باري مجرد طفل ولد لأم من أصل إنجليزي وأب من كينيا، حيث كانت الأم بيضاء البشرة والأب أسود، توفي والداه وهو صغير، وعندما صار مراهقاً انشغل بالإدمان على الكحول والماريجوانا والكوكايين ليحاول نسيان العديد من الأسئلة الخاصة بهويته. ولكنه سرعان ما قرر ترك كل ذلك وأكمل دراسته، وترقى في عمله من خلال العديد من الشركات ليصبح أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية من أصل أفريقي، طبعاً هو باراك أوباما.
رغم مبادئ العنصرية التي تحملها السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العديد من مناطق العالم، إلا أن المجتمع الأمريكي تقبل في النهاية أن يكون رئيسه من أصول أفريقية لينهي أوباما العنصرية التي كانت سائدة طوال قرون في أمريكا، ويؤكد قدرة المجتمعات على تجاوزها بالديمقراطية وبتطوير الثقافة السياسية السائدة.
إذاً أمريكا بديمقراطيتها احتاجت نحو 150 عاماً بعد إلغاء العبودية وأقل من نصف قرن على إعلان الحقوق المدنية لتتحرر فعلياً من العنصرية والعبودية، حتى تراجعت حدة الزينوفوبيا (كراهية الأجانب) في المجتمع.
وفي مجتمع البحرين التعددي الذي تسود فيه الثقافة العربية والإسلامية، والذي تتعايش فيه مكونات مختلفة ومتنوعة منذ قرون، وبدأت فيه الدولة بالتحول إلى الديمقراطية مازالت هناك جماعات تتبنى قيماً عنصرية، وتحمل عنصرية فجة تجاه مكونات المجتمع الرئيسة، وحتى الأجانب أنفسهم.
من يتبنى العنصرية في البحرين يعاني من عقدة النقص، ويحاول فرض هذه العقدة على الآخرين، ويحاول أيضاً الظهور بمن يطالب بالديمقراطية ويدافع عن الحريات!
الجماعات العنصرية تعود مجدداً وتحاول رفع حدة الزينوفوبيا في البحريـــن، بحيث تزداد كراهيـــة الأجانب أكثر فأكثر، لأنها تعتقد أن ارتفاع الكراهية سيزيد من حدة الصراع في المجتمع، ويفتح المجال لها للعمل بشكل أوسع من أجل تحقيق أجندتها السياسية.
توقيت الجماعات العنصرية لم يكن مفاجئاً، لأنه جاء في سياق ردة فعل على نشاط الجاليات والمقيمين الأجانب، حيث يزداد نشاط الجاليات مؤخراً، ولديهم العديد من البرامج للحفاظ على دورهم الإيجابي في المجتمع، خاصة بعد سلسلة من الفعاليات التي أقامتها الجاليات دفاعاً عن البحرين، وتقديراً منهم للبحرين التي احتضنتهم على مدى سنين طويلة.
وليس متوقعاً أن تتوقف حملة الجماعات العنصرية على نشر الزينوفوبيا في المجتمع المحلي خلال الفترة المقبلة. ولكن تناقضات هذه الجماعات واضحة، فهم يرفضون أن يكون هناك أي دور للأجانب المقيمين في البحرين، ولكن ليس لديهم مانع أو تحفظ لأن يكون هناك دور للحكومات والمنظمات الأجنبية في البحرين!
من تناقضات الجماعات العنصرية في البحرين استغلالها لمكونات المجتمع لتأكيد ترابطهم معها، ولكنهم في لحظات سريعة يتم رفض هذه المكونات وتصعيد الزينوفوبيا.
فعن أي ديمقراطية وحريات وحقوق تتحدث هذه الجماعات؟!