هل أنت مخير أم مسير؟ إنه اللغز الذي حير البشرية ولم تهتدِ بعد إلى جوابه الفصل، سؤال انشغل به الفقهاء وتوسع فيه الفلاسفة، وتهرب منه عامة الناس مستسلمين لأقدارهم. وأغلب الذين تناولوا «اللغز» انتهوا إلى الإجابة التقليدية: إن الإنسان مخير مسير معاً. والزمن حاضر في عمق هذا «اللغز»، فحين نستعيد الماضي نتساءل كيف كان يمكننا أن نتجاوز ما وصلنا إليه؟، وحين نفكر في المستقبل نتساءل كيف نتجنب الخطأ والندم في اختياراتنا؟. سؤال الاختيار والجبر هو سؤال الزمن سؤال الماضي والمستقل معاً.
من الأفلام الأجنبية البديعة التي شاهدتها، فيلم عن آلة الزمن. بطل الفلم كان على موعد مع حبيبته في الحديقة العامة وأراد أن يهديها خاتم الزواج ليلة رأس السنة، لكن لصاً يحمل مسدساً فاجأهما محاولاً سرقة الخاتم، حاول البطل منع اللص وإبعاده لكن رصاصة طائشة انطلقت من مسدس اللص أصابت الفتاة وماتت على الفور، عمل البطل على اختراع آلة تعيده للزمن الماضي كي يقف عند اللحظة التي قتلت فيها حبيبته ويغير نهايتها، وتمكن بالفعل من إتمام اختراعه وعندما عاد لتلك اللحظة غير مكان اللقاء لكنه فوجئ بعربة جمح حصانها إلى الرصيف فدهست حبيبته وماتت على الفور. أيقن البطل أن تكرار العودة للزمن الماضي تعني تكرار النهاية نفسها ومواجهته لموت حبيبته بصور متعددة ولأسباب مختلفة، لذلك يئس من الماضي واستسلم لقدره المحتوم، فقرر تعديل وجهة آلته والهرب إلى المستقبل.
ومن المقالات العميقة التي ناقشت قضية الاختيار والجبر مقال الدكتور مصطفى محمود: «مسير أم مخير؟»، فعلى الرغم من أن الدكتور محمود لم يتمكن من التحرر من النتيجة المتفق عليها بأن الإنسان مخير مسير معاً، إلا أنه أعطى للحرية والاختيار المساحة الواسعة في مشهد الواقع الإنساني. حيث رأى أن ما يراه الناس معوقات للاختيار ومقيدات للحرية مثل العرق والسمات الجسمية وعوامل البيئة والشرائع الدينية والقوانين الوضعية، ليست إلا وسائل تعبر الحرية عن نفسها من خلالها، فلا معنى للحرية الصرفة دون عوائق وعقبات، واختيار الإنسان ينطلق من مقاومته للصعوبات ومواجهته للتحديات، فـ«الحرية مرتبطة باحتكاك الإنسان ببيئته وبظروفه ويلغيها أن يصبح الناس آلهة» يمتلكون كل ما يريدون ويحققون كل ما يصبون إليه دون عناء ودون تحدٍ ودون احتياج للآخر والتكامل معه. ويرى مصطفى محمود أن الإنسان عبر عن حريته أعظم تعبير حين تغلب على الطبيعة القاسية باكتشافاته واختراعاته، وحين قهر الأمراض الفتاكة في جولات عديدة، وحين تجاوز الحواجز الزمنية والمكانية وغير من وجه الأرض عشرات المرات عبر آلاف السنين.
والسؤال الذي نطرحه عادة على أنفسنا: لو عاد بنا الزمن للماضي هل كنا سنثبت على اختياراتنا ذاتها؟ هل كنا سندرس تخصصاتنا نفسها؟ ونعمل في الأماكن التي نحن فيها الآن؟ هل كنا سنختار شريك الحياة نفسه والأصدقاء أنفسهم؟ أم أننا سنتجنب الكثير مما «تورطنا» فيه؟، هل سنغير القرارات التي «ندمنا» عليها؟ والجواب ببساطة أننا سنتحاشى الكثير من اختياراتنا لأن الغيب قد كشف لنا وصار واقعاً وعرفنا النتائج وتكشفت لنا حقائق لم نكن نعلم بها سابقاً!!
نحن الآن نعيش لحظة الاختيار ونصنع أقدارنا بأنفسنا، جميعنا يتمنى لو يعرف ما ستنتهي إليه خياراتنا، جميعنا يتمنى لو يتجنب المفاجآت ويتنبأ بالموجات المتغيرة، لكن ذلك كله مخبأ في علب الزمن التي يفتحها لنا علبةً علبة ويفاجئنا بمحتواها خيراً أو شراً. والزمن يثبت لنا دائماً أنه الخصم القوي للإنسان، وأنه الجنرال القاهر الذي لا يصمد محاربٌ في وجهه. الزمن لا يعود للوراء أبداً، ولا يفشي لنا أسرار المستقبل مطلقاً، وقضية الإنسان مع الزمن خاسرة. فلا أحد، في واقع الأمر، يستطيع أن يقول للزمن ارجع يا زمان!!
