«الرجاء فيمن خان الأمانة هو رجاء لا يأتي بخير، بل الشر كله، وإن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين».. غيوم ملبدة وأصوات مبهمة وشائعات منتشرة، وملامح غامضة، وإشارات تثير التساؤل؛، ما الذي سيكون عليه الوضع وما سيؤول إليه الحال؟ هناك تساؤلات وتوجسات وعلامات تثير التشاؤم إلى حد الصدمة، خصوصاً بعدما أطلق سراح مساعد الأمين العام للوفاق، وما قد يلي هذا الإجراء من مصالح تتحقق للوفاق، وذلك بعدما كانت الدولة مصممة على تطبيق القانون وإنفاذ الأحكام بعد توصيات المجلس الوطني التي جاءت إثر تفجيرات الرفاع.
إن وتيرة الإرهاب تتصاعد، وذلك كلما أطمأنت الوفاق إلى مزيد من تحقيق الأهداف والضغط على الدولة، ما دفع بميليشياتها إلى مضاعفة الجرائم الإرهابيــــة، وما التفجيرات الأخيرة التـــي ذهب ضحيتها رجال الأمن إلا دليل على نشوة الوفاق بأنها ستتحقق مطالب قد لا تحلم بها، وعادة الوفاق أن تعبر عن نشوتها وابتهاجها بزيادة الإرهاب، وذلك حين تضمن الغلبة، وقد تكون هناك تطمينات لها من جانب الوسيط الذي ينتظر نصيبه في 2014، وقد تكون له وزارة، هذه الهواجس أصبحت تشكل هماً ثقيلاً يعيشه أهل الفاتح، في الوقت الذي كانوا فيه متفائلين بقبضة الدولة على زمام الأمن المنفلت في مناطق البحرين، وفي الوقت الذي يترقب فيه أهل الفاتح بشارة إعلان الاتحاد الخليجي أو الاتحاد بين البحرين والسعودية، لكن شعور التفاؤل بدأ يضمحل إلى درجة التشاؤم، ومنذ غد لن يعرف ماذا سيكون عليه أهل الفاتح، ومدى قابليتهم للتعايش مع المستقبل الذي يعرف عنه الطرف الآخر الكثير، أما بالنسبة لأهل الفاتح فقط يقرؤون ما وراء الأخبار والأحكام.
إن تصالح الدولة مع ميليشيات إرهابية طالبت بإسقاط النظام، وشخصيات تعتبر شراء الدولة للسلاح جريمة -وهي ذاتها من تصدت لميزانية تسليح الجيش، ومازالت حتى هذه الساعة تتصدى لتسليح الدولة، وفي الوقت نفسه تطالب بإدماج ميليشياتها في الجهاز الأمني والجيش- يدل أن هناك نية مبيتة، وكذلك يدلل بأن الدولة قد لا تعمل بتوصيات المجلس الوطني، بل بالعكس قد تكون هذه التوصيات تتحول إلى صالح الوفاق.
إن أهل الفاتح في الوقت الذي يسمعون فيه عن أحكام تطال من يتطاول على نظام في دولة خليجية ويتم تطبيق القانون عليه دون تراجع، وذلك حفاظاً على أمن واستقرار هذه الدولة، وقطع يد كل من يحاول أن يمد لسانه، أو من تسول نفسه مد يده للإخلال بأمنها، بينما تصيبهم حالة من التساؤل والاستغراب؛ لماذا لا تطبق الدولة القانون كما تطبقه الدول الخليجية والدول الغربية وكذلك أمريكا، والتي تحاسب على كل تغريدة أو تعويذة تطال الرئيس أو تسيء إلى الدولة.
إن أهل الفاتح قد يصبرون على إرهاب الوفاق، ولكن لا يقدرون أن يعيشوا صدمة تمكن الوفاق من الدولة، حيث إن أهل الفاتح بعد 14 فبراير 2011 لم يعودوا كما كانوا من قبل، فقد عاشوا جحيم المؤامرة، كما يعيشون اليوم إرهاب الوفاق الذي أكد بأنه لن يكون هناك أمن إذا تمكنت الوفاق، فالأمن والاستقرار سيكون أوهن من بيت العنكبوت، وذلك حين ستكون أداة الإرهاب في يد الوفاق التي لن تتخلى عنه ما لم تصل إلى سدة الحكم.
إنه شعور غير مريح يتساءل فيه أهل الفاتح؛ ماذا بعد الشائعات؟ وماذا بعد إطلاق سراح مساعد الأمين العام للوفاق؟ حيث سبقتها شائعة بأن جزءاً من مبادرات الدولة إطلاق سراح المدعو خليل مرزوق، وستليها إجراءات تصب لمصلحة الوفاق، خصوصاً وأن لهجة الوفاق تتغير بعض الشيء وتطالب بإسكات أهل الفاتح الذين كشفوا خزاياها؛ تطالب بإسكاتهم لتكون جزءاً من حسن النوايا من الدولة، وها هم أهل الفاتح يتتبعون الخطوات القادمة، وإذا ما تم كتم صوت الحق، لكي يفسح المجال للباطل ويتمكن، هذا الباطل الذي يسب ويشتم ويتآمر ويفبرك الأخبار ويزور الحقائق ويخرج على القنوات الأجنبية والإيرانية ويمارس الكذب في مواقعه الرسمية المرخصة من الدولة، ويبث الشائعات المغرضة ويصف الدولة ورموزها بأبشع الأوصاف، ويمارس الإرهاب بكل أنواعه ووسائله ويهدد ويتوعد، وما يقابله فقط كتاب يكتبون ويعبرون عن مشاعرهم وحرقة قلوبهم ويقدمون الدليل والبرهان ويكشفون الحقائق، فإذا سكتت هذه الأقلام وهذه الأصوات، فهو دليل بأن الشائعات هي صفقة كسبتها الوفاق مقابل خسران أهل الفاتح الذين قد لا يحزنهم في هذا الخسران إلا فقدان شيء جميل وثمين ألا وهو دولة تطبق القانون كما تطبقه الدول الأخرى التي تقتلع جذور الإرهاب من أصله حفاظاً على الدولة ومستقبل أبنائها وأجيالها، والتي لن تستطيع أن تتنفس حتى الهواء إذا ما تم تمكين الوفاق، وهذا واقع وليس مجرد كلام والعراق خير مثال.
لأهل الفاتح..
إن الوطن يحتاج إلى رجال مخلصين، فرص الصفوف ووحدة الكلمة ونبذ الخلاف هو السلاح الذي سيسقط المؤامرة، وإن تخلخل شارع الفاتح يسعد الوفاق ونتمنى أن تنغصوا عليها فرحتها بإعادة ترتيب الصفوف وأن يكون رجالات الفاتح على قدر المسؤولية والأمانة التي سيسألهم الله عنها يوم القيامة.