صنفان من النساء كثيراً ما نقابلهن في حياتنا، خصوصاً في مجال العمل، في البداية يتراءى لنا أنهما صنف واحد، ثم ما تلبث أن تثبت لنا الوقائع أنهما صنفان لا يلتقيان إلا في التوصيف العام الذي تبدده، هو الآخر، تفاصيل حياة كل صنف.
الصنف الأول؛ نساء يعانين بصمت ويكتمن تفاصيل حياتهن ولا يطلعن عليها إلا المقربين وأهل الثقة. أغلبهن إما أرامل يواجهن الحياة بمفردهن، أو مطلقات يصارعن مع قسوة الحياة قسوة الزوج والمجتمع، أو متزوجات من أشباه رجال يسومونهن سوء العذاب من سوء العشرة والخلق والامتناع عن الإنفاق. وقد نقابل أمثالهن من فتيات فقيرات يعتنين بوالدين عاجزين أو ينفقن على أسر كبيرة.. كثيرة هي مشاكل الحياة، ولكن الغالبية المكافحة صامتة.
تلك النسوة تجدهن أكثر الناس التزاماً في حياتهن الشخصية، فهن يخشين أن يضفن إلى متاعبهن متاعب أخرى، وتجدهن أكثر الناس انضباطاً في أعمالهن وجدية في أدائهن؛ فهن يدركن ألا معين لهن، بعد الله سبحانه وتعالى، إلا مصدر رزقهن الذي يكفيهن سؤال الناس وطرق الأبواب.
وكثيراً ما تفاجئك الصدف بقصص (زميلات منذ سنوات) تراهن مرحات ويتعاملن معك بسلاسة وأريحية ثم تكتشف أن إحداهن تربي طفلاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو تعيش مع زوج مقعد، أو تتابع تطور مرضه الخطير. وكثيراً ما تعرف متأخراً أن إحداهن تطلب ساعة استئذان لتحقن والدها المريض بالسكر بالدواء، أو (تغسل) والدتها العاجزة، ثم تعوض استئذانها بعد الدوام بساعة عمل أخرى أو تخصم من رصيد إجازاتها، أو تتفانى في ساعات عملها لتعوض تقصيرها.
الصنف الآخر؛ نساء يواجهن أزمات ومشكلات لا تختلف عن طبيعة الصنف الأول لكنها، غالباً، ما تقل عنها في الشدة، فضلاً عن أنهن يعملن من «الحبة قبة». فالجميع يعرف قصصهن من كثرة شكواهن وتبرمهن. والكل يتابع مشكلاتهن من كثرة استئذانهن عن العمل أو تغيبهن وما يليه من مسلسلات التبرير. وفي الحقيقية لم أقابل من نساء هذا الصنف تلك المواقف الإنسانية العميقة التي وجدتها في الصنف الأول، فلم أقابل إحداهن تعتني بشخص ما، ابناً كان أو زوجاً أو أحد الوالدين، يستحق فعلاً عناية خاصة وتضحية جسيمة. ولم أعرف في ظروفهن شيئاً يستدعي تلك «الهيلة والشط والحط». وتتفاقم مشكلة الصنف الثاني من النساء حين يحولن أزماتهن الاجتماعية إلى تجارة يستجدين بها تعاطف الآخرين، وأحياناً يستخدمنها كـ «مؤهلات» خاصة لتحسين وضعهن الوظيفي وحصد الاستثناءات الوظيفية. تلك النساء لا يعدمن الأعذار في تبرير عدم إكمالهن لدراستهن أو عدم استمرارهن في عمل واحد أو عدم استقرارهن الأسري. وهن يواصلن مسيرتهن بالحجج ذاتها والسيرة نفسها. ويجدن في طرق الأبواب وطلب الحاجة، بحق أو بغير حق، وسيلة ناجحة هيأتها لهن الظروف الشخصية ليحققن من خلالها ما يعجز كثير من المجدين والمثابرين عن بلوغه. إنهن يتاجرن بظروفهن لاستجداء إنسانية الآخرين، والكفاح في الحياة من أجل تأمين العيش الكريم وتحدي قسوة الظروف فرضية غير واردة في أجنداتهن الخاصة.
أن تفاجئك امرأة صمتت السنوات الطوال لترتاح حتى يشب أبناؤها عن الطوق بأنها كسّرت أظافرها في الصخر كي تربيهم، وأن أشعة الشمس حفرت في وجهها أخاديد الكد والتعب، قضية تختلف عن أن تصدع رأس امرأة أخرى بأن ظروفها صعبة، وأن على الآخرين تسهيل كل الأمور لها، وأن الإنسانية قد انعدمت من قلوب المحيطين بها لأنهم لا يقدرون أسباب كثرة تغيبها وتسيبها وتأخرها، ولا يتفهمون السيل الجارف من حججها.