من الأفلام الأجنبية البديعة التي شاهدتها، فيلم عن آلة الزمن. بطل الفلم كان على موعد مع حبيبته في الحديقة العامة وأراد أن يهديها خاتم الزواج ليلة رأس السنة، لكن لصاً يحمل مسدساً فاجأهما محاولاً سرقة الخاتم، حاول البطل منع اللص وإبعاده لكن رصاصة طائشة انطلقت من مسدس اللص أصابت الفتاة وماتت على الفور، عمل البطل على اختراع آلة تعيده للزمن الماضي كي يقف عند اللحظة التي قتلت فيها حبيبته ويغير نهايتها، وتمكن بالفعل من إتمام اختراعه وعندما عاد لتلك اللحظة غير مكان اللقاء لكنه فوجئ بعربة جمح حصانها إلى الرصيف فدهست حبيبته وماتت على الفور. أيقن البطل أن تكرار العودة للزمن الماضي تعني تكرار النهاية نفسها ومواجهته لموت حبيبته بصور متعددة ولأسباب مختلفة، لذلك يئس من الماضي واستسلم لقدره المحتوم، فقرر تعديل وجهة آلته والهرب إلى المستقبل.
ومن المقالات العميقة التي ناقشت قضية الاختيار والجبر مقال الدكتور مصطفى محمود: «مسير أم مخير؟»، فعلى الرغم من أن الدكتور محمود لم يتمكن من التحرر من النتيجة المتفق عليها بأن الإنسان مخير مسير معاً، إلا أنه أعطى للحرية والاختيار المساحة الواسعة في مشهد الواقع الإنساني. حيث رأى أن ما يراه الناس معوقات للاختيار ومقيدات للحرية مثل العرق والسمات الجسمية وعوامل البيئة والشرائع الدينية والقوانين الوضعية، ليست إلا وسائل تعبر الحرية عن نفسها من خلالها، فلا معنى للحرية الصرفة دون عوائق وعقبات، واختيار الإنسان ينطلق من مقاومته للصعوبات ومواجهته للتحديات، فـ«الحرية مرتبطة باحتكاك الإنسان ببيئته وبظروفه ويلغيها أن يصبح الناس آلهة» يمتلكون كل ما يريدون ويحققون كل ما يصبون إليه دون عناء ودون تحدٍ ودون احتياج للآخر والتكامل معه. ويرى مصطفى محمود أن الإنسان عبر عن حريته أعظم تعبير حين تغلب على الطبيعة القاسية باكتشافاته واختراعاته، وحين قهر الأمراض الفتاكة في جولات عديدة، وحين تجاوز الحواجز الزمنية والمكانية وغير من وجه الأرض عشرات المرات عبر آلاف السنين.
والسؤال الذي نطرحه عادة على أنفسنا: لو عاد بنا الزمن للماضي هل كنا سنثبت على اختياراتنا ذاتها؟ هل كنا سندرس تخصصاتنا نفسها؟ ونعمل في الأماكن التي نحن فيها الآن؟ هل كنا سنختار شريك الحياة نفسه والأصدقاء أنفسهم؟ أم أننا سنتجنب الكثير مما «تورطنا» فيه؟، هل سنغير القرارات التي «ندمنا» عليها؟ والجواب ببساطة أننا سنتحاشى الكثير من اختياراتنا لأن الغيب قد كشف لنا وصار واقعاً وعرفنا النتائج وتكشفت لنا حقائق لم نكن نعلم بها سابقاً!!
نحن الآن نعيش لحظة الاختيار ونصنع أقدارنا بأنفسنا، جميعنا يتمنى لو يعرف ما ستنتهي إليه خياراتنا، جميعنا يتمنى لو يتجنب المفاجآت ويتنبأ بالموجات المتغيرة، لكن ذلك كله مخبأ في علب الزمن التي يفتحها لنا علبةً علبة ويفاجئنا بمحتواها خيراً أو شراً. والزمن يثبت لنا دائماً أنه الخصم القوي للإنسان، وأنه الجنرال القاهر الذي لا يصمد محاربٌ في وجهه. الزمن لا يعود للوراء أبداً، ولا يفشي لنا أسرار المستقبل مطلقاً، وقضية الإنسان مع الزمن خاسرة. فلا أحد، في واقع الأمر، يستطيع أن يقول للزمن ارجع يا زمان!!