دولة لم يكن لها وجود قبل العام 1963 وأخرى سحقتها الحروب لتتنفس بهدنة في العام 1953، فجاء بائع للموز ليقفز بالأولى، وجامع للقمامة ليجعل من الثانية صاحبة خامس اقتصاد في العالم، فكيف حدث ذلك؟
ماليزيا لم تكن دولة بمفهوم الدولة الموحدة إلا بعد العام 1963 وحتى بعد هذا التاريخ بقي سكانها يقطنون الغابات معتمدين على زراعة الموز والمطاط وصيد الأسماك، حتى العام 1981، إذ وصل إلى سدة الحكم مهاتير محمد بائع الموز السابق والطبيب الجراح والسياسي المحنك والمفكر الاقتصادي ليغير وجه ماليزيا ويقفز بها ليراها العالم، أما كوريا الجنوبية فقد عانت الأمرين من حروب طاحنة دمرتها وجعلتها من أفقر دول العالم حتى حصلت على هدنة أوقفت الحرب في العام 1953 قررت بعدها هجر الحروب وبناء الدولة فتطورت اقتصادياً وصناعياً، حتى وصل «لي ميونغ باك» إلى قصرها الرئاسي، هذا الرجل الذي عمل جامعاً للقمامة في النهار وطالباً في الليل جعل من اقتصاد كوريا الجنوبية خامس اقتصاد عالمياً.
لهذه الطفرة أسباب شرحها قادة النهضة في البلدين، فمهاتير محمد الذي حلم بشراء دراجة هوائية تقله إلى المدرسة باع الموز حتى حقق حلمه ثم دخل كلية الطب بسنغافورة وفتح عيادته في ماليزيا وكبر حلمه ليرى من خلاله مستقبل ماليزيا الاقتصادي، وصل إلى السلطة بعد تدرج سياسي فرسم خريطة ماليزيا وجعل التعليم على رأس أجندته وخصص له أكبر قسم في ميزانية الدولة، وركز على الكادر الوسطي في مجال الصناعة عندما أنشأ معاهد التدريب المهني، ثم طور الصناعة وعمل على بناء الإنسان فتضافرت هذه المحاور لتوصل ماليزيا إلى ما وصلت إليه اليوم، أما «لي ميونغ باك» فقد عاش طفولة معتمدة على مساعدات الآخرين وأنهى دراسته الثانوية بصعوبة بالغة ولم يتمكن من دفع مصاريف الجامعة إلا بعد أن عمل جامعاً للقمامة، حلم بأن يعمل موظفاً في شركة هونداي فحقق حلمه وتدرج حتى أصبح مديرها التنفيذي، ثم تركها ليصبح عمدة سيول، ثم رئيساً للبلاد عام 2007، ليرفع اقتصاد بلاده التي لا تمتلك موارد طبيعية، إلا أنه يعد جودة التعليم هي السبب في هذا التطور، وببساطة شديدة قفز هؤلاء بوجود عاملين الأول طموح شخصي أوصلهم للسلطة، وتركيز على التعليم.
أما نحن فنعيش في بلدان حباها الله بثروات نفطية، قفزت بعد امتلاك الثروة لكنها قفزة نحو بناء حضارة أسمنتية وتطور في الخدمات والرفاهية، وكلها أمور استهلاكية ترتبط بموارد النفط لا بصناعة إنسان ينتج ويبني اقتصاده بنفسه، ونعاني من تعليم بميزانيات متواضعة لا يمكن أن تعود مخرجاته علينا بنهضة وقفزة تخرجنا من دول العالم الثالث. القفزة الحقيقية تأتي بعد الشعور بالمعاناة والخوف من المستقبل، المصحوبان بالطموح والأحلام، فهل من قفزة تنقلنا إلى ما وصل إليه بائع الموز وجامع القمامة؟
ماليزيا لم تكن دولة بمفهوم الدولة الموحدة إلا بعد العام 1963 وحتى بعد هذا التاريخ بقي سكانها يقطنون الغابات معتمدين على زراعة الموز والمطاط وصيد الأسماك، حتى العام 1981، إذ وصل إلى سدة الحكم مهاتير محمد بائع الموز السابق والطبيب الجراح والسياسي المحنك والمفكر الاقتصادي ليغير وجه ماليزيا ويقفز بها ليراها العالم، أما كوريا الجنوبية فقد عانت الأمرين من حروب طاحنة دمرتها وجعلتها من أفقر دول العالم حتى حصلت على هدنة أوقفت الحرب في العام 1953 قررت بعدها هجر الحروب وبناء الدولة فتطورت اقتصادياً وصناعياً، حتى وصل «لي ميونغ باك» إلى قصرها الرئاسي، هذا الرجل الذي عمل جامعاً للقمامة في النهار وطالباً في الليل جعل من اقتصاد كوريا الجنوبية خامس اقتصاد عالمياً.
لهذه الطفرة أسباب شرحها قادة النهضة في البلدين، فمهاتير محمد الذي حلم بشراء دراجة هوائية تقله إلى المدرسة باع الموز حتى حقق حلمه ثم دخل كلية الطب بسنغافورة وفتح عيادته في ماليزيا وكبر حلمه ليرى من خلاله مستقبل ماليزيا الاقتصادي، وصل إلى السلطة بعد تدرج سياسي فرسم خريطة ماليزيا وجعل التعليم على رأس أجندته وخصص له أكبر قسم في ميزانية الدولة، وركز على الكادر الوسطي في مجال الصناعة عندما أنشأ معاهد التدريب المهني، ثم طور الصناعة وعمل على بناء الإنسان فتضافرت هذه المحاور لتوصل ماليزيا إلى ما وصلت إليه اليوم، أما «لي ميونغ باك» فقد عاش طفولة معتمدة على مساعدات الآخرين وأنهى دراسته الثانوية بصعوبة بالغة ولم يتمكن من دفع مصاريف الجامعة إلا بعد أن عمل جامعاً للقمامة، حلم بأن يعمل موظفاً في شركة هونداي فحقق حلمه وتدرج حتى أصبح مديرها التنفيذي، ثم تركها ليصبح عمدة سيول، ثم رئيساً للبلاد عام 2007، ليرفع اقتصاد بلاده التي لا تمتلك موارد طبيعية، إلا أنه يعد جودة التعليم هي السبب في هذا التطور، وببساطة شديدة قفز هؤلاء بوجود عاملين الأول طموح شخصي أوصلهم للسلطة، وتركيز على التعليم.
أما نحن فنعيش في بلدان حباها الله بثروات نفطية، قفزت بعد امتلاك الثروة لكنها قفزة نحو بناء حضارة أسمنتية وتطور في الخدمات والرفاهية، وكلها أمور استهلاكية ترتبط بموارد النفط لا بصناعة إنسان ينتج ويبني اقتصاده بنفسه، ونعاني من تعليم بميزانيات متواضعة لا يمكن أن تعود مخرجاته علينا بنهضة وقفزة تخرجنا من دول العالم الثالث. القفزة الحقيقية تأتي بعد الشعور بالمعاناة والخوف من المستقبل، المصحوبان بالطموح والأحلام، فهل من قفزة تنقلنا إلى ما وصل إليه بائع الموز وجامع القمامة؟