هنا رأيان مختلفان لا يمكن أن يلتقيا لأنهما يسيران في خطين متوازيين؛ الأول هو رأي «المعارضة» التي يبدو أنها تريد أن تقترب من الواقع والعقل، والثاني رأي «المعارضة» التي اختبأت في الخارج وابتعدت عن العقل وتستغل البسطاء الذين تصور لهم حياة مثالية بعيدة عن الواقع والمنطق.
أصحاب الرأي الثاني يقولون كلاماً يعبر عن توتر يعانون منه، ولا يمكن وصفه ووصفهم إلا بالتطرف. هنا أمثلة مما يقولون.
يقولون لا بأس من الذهـــاب إلى الحـــل السياسي ولكنه إن كان بلا قصاص فإنه فساد في الأرض كبير، ويقولون إن الحوار سيفرط في دماء من خسروا أرواحهم، ويقولون إنهم لا يأمنون طرفين في مسألة ضمان القصاص؛ دعاة الحوار والمنظمات الدولية. وتشكيكاً في توجهات الجمعيات السياسية يقولون إن الدعوة إلى القصاص تشكل عبئاً أخلاقياً على أي جهة تتبنى دور المعارضة وتمثيل الشعب لأن الالتزام بهذا الدور امتحان لإخلاصها ونواياها وهروبها منه أو المساومة به يشكل دعوة مفسدة في الأرض.
هؤلاء يقولون أيضاً إنه «لا تصالح»، ولن نتوقف عند أي «منعطف سياسي انهزامي»، و«من تعب فليس جديراً بحمل راية». هؤلاء لا يترددون عن توجيه الاتهامات للجمعيات السياسية وكل جهة تسعى إلى حل المشكلة، فيصفونها بـ«الحزبية الضيقـة» و«الفضوليــة»، وأنهـــا «أكلـــت فتعبت فأثقلت كاهل الثورة». هؤلاء أيضاً يرفضون ما هو معبر عن الواقع، فيقولون إن مقولة «الشعب تعب» كذب وإنها «دجل سياسي..حزبي .. انهزامي».
هذا الرأي المتطرف والذي لا يمكن أن يوصل إلى أي مفيد لابد من مواجهته، والمواجهة هنا لا تكون من قبل الحكومة؛ إنما من قبل الجمعيات السياسية التي كان لها دور في إيجاده بالتعاون مع أصحابه ودعمهم والحرص على كسب رضاهم، فلابد من مواجهة أصحاب هذا الرأي المتطرف الذين يلجؤون إلى المفردات «الثورية» الكبيرة، ويحاولون أن يظهروا أنفسهم وكأنهم قوة لا يستهان بها ولا يمكن تجاوزها في أي تسوية.
إن قوماً يقولون «لا تصالح» و«لا حوار» و«لا تنازلات» ويتهمون من وقف إلى جانبهم ولايزال بالحزبية والخيانة والانهزامية ويصرون على مسألة القصاص التي لا يمكن أن تتحقق واقعاً بسبب تعقدها، هؤلاء القوم لا يمكن أن يأتي منهم ما يدعم ويعزز أي توجه عاقل وواقعي يضع مصلحة الوطن في المقام الأول ويهتم بمصلحة المواطن الذي تعب من كل هذا الذي لا يراد له أن يتوقف.
هــذا لا يعنــي أن مــا تطرحــه الجمعيــات السياسية سليم مائة في المائة، وأنها لم تقع في أخطاء العناد ودعم الآراء المتطرفة فترة طويلة؛ بل والإعلان عن ذلك والتفاخر به، كما حدث في سار عندما رفع قيادي وفاقي علم ائتلاف فبراير بعدما عانق الملثم الذي صعد المنصة وهو يرتدي ثوب هذا التنظيم غير الشرعي. لكن المقارنة بين الرأيين تجعل المتابع يقول إن الجمعيات السياسية تحاول اليوم أن تقترب من الواقع، وصارت تقول، وإن على استحياء، إن الشعب تعب وإنه حان الوقت للتصالح وتقديم التنازلات التي لا تعتبر تنازلات، حيث التنازل من أجل الوطن ليس تنازلاً وليس هزيمة.
أياً كان موقف أولئك المتطرفين الذين يصرون على الابتعاد عن الواقع ويطالبون بأمور لا يمكن أن تتحقق حتى لو تم التوافق عليها، فإن مسؤولية «تعقيلهم» تقع على عاتق الجمعيات السياسية التي ينبغي أن تمارس دورها التاريخي بوضع حد لكل هذا الذي يقومون به، والذي لا يمكن أن يوصف إلا بالاستهتار.
