في مداخلته أمام مجلس النواب؛ أكد وزير الدولة للشؤون الداخلية اللواء عادل الفاضل أن هناك حاجة ماسة لقانون جديد للمرور. الفاضل عرض إحصاءات حديثة تعزز رغبة الداخلية في إيجاد القانون الجديد، منها أن عدد مخالفات السرعة في العام الماضي بلغ 48.267 حالة، وأن عدد مخالفات تجاوز الإشارة الحمراء بلغ 20.661، ووصف ذلك بأنه مؤشر خطير على الاستهتار بقواعد المرور ويؤكد الحاجة إلى تغليظ العقوبات. الفاضل قال أيضاً إن عدد وفيات الحوادث المرورية في 2013 بلغ 77 حالة، بينما بلغت الإصابات البليغة 536 إصابة.
الإحصاءات التي وفرها الوزير تعني أنه يتم ارتكاب 4022 مخالفة سرعة في الشهر؛ أي 134 مخالفة في اليوم، و1721 مخالفة تجاوز للإشارة الحمراء في الشهر؛ أي نحو ستين مخالفة في اليوم الواحد (حوالي ثلاث مخالفات في الساعة). الحديث عن تجاوزات الإشارة الحمراء المقصود منه بالتأكيد التجاوزات التي تحدث عند الإشارات الضوئية التي بها كاميرات تلتقط حالات التجاوز، هذا يعني أن الإحصائية لا تشمل عدد المخالفات التي يتم ارتكابها من قبل بعض السائقين الذين يتجاوزون الإشارة الحمراء عند الإشارات الضوئية التي لا يوجد بها كاميرات مراقبة، ويعني أن حجم الاستهتار والذي بناء عليه تريد وزارة الداخلية إيجاد قانون جديد للمرور يغلظ العقوبات أكبر مما ذكر في الإحصاءات التي عرضها وزير الدولة على النواب لو توفرت الكاميرات عند كل الإشارات الضوئية وتم رصد كل تجاوزات السرعة.
كل تجاوز للإشارة الحمراء يعني احتمال حدوث إصابات بليغة وحالات وفاة، وبناء على الإحصائية التي تم عرضها فإن احتمالات حدوث الإصابات البليغة والوفيات المتوقعة يومياً تصل إلى ستين ضعفاً، حيث المنطق يفرض اعتبار أن احتمال الإفلات من الحوادث المتوقع أن تنتج عن كل تجاوز للإشارة الحمراء هو صفر، بمعنى أن أعداد الوفيات الناتجة عن هذه المشكلة يمكن أن تصل إلى أضعاف عدد هذه المخالفة، وكذلك عدد الإصابات البليغة، فإذا أضيف إلى هذا وذاك احتمالات الإصابات والوفيات عند تجاوز الإشارة الحمراء عند الإشارات الضوئيـــة غيــر المرصــودة بالكاميـــرات فإن هذا يعني ضرورة ألا ينفض الفصل التشريعي الثالث قبل أن يصدر قانون جديد للمرور يغلظ العقوبات بشكل لافت ويحمي المواطنين والمقيمين من هذا الاستهتار.
لكن هناك مسألة ينبغي أن تلتفت إليها إدارة المرور جيداً؛ وهي أن هذا القانون وهذه العقوبات المغلظة إن تم تطبيقها على «ناس وناس» فلن يكون لها أي قيمة، ذلك أن من حق الإنسان البسيط الذي يرتكب مخالفة أياً كان حجمها ونوعها أن يحتج ويسأل عن السبب وراء تطبيق القانون والعقوبة عليه واستثناء فلان أو علان، والذين يتم إخراجهم من الأبواب الخلفية.
إن كانت وزارة الداخلية وإدارة المرور جادة في إيجاد قانون جديد للمرور يتضمن عقوبات مغلظة تجد أن الحاجة إليها صارت ماسة؛ فإن عليها أن تطبقها على الجميع من دون استثناء، بل تطبقها على «أولاد الذوات» قبل «أولاد العبدة»، ليكونوا مثالاً ولتؤكد من خلال هذا أنها لا تستثني أحداً (شيء من هذا القبيل بدأ يتوفر هنا وفي بعض دول التعاون ونتمنى أن يستمر).
من دون هذا فإن جهد الداخلية والمرور ضائع حتى لو تم تغليظ العقوبة المغلظة نفسها مرات ومرات، فالقانون إن لم يشمل الجميع لن يحترم، والقانون إن استثنى أحداً لم يعد له أي قيمة حتى عند من تم استثناؤه.
سؤال يبحث عن إجابة؛ هل يصعب علينا نحن أهل البحرين الموغلة بلادنا في الحضارة والتاريخ والمتمدنة والمنفتحة على العالم أن نطبق القوانين التي تقرها المؤسسات التشريعية على الجميع من دون استثناء؟
الاستثناء في العقوبة يضيع جهد المرور والداخلية ويضيع كل جهد.