وقِسْ على ذلك ما لا يحصى من القصص..
الصنف الأول؛ نساء يعانين بصمت ويكتمن تفاصيل حياتهن ولا يطلعن عليها إلا المقربين وأهل الثقة. أغلبهن إما أرامل يواجهن الحياة بمفردهن، أو مطلقات يصارعن مع قسوة الحياة قسوة الزوج والمجتمع، أو متزوجات من أشباه رجال يسومونهن سوء العذاب من سوء العشرة والخلق والامتناع عن الإنفاق. وقد نقابل أمثالهن من فتيات فقيرات يعتنين بوالدين عاجزين أو ينفقن على أسر كبيرة.. كثيرة هي مشاكل الحياة، ولكن الغالبية المكافحة صامتة.
تلك النسوة تجدهن أكثر الناس التزاماً في حياتهن الشخصية، فهن يخشين أن يضفن إلى متاعبهن متاعب أخرى، وتجدهن أكثر الناس انضباطاً في أعمالهن وجدية في أدائهن؛ فهن يدركن ألا معين لهن، بعد الله سبحانه وتعالى، إلا مصدر رزقهن الذي يكفيهن سؤال الناس وطرق الأبواب.
وكثيراً ما تفاجئك الصدف بقصص (زميلات منذ سنوات) تراهن مرحات ويتعاملن معك بسلاسة وأريحية ثم تكتشف أن إحداهن تربي طفلاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو تعيش مع زوج مقعد، أو تتابع تطور مرضه الخطير. وكثيراً ما تعرف متأخراً أن إحداهن تطلب ساعة استئذان لتحقن والدها المريض بالسكر بالدواء، أو (تغسل) والدتها العاجزة، ثم تعوض استئذانها بعد الدوام بساعة عمل أخرى أو تخصم من رصيد إجازاتها، أو تتفانى في ساعات عملها لتعوض تقصيرها.
الصنف الآخر؛ نساء يواجهن أزمات ومشكلات لا تختلف عن طبيعة الصنف الأول لكنها، غالباً، ما تقل عنها في الشدة، فضلاً عن أنهن يعملن من «الحبة قبة». فالجميع يعرف قصصهن من كثرة شكواهن وتبرمهن. والكل يتابع مشكلاتهن من كثرة استئذانهن عن العمل أو تغيبهن وما يليه من مسلسلات التبرير. وفي الحقيقية لم أقابل من نساء هذا الصنف تلك المواقف الإنسانية العميقة التي وجدتها في الصنف الأول، فلم أقابل إحداهن تعتني بشخص ما، ابناً كان أو زوجاً أو أحد الوالدين، يستحق فعلاً عناية خاصة وتضحية جسيمة. ولم أعرف في ظروفهن شيئاً يستدعي تلك «الهيلة والشط والحط». وتتفاقم مشكلة الصنف الثاني من النساء حين يحولن أزماتهن الاجتماعية إلى تجارة يستجدين بها تعاطف الآخرين، وأحياناً يستخدمنها كـ «مؤهلات» خاصة لتحسين وضعهن الوظيفي وحصد الاستثناءات الوظيفية. تلك النساء لا يعدمن الأعذار في تبرير عدم إكمالهن لدراستهن أو عدم استمرارهن في عمل واحد أو عدم استقرارهن الأسري. وهن يواصلن مسيرتهن بالحجج ذاتها والسيرة نفسها. ويجدن في طرق الأبواب وطلب الحاجة، بحق أو بغير حق، وسيلة ناجحة هيأتها لهن الظروف الشخصية ليحققن من خلالها ما يعجز كثير من المجدين والمثابرين عن بلوغه. إنهن يتاجرن بظروفهن لاستجداء إنسانية الآخرين، والكفاح في الحياة من أجل تأمين العيش الكريم وتحدي قسوة الظروف فرضية غير واردة في أجنداتهن الخاصة.
أن تفاجئك امرأة صمتت السنوات الطوال لترتاح حتى يشب أبناؤها عن الطوق بأنها كسّرت أظافرها في الصخر كي تربيهم، وأن أشعة الشمس حفرت في وجهها أخاديد الكد والتعب، قضية تختلف عن أن تصدع رأس امرأة أخرى بأن ظروفها صعبة، وأن على الآخرين تسهيل كل الأمور لها، وأن الإنسانية قد انعدمت من قلوب المحيطين بها لأنهم لا يقدرون أسباب كثرة تغيبها وتسيبها وتأخرها، ولا يتفهمون السيل الجارف من حججها.
وقِسْ على ذلك ما لا يحصى من القصص..