه ورسمه عند ذلك المسؤول، في أن تتم محاصرة المشتكي بعقوبات غير معلنة، لا يشعر بها إلا الله والموظف؟ أم ستقول له الوزارة بعد الشكوى، وبعد معاقبته على الشكوى «هذا مب شغلنا وأنت اتصرف مع مؤسستك»؟ كذلك هذا السؤال موجهاً إلى ديوان الخدمة المدنية أو أية جهة حكومية أخرى.
حين نطالب بحكم ديمقراطي فعلينا أن نمارس هذا الدور من دواخل أنفسنا أولاً، ومن منازلنا ثانياً، ومن مؤسساتنا ثالثاً، ومن ثم إذا استطعنا أن نحققها بيننا، حينها نطالب بها سياسياً، وإلا لا يمكن لمسؤول بحريني أن يقوم بالتلذذ بممارسة الدكتاتورية مستغلاً منصبه الوظيفي ليكمم أفواه موظفيه، ثم يأتينا من بعيد ليتشدق بالديمقراطية بطريقة فجة وكريهة.
إنه النفاق المهني، وهو من أرذل أنواع النفاق في عصر المال والأعمال، ضحاياهم طاقات شبابية ووطنية صامتة.
{{ article.visit_count }}
قصة هذا الشاب أنه كان يتحدث معي عن الواقع المر والأليم الذي يواجهه ومن معه من الموظفين حول أوضاعهم الوظيفية السيئة، لكنه في ذات الوقت يخاف أن تتقطع بهم السبل لو تم طرح مشكلتهم عبر الصحافة، لأن مصيرهم سيكون الاستغناء عن خدماتهم بصورة قانونية مع دفع راتب شهر واحد أو يزيد بطريقة قانونية أيضاً.
شباب وشابات يتعرضون لضغوط عمل من مؤسساتهم؛ إما لتطفيشهم من العمل أو تضييق الخناق عليهم وإهمالهم من أجل تطفيشهم من العمل أيضاً، فكل الطرق تؤدي إلى بوابة الخروج.
شابة تروي لي قصتها وتقول: «سأروي لك معاناتنا في العمل، لكن أرجوك ألا تكتب عنها أي شيء، مخافة أن تستشعر المؤسسة التي نعمل فيها، فتقوم إما بتسريحنا أو بمضايقتنا مدى الحياة، خصوصاً وأنها تدرك أن الفئة المتضررة من تصرفاتها معروفة لدى الجميع».
فتاة أخرى تروي أزمتها العملية، وفــي ذات الوقــت ترفــض رفضــــاً مطلقاً أن أطرح هذه الأزمة مخافــة أن تخسر وظيفتها في المستقبل، وبين هذا الخوف وذاك القلق ينخلق جيل من الموظفين والعاملين لا يمكن أن يكون إلا آلة جامدة في ترس الرأسمالية القبيحة، عمال بلا إحساس ولا عطاء ولا إبداع ولا تطوير، والسبب يتحمله مسؤول لا يفهم في علم الإدارة سوى أن يتشبث بمنصبه ولو على حساب مصلحة الوطن، ويهدد من تحته لو حاولوا البوح للصحافة ولو كان همساً ببنت شفة.
البعــض مــن هــؤلاء يحمـــل وزارة العمل مسؤولية عدم مراقبة تلك المؤسسات التي تهين وتستعبد موظفيها بطريقة غير لائقة، ولربما تطالب الوزارة من يشتكي سوء المعاملة من طرف أرباب العمل أن يشتكي، فهنالك جهات قانونية يمكن للمتظلم أن يلجأ إليها، لأنه لا يحق للمؤسسة أن تفصل عاملاً متظلماً من المؤسسة التي يعمل لصالحها لمجرد أن «اشتكى»، لكن السؤال المحير هو؛ كيف سيكون موقف الوزارة لو تم خنق الموظف وإهانته عبر نقله من وظيفته أو من مكان عمله إلى وظيفة أخرى لا يمكن له أن يطور من قدراته ومستوى أدائه؟ هل ستتخذ الوزارة عقوبة ضد المؤسسة؟ أم أنه في حال برز اسمه ورسمه عند ذلك المسؤول، في أن تتم محاصرة المشتكي بعقوبات غير معلنة، لا يشعر بها إلا الله والموظف؟ أم ستقول له الوزارة بعد الشكوى، وبعد معاقبته على الشكوى «هذا مب شغلنا وأنت اتصرف مع مؤسستك»؟ كذلك هذا السؤال موجهاً إلى ديوان الخدمة المدنية أو أية جهة حكومية أخرى.
حين نطالب بحكم ديمقراطي فعلينا أن نمارس هذا الدور من دواخل أنفسنا أولاً، ومن منازلنا ثانياً، ومن مؤسساتنا ثالثاً، ومن ثم إذا استطعنا أن نحققها بيننا، حينها نطالب بها سياسياً، وإلا لا يمكن لمسؤول بحريني أن يقوم بالتلذذ بممارسة الدكتاتورية مستغلاً منصبه الوظيفي ليكمم أفواه موظفيه، ثم يأتينا من بعيد ليتشدق بالديمقراطية بطريقة فجة وكريهة.
إنه النفاق المهني، وهو من أرذل أنواع النفاق في عصر المال والأعمال، ضحاياهم طاقات شبابية ووطنية صامتة.