لا مفر من الحوار ولا مفر من الحل السياسي ولا مفر من التوقف عن السير في خطوط متوازية، فالسير في خطوط متوازية أيضاً.. مفسدة!
{{ article.visit_count }}
أصحاب الرأي الثاني يقولون كلاماً يعبر عن توتر يعانون منه، ولا يمكن وصفه ووصفهم إلا بالتطرف. هنا أمثلة مما يقولون.
يقولون لا بأس من الذهـــاب إلى الحـــل السياسي ولكنه إن كان بلا قصاص فإنه فساد في الأرض كبير، ويقولون إن الحوار سيفرط في دماء من خسروا أرواحهم، ويقولون إنهم لا يأمنون طرفين في مسألة ضمان القصاص؛ دعاة الحوار والمنظمات الدولية. وتشكيكاً في توجهات الجمعيات السياسية يقولون إن الدعوة إلى القصاص تشكل عبئاً أخلاقياً على أي جهة تتبنى دور المعارضة وتمثيل الشعب لأن الالتزام بهذا الدور امتحان لإخلاصها ونواياها وهروبها منه أو المساومة به يشكل دعوة مفسدة في الأرض.
هؤلاء يقولون أيضاً إنه «لا تصالح»، ولن نتوقف عند أي «منعطف سياسي انهزامي»، و«من تعب فليس جديراً بحمل راية». هؤلاء لا يترددون عن توجيه الاتهامات للجمعيات السياسية وكل جهة تسعى إلى حل المشكلة، فيصفونها بـ«الحزبية الضيقـة» و«الفضوليــة»، وأنهـــا «أكلـــت فتعبت فأثقلت كاهل الثورة». هؤلاء أيضاً يرفضون ما هو معبر عن الواقع، فيقولون إن مقولة «الشعب تعب» كذب وإنها «دجل سياسي..حزبي .. انهزامي».
هذا الرأي المتطرف والذي لا يمكن أن يوصل إلى أي مفيد لابد من مواجهته، والمواجهة هنا لا تكون من قبل الحكومة؛ إنما من قبل الجمعيات السياسية التي كان لها دور في إيجاده بالتعاون مع أصحابه ودعمهم والحرص على كسب رضاهم، فلابد من مواجهة أصحاب هذا الرأي المتطرف الذين يلجؤون إلى المفردات «الثورية» الكبيرة، ويحاولون أن يظهروا أنفسهم وكأنهم قوة لا يستهان بها ولا يمكن تجاوزها في أي تسوية.
إن قوماً يقولون «لا تصالح» و«لا حوار» و«لا تنازلات» ويتهمون من وقف إلى جانبهم ولايزال بالحزبية والخيانة والانهزامية ويصرون على مسألة القصاص التي لا يمكن أن تتحقق واقعاً بسبب تعقدها، هؤلاء القوم لا يمكن أن يأتي منهم ما يدعم ويعزز أي توجه عاقل وواقعي يضع مصلحة الوطن في المقام الأول ويهتم بمصلحة المواطن الذي تعب من كل هذا الذي لا يراد له أن يتوقف.
هــذا لا يعنــي أن مــا تطرحــه الجمعيــات السياسية سليم مائة في المائة، وأنها لم تقع في أخطاء العناد ودعم الآراء المتطرفة فترة طويلة؛ بل والإعلان عن ذلك والتفاخر به، كما حدث في سار عندما رفع قيادي وفاقي علم ائتلاف فبراير بعدما عانق الملثم الذي صعد المنصة وهو يرتدي ثوب هذا التنظيم غير الشرعي. لكن المقارنة بين الرأيين تجعل المتابع يقول إن الجمعيات السياسية تحاول اليوم أن تقترب من الواقع، وصارت تقول، وإن على استحياء، إن الشعب تعب وإنه حان الوقت للتصالح وتقديم التنازلات التي لا تعتبر تنازلات، حيث التنازل من أجل الوطن ليس تنازلاً وليس هزيمة.
أياً كان موقف أولئك المتطرفين الذين يصرون على الابتعاد عن الواقع ويطالبون بأمور لا يمكن أن تتحقق حتى لو تم التوافق عليها، فإن مسؤولية «تعقيلهم» تقع على عاتق الجمعيات السياسية التي ينبغي أن تمارس دورها التاريخي بوضع حد لكل هذا الذي يقومون به، والذي لا يمكن أن يوصف إلا بالاستهتار.
لا مفر من الحوار ولا مفر من الحل السياسي ولا مفر من التوقف عن السير في خطوط متوازية، فالسير في خطوط متوازية أيضاً.. مفسدة!